عاجل
الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
هل نحن مستعدون لتسويق قوة مصر الناعمة؟

هل نحن مستعدون لتسويق قوة مصر الناعمة؟

بقلم : د. شريف درويش اللبان

في ندوة «الثورة الرقمية وتحولات القوى الناعمة» في إطار المحور الرئيس لندوات معرض القاهرة الدولي للكتاب الماضي، وقمت بإدارتها والتحدث فيها، قال د. جلال الدين الجميعي، أستاذ الكيمياء بكلية العلوم جامعة حلوان الحائز على جائزة النيل في العلوم الأساسية إن الثورة الرقمية والإلكترونية تُعتبر أحد مصادر القوة لبعض الدول الكبرى الآن، الذي تستخدمه في أغراض عديدة لممارسة السيطرة على الدول الأخرى، وهذا المفهوم يعود إلى ما بعد الحرب العالمية الثانية، حيث بدأت الدول تسعى إلى امتلاك العلم والتكنولوجيا حتى تتمكن من السيطرة على الاقتصاد، وإحداث التقدم الاقتصادي.



وأضاف د. الجميعي: "إننا نحتاج في مصر تصحيح الصور المغلوطة عنا على الإنترنت، ونشر حضارتنا وثقافتنا، واعتبارها معركة يجب أن تخوضها الدولة المصرية لا تقل عن معركة الجيش في محاربة الإرهاب ومعركة الدولة للنهوض الاقتصادي".

وقد التقطتُ طرفَ الخيط من د. الجميعي، وقلت إن تفعيل مقومات القوة الناعمة للدولة المصرية لا يمكن أن يتم بمجهودات فردية مبعثرة، بل يجب أن يتم بمجهودات جماعية تنضوي تحت منظومة فاعلة، ويكون لها أهداف محددة في إطار زمني واضح، اعتمادًا على قطاع الشباب في تفاعله الدؤوب والمُبدع مع أجهزة الكمبيوتر والإنترنت وشبكات التواصل الاجتماعي وتكنولوجيات العصر كافة. ومن هنا فإنني أقترح أن يتم استحداث وزارة جديدة للقوة الناعمة للدولة المصرية في التشكيل الوزاري الذي يعقب الانتخابات الرئاسية المقبلة في أواخر مارس المقبل.

لقد بدأ الاهتمام في مصر بموضوع «القوة الناعمة» أواسط سبتمبر ٢٠١٧، حيث شارك في صالون الإسكندرية ولمدة يومين عدد كبير من المثقفين والكُتاب والأدباء والباحثين في نقاشٍ موسع بعنوان «مستقبل القوة الناعمة في مصر»، جاء فيها أن مصر اعتمدت على القوة الناعمة، واحتضنت واستقبلت بلا تعصب كل أساطين الفن والأدب، وأن التعليم هو الأساس وأن القوة الناعمة تراجعت بتراجع النظام التعليمي، وعلينا الاهتمام بالتعليم، لأنه الجسر الذي سيفتح طريقًا إلى سائر الدول. إن القوة الناعمة تظهر في مناخ به حرية الإبداع. يجب الاهتمام بمشروع سياسي ثقافي تسعى إليه مصر، كما يجب أن يكون لمصر استراتيجية وطنية، حيث يمكن أن يتم عقد مؤتمر سنوي عن قضايا المستقبل التي تهم الإنسانية. إن مصر بدأت تتوازن في الساحة الدولية، ولدينا تنوع فريد من القوة الناعمة من فنونٍ وآداب، فلدينا تاريخ مجيد، مثل إذاعة صوت العرب، وتأثيرها العميق قبل وبعد ثورة يوليو ١٩٥٢، كما أن الإعلام من القوى التي تدهورت بسبب غياب الرؤية، وأن علينا تطوير المعاهد والجامعات. كما أنه علينا الارتفاع بسقف الحرية. إن المأزق الذي تواجهه مصر هو أننا نتباكى على الماضي دون أن نبذل جهدًا كافيًا يواجه متطلبات المرحلة الراهنة، لذا يجب أن يكون للدولة دور ونفوذ في ربط القوة الناعمة ببعضها البعض.

وبينما نجلس نناقش القوة الناعمة للدولة المصرية ونقترح إمكانية تنسيقها من خلال وزارة أو كيان مؤسسي، بدأت بعض الدول العربية الشقيقة في استيعاب مفهوم «القوة الناعمة»، وبدأت في استكشاف مصادر هذه القوة، وبدأت في اتخاذ خطوات جادة في تمكين قوتها الناعمة من الترويج لها، وعلى رأس هذه الدول الإمارات العربية المتحدة، حيث ترأس الشيخ منصور بن زايد آل نهيان، نائب رئيس مجلس الوزراء وزير شؤون الرئاسة اجتماع «مجلس القوة الناعمة لدولة الإمارات العربية المتحدة»، الذي عقد خلال اليوم الأول من أعمال الاجتماعات السنوية الحكومية لدولة الإمارات، التي استمر على مدى يومين خلال أواخر شهر سبتمبر ٢٠١٧، حيث استعرض مع أعضاء المجلس «الاستراتيجية الوطنية للقوة الناعمة لدولة الإمارات» التي تمت صياغتها وبلورة رؤيتها ورسم سياساتها العامة ووضع آليات تنفيذها، وذلك وِفْقَ الهدف الرئيس الذي حدده الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، والمتمثل في تعزيز سمعة دولة الإمارات إقليميًا ودوليًا وترسيخ احترامها ومحبتها بين شعوب الأرض، وإبراز صورة الإمارات الحضارية وإرثها وهويتها وثقافتها المميزة.

وتتألف الاستراتيجية الوطنية لدولة الإمارات من ستة محاور أساسية تشكل إطار الدبلوماسية العامة لدولة الإمارات؛ هذه المحاور هي: الدبلوماسية الإنسانية، ودبلوماسية الشخصيات والتمثيل الدولي، والدبلوماسية الشعبية، والدبلوماسية العلمية والأكاديمية، والدبلوماسية الثقافية والإعلامية، والدبلوماسية الاقتصادية.

لقد سبقتنا بريطانيا والإمارات العربية المتحدة في تنسيق جهود القوة الناعمة في كلا البلديْن، ومصر الحضارة والتاريخ والعلم والأدب والفنون والآثار والمساجد والكنائس والسياحة والشواطئ والزراعة والصناعة يجب أن تأخذ الخطوة التالية على مستوى العالم في هذا المضمار، فمصر تستحق الكثير على مستوى العالم، فهل تستجيب الدولة المصرية لمقترحنا بإنشاء وزارة جديدة لتسويق القوة الناعمة في مستهل الولاية الثانية للرئيس عبد الفتاح السيسي؟

 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز