عاجل
الخميس 18 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
أم الشهيد للشرفاء: جاء يوم الوفاء

أم الشهيد للشرفاء: جاء يوم الوفاء

بقلم : أيمن عبد المجيد

لم يخطر ببالي يومًا، أن أستمع لأصوات شهداء ارتقوا لجنات الخلد بالسماء، عن وصف ما كُنت أحد شهوده اليوم بالندوة التثقيفية السابعة والعشرين، تعجز الكلمات.



نعم تحدث الشهداء، عبر جذورهم، فما هم إلا فلذات أكباد أمهاتهم، هؤلاء الأمهات الشامخات اللاتي وقفت أقدامهن على مسرح "المنارة" للمؤتمرات، بينما كانت رؤسهن تناطح عنان السماء، رفعة وكرامة وفخرًا وقوة عزيمة.

كانت الأمهات الشامخات، تتحدثن بلسان أبنائهن، شهدائنا، تغزلن بعبارات قوية نسيج الوطن، تُشعرنا بالتضاؤل أمام تضحياتهم، بالضعف أمام قوتهن، بالجهل أمام وعيهن الفطري.

كان حديث أمهاتنا، أمهات الشهداء، أعظم رد على السؤال الذي يحير العالم من أين للجندي المصري هذه العزيمة والعقيدة القتالية؟!، لتأتي الإجابة من هذه الأرض الطيبة، التي نبتت في أحشائها أجنة الشهداء، من هذه الأسر الوطنية، آباء وأمهات غرسوا في أطفالهم بذور الوطنية، قبل أن يتولى مصنع الرجال، الجيش، مسؤولية تدريبهم وتأهيلهم لتحمل المسؤولية.

كلمات الآباء والأمهات، الصامدين والصامدات، عجز غالبية من بالقاعة تحملها، فانهمر الكثيرون منا في البكاء، ذرفت عيناي الدمع تحت وطأة الكلمات التي كانت تخرج من القلب، فوصلت لقلوب المستمعين، كان على يساري لواء أركان حرب، قائد عظيم، ذرفت عيناه الدمع، كنت أسمعه يتمتم يا حبيبتي يا أمي رفقًا، بأم الشهيد، وفخرًا بصلابتها وقوتها ورسائلها البليغة.

"لو استشهدت أوعي تزعلي عليا"، عبارة قالها الطالب أحمد خالد زهران، لوالدته السيدة نورا، وهي تودعه خلال ذهابه للكلية الحربية في اليوم الأول، تقول الأم تعجبت: "ليه بتقول كده يا حبيبي أنت رايح الكلية ولا رايح حرب؟"، تضيف الأم، غيّر الموضوع حفاظًا على مشاعري: "متزعليش يا أمي مش هجيب سيرة الموضوع ده تاني".

"ادعي لي يا أمي أروح سيناء"، طلب من أمه يوم تخرجه، فكان ردها: "يا ابني ليه عاوز توجع قلبي عليك"، .. "ليه يا أمي هي مصر ترابها ما يستهلش؟!".. ابني كان على يقين إنه هينول الشهادة.. الشهيد هو الابن الوحيد إلى جوار شقيقتيه.

بذل الشهيد أحمد زهران دمه فداء لتراب مصر الغالي، فماذا نحن فاعلون؟! ألا يستحق تراب مصر أن نعمل بإخلاص، وأن نرد الجميل للشهيد.

الشهيد ابن الشهيد، مقدم أحمد حسين سيد أحمد، نجل الشهيد لواء حسين سيد أحمد، وقفت والدة الشهيد، وأرملة الشهيد، متحدثة، أمامنا، قالت: لم أقف بينكم لألقي خطبة، ولم أعد ورقة لألقي كلمة، بل سأحدثكم بما في قلبي: "أنا أم الشهيد ابن الشهيد اللواء حسين السيد حسن، ابني اغتاله الإرهاب الأسود بعد خروجه بعشر دقائق فقط من منزله"،

"إحنا يوم 30 يونيو طلعنا نستغيث ونقول إلحقنا يا ريس مصر كانت هتضيع، لولا فضل الله، ثم الرئيس السيسي، الذي أنقذ مصر وعمل إنجازات في أربع سنوات لم نشهدها خلال الـ30 عامًا الماضية، الإنجازات مش محتاجة أذكرها، لأننا جميعًا شيفينها، لكن بقول للمصريين الشرفاء جاء يوم الوفاء، لازم ننزل نثبت للعالم إننا خلف جيشنا وشرطتنا إيد واحدة، تحيا مصر السيسي، الذي رجع لمصر هيبتها والأمن والأمان، وحفظ كرامة المواطن المصري".

"للمصريين الشرفاء جاء يوم الوفاء"، رسالة أم شهيد، لديها يقين أن دماء ابنها التي بذلت لن تضيع هباءً، فبدماء الشهداء تروى شجرة الأوطان لتثمر أمن ورخاء ونماء، من أجل الشرفاء ضحى الشهداء، ومن حق الشهداء أن نرد على تضحياتهم بالوفاء لهذه الدماء الطاهرة، ومصر الآن تنتظر من كل شريف ساعة من وقته يذهب فيها لصندوق الانتخابات ليقول كلمته، ليشاهد العالم مشاركة المصريين في قرار العبور إلى المستقبل.

نعم عبور، فسفينة الوطن تُبحر في محيط متلاطم الأمواج، والاستحقاق الرئاسي يعبر بها لبر الأمان، في مداخلة له خلال الندوة التثقيفية التي تنظمها القوات المسلحة المصرية، ذكّر الرئيس الفنان محمد فؤاد، بأسئلة النخبة في مسرح الجلاء، منذ قرابة ست سنوات: "فاكر يا محمد لقاء مسرح الجلاء، سألتم يومها وأجبناكم: هنموت ومش هنسيبكم، نفذنا عهدنا وأنتم عليكم عهد انجزوا عهدكم.. البلد أصبحت بلد بدماء الشهداء".

بليغة تلك الرسائل التي تضمنها حفل تكريم الشهداء، هؤلاء المصريون، الذين لم تفرق رصاصات الغدر بينهم، فهناك كان الشهيد أندرو والشهيد أحمد، لا فرق بين مصري مسلم أو مسيحي، والشهيدة رقيبة أسماء أحمد إبراهيم، والمرأة في المعركة إلى جوار الرجل، تكريم شهداء انتصار أكتوبر 1973، وتكريم شهداء الحرب ضد الإرهاب، حتى شهداء العملية الشاملة، التي تسطر بطولاتها الآن في سيناء، تكريم أسر الشهداء، وتكريم المصابين، بل وتكريم أبطال معارك سيناء، فالوفاء للشهداء، الأحياء عند ربهم يرزقون، وللأحياء بيننا حماة أرضنا.

أمام تلك المواقف ظهر عبدالفتاح السيسي الإنسان، أبًا حنونًا يحتضن أبناء الشهداء، حبيبة وعمر، وابنة الرقيب شهيد أسماء إبراهيم، كانت تمتمات حضور تصدربعفوية: "ربنا يُجبر بخاطرك يا ريس"، وهو يصحب الطفلين حبيبة وعمر إلى مقعده، وهو يخفف آلام أب مكلوم بكلمات تربط على قلوبهم، وهو يحنو على أم يقبل رأسها، وهو يمعن في الاستماع لمطلب، أو يسرع الخطى لاستقبال أب أو أم مسنة.

كان المستقبل مع الحاضر كتفًا بكتف مع القادة، وقف طلاب من الكليات العسكرية، إلى جوار أبطال من مقاتلي العملية الشاملة بسيناء، وبينهم الرئيس القائد، وعن يمينه ويساره وزيرا الدفاع والداخلية، الصورة رسالة بليغة، المستقبل والحاضر كتف بكتف، خلف الشهداء أسود يقاتلون لتطهير الوطن، وأسود سيلحقون بهم، مصر ولادة.

الجميع مكرمون، على منصة التكريم وقفت المنتقبة، والمسيحية، والأم البسيطة المصرية، جميع المصريين مقاتلون، في حرب: "إنقاذ الدين من تشويه المتطرفين"، قالها الرئيس قولًا وفعلًا.

قالتها أم الشهيد: للمصريين الشرفاء جاء يوم الوفاء.. وقبلها قالت أم أخرى: "أبناؤنا ضحوا بدمائهم فلا تبخلوا بأصواتكم".. لا والله لن يتخلف شريف عن واجبه الوطني، ولن نخون دماء الشهداء، ولن نحقق أهداف قاتليهم الداعين لمقاطعة الانتخابات.

يقول المواطن البسيط محمد عبدالرازق والد الشهيد أحمد عبدالرازق: "ابني قبل استشهاده قال لي: يا بابا لو عندك زرعة في أرضك اتحرقت ممكن تزرع غيرها، لكن لو ضاعت بلدنا مش ممكن ترجع، واحنا مش هنسيب بلدنا تضيع هنحميها بأرواحنا".. لا حديث بعد حديث الشهداء.

[email protected]

 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز