عاجل
الخميس 18 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
قمة الأمل والتحديات

قمة الأمل والتحديات

بقلم : أيمن عبد المجيد

في محيط عربي متلاطم الأمواج، يُبحر القادة العرب غدًا، في القمة العربية التاسعة والعشرين، وسط تحديات جمة، تتطلب مزيدًا من التوافق والمواقف الحازمة، وفي الوقت ذاته، تأتي القمة تالية لمتغيرات إيجابية تبعث على الأمل في غدٍ عربي أفضل.



لقد علمنا الحكماء، أنه ليس من العقل أن نتشبث بأمل أن البحر يومًا سيهدأ، لنعبر إلى شاطئ الهدف، بل علينا أن نتعلم كيف نتقن الإبحار بين الأمواج العاتية، فالمؤامرات التي تستهدف الوطن العربي قائمة ومستمرة، كلما أحبطنا مخططًا دفعوا بمخطط جديد، وكلما حققنا إنجازًا سعوا لعرقلتنا، بالسعي لخلق موجات جديدة للفوضى، والإرهاب.

غدًا، بمركز الملك عبدالعزيز الثقافي العالمي في الظهران شرقي المملكة، يجتمع القادة العرب، يواجهون تحديات كبيرة، في المقدمة منها، محاولة بناء موقف عربي موحد، بشأن القضية السورية، فقد استبق ترامب وشريكاه بريطانيا وفرنسا القمة بعدوان ثلاثي على مواقع سورية، تحت زعم ردع استخدام النظام السوري السلاح الكيماوي ضد مدنيين.

إن الرؤية المصرية في هذه القضية، وغيرها من القضايا مثل ليبيا، هي الأكثر ثباتًا، واعتدالاً، ودعمًا للشعب السوري ومصلحة الأمن القومي العربي، فمصر 30 يونيو، انتهجت على مدار الأربع سنوات الماضية، سياسة واضحة بتمسكها بالحل السياسي السلمي، والحفاظ على وحدة الشعب والأراضي السورية، لن يتحقق ذلك الهدف، وهو الحفاظ على الدولة السورية، إلا بالحفاظ على مؤسسات الدولة قائمة وفاعلة، هذا هو موقف مصر الواضح.

السياسة نفسها تتبناها مصر تجاه ليبيا، فمصر تدعم إعادة بناء المؤسسات الليبية، وترعى جلسات الحوار بين فصائل الجيش الليبي، لبناء جيش وطني موحد خالٍ من المذهبية والطائفية والحزبية، قادر على إعادة الأمن للدولة، وحماية شعبها ومقدراتها.

ترفض مصر تحويل سوريا لساحة معارك بديلة، للقوى الدولية، كل دقيقة تستمر فيها الحرب، يدفع الشعب السوري ثمنها من دماء أبنائه وبنية دولته، وما مآل أي صراع إلا مائدة المفاوضات، وهو ما تدعو إليه مصر دائمًا، الحل التفاوضي بين جميع القوى السورية، لكن يبدو أن التدخلات الخارجية والمصالح المتعارضة لأطراف دولية ما زالت أقوى من صوت العقل.

ليس أدل على صحة الموقف المصري، من التلاعب الدولي بمستقبل الدولة السورية، فترامب وشركاه يقصفون دمشق ومواقع أخرى لمجرد حفظ ماء الوجه، وبالتنسيق مع روسيا لتلافي تصعيد بينهم، وروسيا تكتفي بالشجب والدعوة لعقد اجتماع لمجلس الأمن، الخلاصة تلاقي أهداف اللاعبين على أشلاء السوريين، دون حل حقيقي للأزمة.

التحدي الثاني، هو القضية الفلسطينية، التي شهدت مؤخرًا تصعيدًا صهيونيًا سافرًا بحق فلسطينيين، حاولوا المطالبة بحقهم في العودة في ذكرى يوم الأرض، سبقها اعتراف ترامب الرئيس الأمريكي "التويتري"، بالقدس عاصمة للكيان الصهيوني، وهو القرار الذي نجحت الدبلوماسية العربية، في هدمه بالأمم المتحدة، فكانت الصفعة الدبلوماسية الأقوى للرئيس الأمريكي "المغرد"، خارج الشرعية الدولية.

والتحدي الثالث، هو التصدي لتهديدات الأمن القومي العربي، سواء من داعمي الإرهاب، مثل قطر التي ما زالت خارج السرب العربي، التي ستحضر القمة، بينما سوريا المعتدى عليها ما زال مقعدها شاغرًا، أو تلك التهديدات النابعة من التدخلات الإيرانية في الشأن العربي، عبر دعم الحوثيين باليمن ضد الحكومة الشرعية.

تلك التحديات، تحتاج قيادات قادرة على الإبحار بسفينة الأمة، وسط الأمواج العاتية للوصول بها لمستقبل أكثر أمنًا، فلن يزول خطر الإرهاب دون استعادة قوة مؤسسات الدول التي تشهد صراعات مثل، سوريا وليبيا واليمن، ففي ظل غياب الدولة تصبح الأرض ساحة للإرهابيين للتدريب والتصدير للدول المجاورة.

 

الواقع يؤكد أن القيادة المصرية، ممثلة في الرئيس عبدالفتاح السيسي، والقيادة في السعودية ممثلة في الملك سلمان وولي العهد السعودي محمد بن سلمان، والشيخ خليفة بن زايد وولي العهد محمد بن زايد بالإمارات، قدموا نموذجًا للعمل العربي المشترك موحد الرؤى واضح الأهداف حازم القرارات، يمكن البناء عليه وتوسعته لحماية الأمن القومي العربي.

فمصر عمود الخيمة العربية، نجحت في الأربع سنوات الأخيرة، في استعادة قوتها، وتحديث بنيتها التحتية، وتنمية قدراتها الاقتصادية والعسكرية، وإطلاق مشروعات قومية قاربت أن تثمر، وفي المعركة ضد الإرهاب نجحت مصر في بتر الأذرع الإرهابية، واليوم أحبطت عملية إرهابية كانت تستهدف معسكرًا للجيش بوسط سيناء، وما هي إلا عملية بائسة يائسة لجأ إليها ما تبقى من فلول الإرهاب، لمحاولة دعم الروح المعنوية لفئران الجحور، الذين أصابتهم العملية الشاملة بالذعر.

لكن محاولات فلول الإرهاب باءت بالفشل، وخاب مسعاهم، بعد أن أرسل أبطالنا البواسل 14 إرهابيًا إلى جهنم.

وفي المملكة العربية السعودية، بقيادة الملك سلمان وولي العهد الأمير محمد، تُجرى الإصلاحات الاقتصادية، وفق رؤية شاملة 2030، ومواجهات فكرية، وإصلاحات اجتماعية، ومواقف حازمة مع داعمي الإرهاب، وفي الإمارات بدأ تقوية الجيش وفرض التجنيد الإجباري، إلى جانب الموقف الموحد للرباعية العربية مصر والسعودية والإمارات والبحرين، الرادع لعبث النظام القطري الداعم للإرهاب.

تلك التغيرات الإيجابية، التي شهدتها مصر والسعودية والإمارات العربية، تبعث على الأمل، فقوة مصر عمود خيمة العرب، وقوة السعودية جناح الأمة، وسط تفاهم وتعاون بناء وداعم من الإمارات والبحرين، يمكن البناء عليه بتوسعة رقعة التحالف العربي للإبحار بقوة وسط الأمواج العاتية، التي وفق المعطيات لا يُنتظر لها أن تهدأ قريبًا.

أعتقد أن مصر والسعودية، والغالبية العظمى من الدول العربية، قادرة على الإبحار بقوة لمواجهة التحديات والأنواء العاتية، لتحقيق مكاسب أكبر لمصلحة الأمن القومي العربي.

 

 

 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز