عاجل
الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
قضية عبد الله السعيد .. أزمة مجتمع

قضية عبد الله السعيد .. أزمة مجتمع

بقلم : أسامة سلامة

هى قضية رياضية بالأساس، صراع بين ناديين على التعاقد مع لاعب، وهو أمر يحدث كثيرًا فى عالم كرة القدم، وعادة ما تحدث ضجة عند انتقال لاعب من نادٍ إلى الفريق المنافس له، وهو أمر تكرر أكثر من مرة فى الدوريات العالمية، ويصاحب هذه الانتقالات تراشق لفظى بين مشجعى الفريقين، واتهامات للاعب المنتقل بالخيانة، ثم ينتهى الأمر مع مرور الوقت.



 ولكن قضية عبدالله السعيد كانت كاشفة لأزمات المجتمع المصرى ككل وليس على مستوى الرياضة فقط.

مجتمعنا يعانى فى كل مستوياته من حالة استقطاب حادة، وإن كانت فى قضية السعيد أهلى وزمالك، فإنها على مستوى السياسة موالاة ومعارضة، وكثير من المنتمين للطرفين يوجهان لبعضهما اتهامات قاسية، فكل ما تفعله الحكومة فى نظر بعض المعارضين  سيئ، وجميع تصرفات المعارضة فى نظر المهللين للحكومة خيانة، وعدد غير قليل من مادحى الحكومة يتهمون المعارضين بأنهم عملاء وممولون من الخارج وتتصاعد الاتهامات إلى حد وصفهم بأنهم إخوان أو موالون لهم، ويرد بعض المعارضين الصاع صاعين ويتهمون الموالين للحكومة بالنفاق والبحث عن المصالح الخاصة على حساب مصالح الوطن، وتصل الاتهامات إلى أنهم عملاء لأجهزة الأمن ويكتبون التقارير فى زملائهم، يحدث هذا الاستقطاب الحاد رغم أنه من الطبيعى وجود معارضين ومؤيدين للحكومة، لا أنكر أن هناك من يعارض ليس لأهداف وطنية وهؤلاء قلة، كما أن هناك من الموالين من ينافق بحثًا عن مكاسب صغيرة، وهؤلاء موجودون فى كل العصور، ولكن المشاهدين لبرامج التوك شو والمتابعين لوسائل التواصل الاجتماعى يعرفون أن حالة الاستقطاب السياسى تتزايد واتهامات التخوين السياسى تتنامى، وهو أمر خطير على المجتمع إذا لم نواجهه بحسم، وندرك  أن وجود المعارضة لا يقل أهمية عن الموالاة للحكومة، مرض التكفير فى المجتمع  يتعدى السياسة إلى الدين وخاصة لدى المتطرفين الذين يعتبرون من يخالفهم فى الدين عدوًا، وهؤلاء يعلون من نظرية المؤامرة، ويعتقدون أن هناك مؤامرات كونية على الإسلام، المتطرفون يرون أن الأقباط عملاء الغرب الصليبى وأنهم ينفذون مخططًا لهدم الإسلام، وفى المقابل فإن أى حادث ضحيته مسيحى فى نظر المتعصبين اضطهاد ممنهج وخطة لتفريغ مصر من الأقباط، ويصل الأمر لدى بعض الجماعات الإرهابية التى ترفع راية الإسلام زورًا إلى تكفير غير المنتمين لهم وإباحة قتلهم واستحلال دمائهم، وبين المسيحيين هناك من الأرثوذكس من لا يعترف بمعمودية الكاثوليك والبروتستانت والعكس أيضًا.

قضية عبدالله  السعيد  كانت كاشفة  لأزمات أخرى  فى  مجتمعنا،  فعلى  الجانب  الاقتصادى أدى  التنافس بين الأهلى والزمالك على ضم اللاعب إلى  ارتفاع سعره لأرقام غير مسبوقة فهل قام الناديان بدراسة اقتصادية قبل تقديم عروضهما للاعب، أم إن الأمر تم بطريقة كيد النسا والمهم الفوز بالصفقة مهما كانت النتائج، سيقول البعض إن الأهلى سيكسب من الصفقة بعد إعارة اللاعب أو بيعه بسعر أعلى مما تم التعاقد به معه، وينسى هؤلاء أن ارتفاع سعر اللاعب سيتبعه ارتفاع تعاقدات كل اللاعبين فى الفريق وأيضًا تعاقدات ورواتب اللاعبين والمدربين فى الألعاب الأخرى مثل: السلة واليد والطائرة والسباحة وغيرها من الرياضات، وكلها لا تحقق مكاسب، وهو ما قد يؤثر سلبًا على ميزانية النادى، وأخشى أن تكون بعض القرارات الاقتصادية تتم بنفس الطريقة ودون دراسة كافية، القضية نفسها كشفت عن العشوائية ليست فقط لدى الناديين، ولكن لدى لاعب بحجم عبدالله السعيد وهو نموذج لكثير من المواطنين والمسئولين  الذين يتخذون  قرارات دون دراسة أو مشورة، وهو ما يؤثر عليهم ويضعهم فى مأزق كبير، عبدالله وقع عقودًا مع نادى الزمالك وقبض جزءًا كبيرًا من عقده ثم وقع  للأهلى، وهو ما قد يؤدى إلى إيقافه عن اللعب لعدة أشهر، وكل ذلك لأنه لم يستعن بخبير قانونى يرشده إلى التصرف الأمثل، ولأنه أيضًا نظر إلى مكسب سريع فخسر كثيرًا، والخطير أن بعض المسئولين يتصرفون مثل السعيد ويصدرون قرارات عشوائية ثم يتراجعون عنها، ولكن بعد الخسارة،  أيضًا تكشف القضية عن التفاوت الطبقى فى المجتمع كله ولاعبى كرة القدم جزء منه، الملايين التى حصل عليها السعيد توازى قيمة كثير من أندية الأقاليم مجتمعة، وهناك لاعبون يحصلون على ملاليم ولا يجدون بعد اعتزالهم ما يعينهم على الحياة الكريمة، نعم إمكانيات اللاعبين وقدراتهم تتفاوت وتختلف معها قيمة كل منهم، ولكن يجب إنقاذ  فقراء الرياضيين ومحدودى الدخل منهم وهم الأغلبية، واتخاذ إجراءات لحمايتهم مثلما تفعل الدولة الآن مع المواطنين الفقراء وإن كان الفقراء وأبناء الطبقة الوسطى مازالوا فى حاجة إلى مزيد من الإجراءات التى تساعدهم على تحمل تبعات القرارات الاقتصادية وتحرير سعر الصرف وزيادة أسعار الكهرباء والبنزين والغاز والمياه وارتفاع أسعار السلع عمومًا، قضية عبدالله السعيد ليست لها أبعاد غير كروية، ولكنها كاشفة لأزمات مجتمعنا. 

 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز