عمر علم الدين
نظرات طارق حسن
بقلم : عمر علم الدين
في غرفة صغيرة على سرير بجانب الجدار، ترقد وحيدا مستيقظا طوال الليل، مع ذكريات مرت بسنوات العمر الجميل، وأطفال ينتظرون نظرات الحياة والأمل في المستقبل منك، وأنت تتحمل آلام المرض اللعين يطرد نسمات النوم من الجفون.. ترى شعاع الصباح يطأطئ على النافذة ليدخل بلا استئذان، حاملا معه أملا في يوم جديد، وبجوارك زوجتك التي أنهكها التعب والإرهاق، من معاناة الإشفاق عليك ومواصلة الليل بالنهار بجوارك، في المستشفى وبين أطفالها الصغار، الذين ينتظرهم الحزن، واليتم يحلق فوق رؤوسهم وأنت تشعر بالمنة كثيرا لها ولأصدقاء كانوا نعم الرجال خلال أزمتك الصحية القاسية، وسيدات وقفن بجوارك كانوا أرجل من الرجال في مواقفهم، وآخرين تفرغوا للدعوات والنواح عبر فيس بوك، ولم يغبروا أقدامهم حتى لثواب الله في زيارة مريض ودفعا لضريبة صداقة العمر أو حتى لإلقاء نظرات الوداع الأخيرة.
إحساس قاس أن تشعر بأنك تقاوم الموت وهو يطعنك بمرض خبيث لا فاقة منه.. نظرات لا توصفها الكلمات شعرت بها في زيارتي للموهوب رئيس تحرير الأهرام المسائي الأسبق طارق حسن.. فالرجل لا يتكلم ولا يودع الابتسامة، حكت زوجته زميلتنا هبة فرغلي عن قوته وتحمله وإصراره على قهر المرض برفض الكيماوي وهو صابر ينظر بثبات وقوة، تحدثه زميلتي الأهرامية عن أي خدمة يطلبها فيشكرها بعينيه ووجهه وابتسامته وبعدها بأيام يرحل طارق حسن، وتبقى الرسالة أن من يتباكون عليه اليوم هم من قتلوه قبل المرض بإهماله وإهمال موهبته ومنع قلمه وإبعاده عن الساحة متعمدين.. فيا ليتنا ننصف البشر أحياء.. فاليوم عمل بلا حساب وغدا حساب بلا عمل.