عاجل
الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
..وعلى "طارق" فلتبكِ البواكي

..وعلى "طارق" فلتبكِ البواكي

بقلم : عادل عبد المحسن

عرفته عن قرب، كان مهنيًا ألمعيًا يملك زمام ملفاته، وتجده ملمًا بكل شيء كبيرها وصغيرها، فعندما يكتب لابد لك أن تقرأ ولما يتكلم يجب عليك أن تنصت باهتمام. طارق حسن الأستاذ والزميل، الذي جاد بأنفاسه الأخيرة صباح اليوم.



كان يحمل هموم وطنه منذ نعومة أظافره، لم يخطئ الطريق يومًا ولم يحد عن الحق مهما علت الأمواج والأنواء فجعله نصب عينيه.

لأول مرة تعرفت إلى الأستاذ طارق حسن عندما بدأنا العمل في جريدة "روزاليوسف"، كنت نائبًا لرئيس قسم المحافظات، وهو مديرا للتحرير وهو الوحيد من بين مديري التحرير الذي كنت أرتاح للعمل معه، لأنه جاء من جريدة الأهرام، ويمتلك حسًا خبيرًا يفتقده الآخرون، فكنت أجد سهولة وأريحية في التعامل مع الأستاذ طارق، لأن لديه قدرة فائقة على تقدير قيمة الخبر الصحفي، بينما المديرون الآخرون كانوا قد جاءوا من صحف أسبوعية تعتمد على التقارير والتحقيقات وقليل من الأخبار، لذلك لم يكونوا يمتلكون نفس حس أستاذي طارق حسن.

وعندما تعرضت لبعض الأزمات والظلم في العمل لم أجد سوى الأستاذ طارق حسن يقف إلى جواري مساندًا في حين تنكر الآخرون.

ظل يشحذ من همتي محاولًا أن أعبر الأزمة النفسية التي تعرضت لها، والله مهما بكيت طوال عمري إن طال أو قصر بعد رحيلك يا أستاذي فلا تكفي الدموع لو كانت بعد الأنهار محيطات، فمثلك يبكيه الرجال وعليك "فلتبكِ البواكي".

لم أكن أعرف دخول الأستاذ طارق المستشفى، إلا عندما وجدت الزميلة هبة فرغلي قد كتبت على صفحته ادعوا لطارق قد فاق من الغيبوبة، وكان ذلك في منتصف الليل، لذلك سارعت صباح اليوم التالي مباشرة إلى زيارته في مستشفى القبة العسكري.

كنت أنا والزميل أيمن عبد المجيد، رئيس تحرير "بوابة روزاليوسف"، وأردنا رؤيته، وهناك قيل لنا لا يمكن لكما مقابلته في العناية المركزة، لكن من الممكن رؤيته من خلال القسم المرئي، دخلنا غرفة بها شاشة رأيناه من خلالها.

كان الموقف بالنسبة لي صدمة كبيرة، أن أرى الرجل الذي احتواني حينما اضطهدني الناس وخفف عني عندما ظلمني الناس ملقى على سرير العناية المركزة على جهاز تنفس بلا حول ولا قوة وأراه من خلال شاشة.

لم يرانا، كان نائمًا لكن عندما جاءت زوجته دخلنا إلى غرفة المرئي وحدثته من خلال التليفون الأرضي، لوّحنا له في محاولة من رفع معنوياته ولوّح لنا بيده، ويشير بها يريد أن يخرج، وكانت زوجته تحاول تهدئته وتوعده بإخراجه من المستشفى، لكن كان للقدر رأي آخر.

صدقت يا ربي وقولك الحق: "إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ".

أستاذي طارق حسن وداعًا إلى الملتقى في عالم آخر ندعو الله أن يكون خيرًا من عالمنا.

"اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَهُ وَارْحَمْهُ، وَعَافِهِ وَاعْفُ عَنْهُ، وَأَكْرِمْ نُزُلَهُ، وَوَسِّعْ مُدْخَلَهُ، وَاغْسِلْهُ بِالْمَاءِ وَالثَّلْجِ وَالْبَرَدِ، وَنَقِّهِ مِنَ الْخَطَايَا كَمَا يُنَقَّى الثَّوْبُ الأَبْيَضُ مِنَ الدَّنَسِ، وَأَدْخِلْهُ دَارًا خَيْرًا مِنْ دَارِهِ، وَأَهْلا خَيْرًا مِنْ أَهْلِهِ، وَزَوْجًا خَيْرًا مِنْ زَوْجِهِ، وَأَدْخِلْهُ الْجَنَّةَ، وَأَعِذْهُ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ، وَمِنْ عَذَابِ النَّار".ِ 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز