عاجل
السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
الاحتلال الأمريكى!

الاحتلال الأمريكى!

بقلم : هاني عبدالله

فى البدء كان الشباب، وفى الختام أيضًا.. إذ عندما تحركت «الدولة المصرية» [فى ديسمبر من العام 2011م]، وداهمت مكاتب أكثر من اثنتى عشرة منظمة «غير حكومية» [بما فيها مقرات: «المعهد الجمهورى الدولى» (IRI) و«المعهد الديمقراطى الوطنى» (NDI) و«فريدم هاوس»، و«مؤسسة كونراد أديناور» و«المركز الدولى الأمريكى للصحفيين»].. كانت تستهدف الدولة من بين ما تستهدفه (بتفجير القضية المعروفة إعلاميًا بـ«التمويل الأجنبى»)، حماية عقول شبابها، والحد من تحركات [مُمنهجة] تسعى لاستنزاف «الأرصدة الوطنية» للأجيال القادمة، فى مقابل التحلق، والاستسلام لإغراءات «الحلم الأمريكى»، الذى لا يعترف سوى بمصالح «واشنطن».. ولو على حساب الآخرين (!)
أى أنّ الشباب – هنا – كان هدفًا [مزدوجًا] (مع اختلاف النوايا): هدفٌ «إمبريالى» يسعى لاستغلال «فورات الشباب» وتوجيهها [مُستقبلاً]، نحو مصالح «النفوذ الأجنبى».. وهدف «وطنى» سعت خلاله الدولة المصرية – بكل ما أوتيت من قوة – نحو العمل على تأمين «طاقتها المستقبلية»، و«مخزونها الاستراتيجى» (أى: الشباب)، من تداعيات عملية الاستقطاب [المُمنهج]، وتغيير قناعات الأجيال التالية، تحت لافتات براقة (لا تُعير التوجهات والمصالح الوطنية «العامة» انتباهًا].
لذلك.. عندما انعكس تفجير «قضية التمويل الأجنبى»، على عديدٍ من «المُستهدفات الأمريكية» آنئذ.. كان أن لجأت «واشنطن» (فى أعقاب تفجير القضية) إلى تبنى «استراتيجية» جديدة، تستهدف (إلى جانب البقاء خارج دائرة الرصد الأمنى) الحفاظ على سخونة التواصل مع «القطاعات الشبابية» المصرية، وبما يُمكّنها – كذلك - من استقطاب عناصر جديدة، يُمكن لها [التخديم] لاحقًا على الأجندة ذاتها.. وبحسب «المعلومات المُتاحة»؛ كان من المفترض أن يتم هذا الأمر عبر عدَّة مراحل.. إذ كانت تلك «المراحل» كالآتى:
(أ)- المرحلة الأولى: الدفع بمنظمات أجنبية بديلة للمنظمات السابق إدانتها فى قضية التمويل الأجنبى (أى: «المعهد الجمهوري»، و«المعهد الديمقراطي»، ومؤسسة «فريدم هاوس»)؛ للعمل داخل الساحة المصرية.. ووقع اختيارها، وقتئذ، على مؤسستي: «إيركس»، و«فورد».. وكان من المُستهدف أن تعمل «المنظمتان» مع عددٍ من المنظمات المتعاونة فى الداخل (نحو 88 منظمة) - منها ما يعمل تحت إشراف «جماعة الإخوان الإرهابية»، وتنظيمها الدولي؛ لتنفيذ بعض «المشروعات الحقوقية»، تحت لافتة «المشاركة السياسية».
(ب)- المرحلة الثانية: تتولى «مبادرة الشراكة الشرق الأوسطية» (MEPI)، التى يتبع مقرها «السفارة الأمريكية» بالقاهرة (منطقة: جاردن سيتي)، عملية التمويل المباشر للمشروعات المطلوبة، من دون تحويل الأموال عن طريق البنوك؛ لتفادى عمليات الرصد.
(ج)- المرحلة الثالثة: تتخذ المنظمات السابق إدانتها فى قضية التمويل الأجنبى (أى: «المعهد الجمهورى»، و«المعهد الديمقراطى»، ومؤسسة «فريدم هاوس»)، من كلٍّ من: (تركيا- قبرص- الأردن)، مراكز ثقل جديدة؛ لممارسة أنشطتها، فى استقطاب العناصر المصرية، عبر تنظيم دورات تدريبية، تحت مسمى «التغيير السلمى».. على أن تتوسع هذه المنظمات فى اختيار القطاعات «التقليدية» المستهدفة (أى: شباب المنظمات الحقوقية، والحركات الاحتجاجية)؛ لتشمل - كذلك - تكثيف التواجد الإخوانى، إلى جانب «شباب الأحزاب السياسية»، وبعض القطاعات «غير المُسيّسة» (!)
(د)- المرحلة الرابعة: تكليف مركز «كانفاس» (CANVAS) - الراعى الرسمى لحركة «6 إبريل» - بوضع «خطة جديدة»؛ للعمل داخل القاهرة، عبر منظمة «إيركس».. إلى جانب استئنافه (أى: مركز «كانفاس»)، تدريباته لعناصر «الحركة»، على كيفية التعامل و«المتغيرات السياسية الطارئة».
(هـ)- المرحلة الخامسة: ربط القطاعات الجديدة بـ«أكاديمية التغيير»، عبر شبكة المعلومات الدولية (الإنترنت).
لم تكن «الدولة المصرية» – يقينًا -  غائبة عن ملاحقة عملية التغيير [التكتيكى] فى تحركات «واشنطن» وقتئذ.. لذلك؛ لم تفلح أىٌ من تلك التحركات فى حينه.. بل إنّ [الدولة المصرية] سعت خلال «السنوات التالية» من الإطاحة بحُكم «الإخوان» إلى تأمين مخزونها الاستراتيجى [من الشباب]، والعمل على إعادة تأهيلهم؛ لتولى المناصب القيادة - فيما بعد - بعيدًا عن سيناريوهات الاستقطاب، التى أثقلت «كاهل الدولة» لفترة من الزمن.
وكان من بين إجراءات التأمين الشبابى [على أرضية «وطنية» خالصة]، هو ظهور «البرنامج الرئاسى لتأهيل الشباب»، وتأسيس «الأكاديمية الوطنية المصرية للتدريب وتأهيل الشباب»؛ للدفع بدماء [وطنية] نحو سُدة المسئولية، مستقبلاً، فى البلاد.. ولمزيد من الحفاظ على تطوير وتنمية قدرات «الشباب المصرى»؛ تم توقيع بروتوكول تعاون بين «الأكاديمية المصرية»، و«المدرسة الوطنية الفرنسية للإدارة» (ENA) - وهى واحدة من أهم مدارس إعداد القادة - بما يسمح بأن تُصبح «الأكاديمية المصرية» هى المصدر [الرئيسى]؛ لاختيار القيادات فى الدولة، وفقًا لمعيار الكفاءة.
لكن.. صدق أو لا تُصدق!.. كان أن انزعج عديدٌ من دوائر صُنع القرار بواشنطن، مما تفعله «الدولة المصرية»، من برامج تأهيلية للشباب، فى الوقت الحالى.. خصوصًا أنّ عملية تأمين قيادات مُستقبلية [تنطلق من فوق أرضية «وطنية» خالصة]، من شأنه أن يُفسد عليها عديدًا من الأموال التى تم إنفاقها فى الماضى؛ لخلق أجيال تدين – فى المقام الأول – بالولاء للولايات المتحدة الأمريكية (لا أوطانها الأصلية).
.. وبحسب إحدى التوصيات الأمريكية؛ فإنّ ما يستهدفه الرئيس المصرى «عبدالفتاح السيسى» - على المدى الطويل – هو إنشاء طبقة سياسية بعيدة عن أصدقاء واشنطن [التقليديين] (الإخوان/ والحركات الاحتجاجية).. وهى رؤية على وشك الإثمار.. وبغض النظر عن مشاعر «واشنطن» تجاه حكومة السيسي؛ فإن التداخل الأمريكى مع هذا الجيل السياسى [الجديد]، من شأنه مساعدة المسئولين الأمريكيين فى استعادة نفوذهم فى القاهرة (!)، خصوصًا إذا ما نجحت «وزارة الخارجية الأمريكية» فى إقناع «الحكومة المصرية» بقبول دعوتهم إلى الولايات المتحدة؛ للمشاركة بالمبادرات الدبلوماسية العامة، مثل: «برنامج الزائر الدولى القيادى» (international visitor leadership program).
وبرنامج «الزائر الدولى القيادى»، هو إحدى ثمار برامج «التبادل الثقافى»، التى كانت نفذتها وزارة الخارجية الأمريكية [بعد الحرب العالمية الثانية]؛ للترويج عالميًا للثقافة الأمريكية.. إذ كانت تسعى «وزارة الخارجية» لأن تولد لدى من يتم إحضارهم إلى الولايات المتحدة، امتنانًا [عميق الجذور] نحو الثقافة الأمريكية، وتعاطفًا [شديد التأثير] نحو كل ما هو أمريكى(!).. وبتطور برامج «التبادل الثقافى»؛ تم تأسيس برنامج الزائر الدولى القيادى (IVLP)؛ لجذب القيادات [الواعدة] للدول الأجنبية (أو قياداتها الحالية)؛ على أمل تجذير «العلاقة مع واشنطن» (!)
وللحقيقة..  نجحت «آلة الهيمنة الأمريكية» عبر سنوات خلت، من أن تستفيد من برامج التبادل الثقافي، فى خلق أجيال تدين [هى الأخرى] بالولاء لواشنطن.. كما كان من بين من خضعوا لبرنامج الزائر الدولى القيادى، من أصبحوا – فيما بعد – من قادة الدول المختلفة (!)
ورُغم أنّ استقطاب «القيادات المستقبلية للدول» (سواء ببرامج التبادل الثقافى/ أو عبر برامج التثوير وتدشين الحركات الاحتجاجية)، كان هدفًا أثيرًا من أهداف «آلة الهيمنة» الأمريكية.. فإننا – ببساطة – نستطيع أن نفتح القوس، ونضع عديدًا من المؤسسات التى أحكمت من خلالها «واشنطن» قبضتها على العالم (سياسيًا/ ثقافيًا/ اقتصاديًا/ فنيًا/ قانونيًا/ اجتماعيًا) فى استعمار [حقيقى]، ومكتمل الأركان لمقدرات العالم.
وعلى الصفحات التالية، يُمكنك أن تطالع ملفًا [كاملاً] سعت خلاله «روزاليوسف» لأن تضع (لوجه الحقيقة، فقط) عديدًا من جوانب «آلة الهيمنة الأمريكية».. وأن تطرق – ربما للمرة الأولى – أبوابًا لم يتعرض لها غيرُنا، من قبل.. وهو ملف أشرفت على تنفيذه الزميلة المُجتهدة (منى بكر).. بمشاركة الدءوبة (شيماء سليم)، والمجتهدتين: (آلاء شوقى)، و(آية الجندى).
داخل «نادى بيلدبرج» سنعرف كيف تُرسم خرائط السياسة العالمية، بدءًا من «مارجريت تاتشر» (وهى بالمناسبة ممن خضعوا – فى مرحلة سابقة لبرامج التبادل الثقافى الأمريكية)، وانتهاءً بـ«آل كلينتون».. وكيف أصبح 390 عضوًا من أعضاء [اللجنة الثلاثية] التى أسسها «بريجينيسكى»، والمصرفى «ديفيد روكفلر»، أقوى من حكومات دول [كاملة].. ولماذا، ومتى، وكيف تُستنزف «ثروات الدول» أمام جشع مصاصى الدماء الأمريكان.. وكيف توجه «السياسات الاقتصادية» من داخل شارع «وول ستريت».
وسنقف على تفاصيل تحوُّل «الملفات الحقوقية» إلى أدوات ضغط سياسية، تُبتز من خلالها الدول.. وكيف توجه المعونات، نحو أجندات التفكيك، والتشرذم، والتقزيم.. وكيف يتم توجيه «صناعة السينما» [ونجومها] نحو أجندات البيت الأبيض.. وبأى وسيلة يتم تجنيد الباحثين، والأكاديميين [بالمراكز البحثية المختلفة]؛ لخدمة أهداف الهيمنة (!)



تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز