عاجل
الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
المقال الممنوع!!

المقال الممنوع!!

بقلم : أيمن عبد المجيد

كنا نجلس في الطابق الثامن بنقابة الصحفيين، سبتمبر 2011، عندما ذكرني زميل عزيز بمقال كنت كتبته، في عمودي "قلم ولغم"، بجريدة روزاليوسف، قبل أن ينتقل معي لـ"البوابة".



كانت المناسبة أن زميلًا نشر حينها على "فيس بوك" مقالات، قال: إنها مُنعت في عهد رئيس التحرير السابق – بالمناسبة ليست روزاليوسف- فقال الزميل الجالس معي: لماذا لا تنشر مقالك الذي انتقدت فيه الأوضاع بأسلوب ساخر الآن على الـ"فيس بوك"، وتذكر أنه تم منعه؟!

قلت له: إن هذا السلوك من آفات مهنتنا، فالأستاذ عبدالله كمال يومها- أغسطس 2010  كما تعلم - أرجأ المقال، وإن كان رأى عدم ملاءمة مقال لسياسته التحريرية، فقد منحني الرجل فرصة كتابة عمود صحفي، في صحيفة قومية يومية رغم حداثة سني، وسمح بالنشر للكثيرين، فليس من اللائق اليوم أن أزايد عليه، لكسب بعض لايكات على "فيس بوك".

رحم الله الأستاذ عبدالله وأسكنه فسيح جناته.

المهم آفة مهنتنا،  أن هناك من رسخ في أذهان البعض، أن الصحفي الذي يُسجن هو البطل، دون النظر إلى عدالة قضيته من عدمها، فقد يكون عقابًا على جريمة نشر مرتكبة، وأن المقال الذي يُمنح صفة "الممنوع"، هو المقال الأهم والأخطر.

شخصيًا أرفض منع المقالات، التي تحمل رؤية تستند إلى منطق، كونها وإن اختلفت معها، تستحق أن تُعرض، على أن أفسح المجال للرؤية الأخرى التي تناقضها، مستندة إلى دلائل وأسانيد منطقية، طالما لا يحمل المقال سبًا أو قذفًا، أو إساءات أو طعنًا في ثوابت وطنية أو إساءة لدين أو إثارة لفتن طائفية.

ففي هذا المكان، كتبت مقالي الأول، بعد تشريفي برئاسة تحرير "بوابة روزاليوسف"، في أول تكليف لرؤساء تحرير البوابات الصحفية بالصحف القومية بشكل رسمي، "باسم الله نبدأ وللوطن والشعب نعمل".

 وبالمناسبة قدمت مقترحًا بتأسيسها 2011 بمجلس الإدارة، الذي شرفت بعضويته منتخبًا، ووافق المجلس وكلفني برئاسة لجنة التأسيس، وكانت رؤيتي أن إطلاق بوابة يحقق هدفين.. الأول: أن يستوعب الإصدار الإلكتروني طاقات الزملاء في المؤسسة، فدائمًا "روزاليوسف"، المدرسة، تنتج كفاءات مهنية تفوق قدراتها الاستيعابية، فتُصدرها للمؤسسات الأخرى.

والهدف الثاني: أن تُلاحق المؤسسة، التطور المهني، فالصحافة الإلكترونية تكسر حاجز الجغرافيا، كنافذة على العالم، تطالعها من أي نقطة على الكرة الأرضية، ما دمت تملك جهازًا متصلًا بشبكة الإنترنت، وتكسر حاجز الزمن، بعد أن اختصر زمن النشر إلى نقطة الصفر عبر البث المباشر.

دائمًا أمامي مبادئ المدرسة، التي رسختها السيدة فاطمة اليوسف، فقد أسست لمدرسة الرأي والرأي الآخر، عندما نشرت مقال الأديب العملاق إبراهيم عبدالقادر المازني في العدد الأول لـ"مجلة روزاليوسف"، الصادر في 26 أكتوبر 1925، في الصفحة الثالثة، رغم أنه يصف إصدارها للمجلة بالنزوة، ويتوقع فشلها،  فردت عليه في الصفحة السابعة، لترسخ بذلك لمدرسة الرأي والرأي الآخر، وتركت الزمن يحكم، وقد أصدر الزمن حكمه وخلد اسمها في التاريخ.

الزميل العزيز جورج أنسي، من الزملاء الذين يرسلون آراءً أسبوعية لـ"بوابة روزاليوسف"، وللعلم فقد نُشر له في "بوابة روزاليوسف" 29 مقالًا أسبوعيًا.

أرسل أمس مقالًا لـ"البوابة"، التي هي الآن بها مجلس تحرير رسمي - هو الأول منذ تأسيسها- ومدراء تحرير وهيكل، يتولى كل زميل مسؤولياته، المهنية في إطار السياسة التحريرية، التي تنطلق من الثوابت الوطنية، ودعم قيم المواطنة، والتنوير، وعندما نرى أن هناك محتوى، قد يرسخ لدى قارئ واحد، فهمًا يتناقض مع الثوابت، يتم إرجاء المقال لساعات أو يوم على الأكثر لينشر، وهناك رأي آخر يرد، وللقارئ أن يقتنع بما يشاء.

ولهذا تم إرجاء مقال الزميل الذي أَفرد له هذه المساحة، فأترككم مع رأي الزميل ثم استكمل مقالي:

 

"لعلها البداية"

بقلم: جورج أنسي

نجمنا أحمد حسام ميدو، لن يكون أول من يتحدث عن أزمة التعصب الديني في ملاعب كرة القدم، التى تمارسها إدارات أندية ومدربون كبار، ضد أطفال وشباب في بداية مشوارهم الكروى دون ذنب، سوى أنهم مختلفون عن دين الأغلبية!

ولكن المفاجأة فيما قاله ميدو في حواره مع إبراهيم عبد الجواد، فى برنامج (المدرج) على فضائية (دي إم سي رياضة) هذا الأسبوع، إنه قدم اقتراحًا - وهو عضو لجنة إعداد قانون الرياضة - بضرورة أن يكون هناك 10 % من اللاعبين فى فرق الناشئين من الأقباط لإيقاف حمى التعصب والفرز على أساس ديني، متساءلًا: "هل يعقل أنه في تاريخ كرة القدم لا يوجد غير 5 لاعبين مسيحيين فقط لعبوا فى الدوري الممتاز، لدرجة أن أغلب الناشئين المسيحيين يعتزلون كرة القدم في سن صغيرة بسبب عنصرية بعض المدربين"؟!

من الطبيعي ألا يلقى اقتراح ميدو أي اهتمام أو دراسة أو حتى مناقشة مستفيضة، للوصول لحل جزئى لتلك المشكلة الغريبة، لكن ما قاله ميدو وما قدمه من اقتراح-نتفق أو نختلف عليه- يبقى نموذجًا لتجديد عملي للخطاب الديني في ميدان اللعبة الشعبية الأولى فى مصر والعالم، والتى عانت - مثلما عانت أشياء أخرى- من غزو طائفي بغيض منفر.

لقد شاءت الأقدار أن أشهد عن قرب نجمنا الناشئ – في ذلك الوقت - أحمد حسام ميدو، عندما تلقى منتخبنا الوطني الأول هزيمة من نظيره المغربي بملعب مولاي عبد الله في الرباط صيف٢٠٠١ في تصفيات كأس العالم بكوريا الجنوبية واليابان ٢٠٠٢، والتى حرمتنا عمليًا من التأهل للمونديال، ووقتها كان ميدو لاعبًا واعدًا راهن عليه الراحل القدير محمود الجوهري، وبالفعل كان عند حسن ظنه، واليوم يثبت أن احترافه سنوات طويلة بأوروبا جعله يدرك ويؤمن تمامًا أن الملعب هو الفيصل بعيدًا عن اللون والطائفة والدين.

لعلها البداية الحقيقية.. أقول ذلك وأنا أشهد اليوم في "أكاديمية الدفاع الجوي لكرة القدم" بمجمع ٣٠ يونيو بالقاهرة الجديدة التابعة لقواتنا المسلحة، خطوة متميزة -ليست بغريبة عليه بطبيعة الحال- وهي قبول نجلي وغيره من أطفالنا - لاعبًا مقيدًا يلعب أساسيًا في فرق البراعم التي تشترك في المسابقة الرسمية التي ينظمها اتحاد الكرة المصري منذ عامين، وهو أمر يستحق أن نلفت الانتباه إليه لمواجهة تلك العناصر المتمركزة في الأندية العريقة، والتى تبث سموم الفرقة والتشرذم وتحبط أطفالًا يعشقون لعبة جماعية تقوم في الأساس على انصهار المجموع في بوتقة واحدة من أجل تحقيق الانتصار".

انتهى رأي الزميل.

 

فوجئت بالزميل ينشر على صفحته بـ"فيس بوك"، أن مقاله مُنع، رغم أنني طلبت من زميلي إبراهيم جاب الله مدير التحرير، أن يتصل به لإخطاره بأن المقال مرجأ للعرض عليَّ، واتصل بالفعل، وكان من المقرر نشره اليوم، بالتزامن مع مقال لي ينتقد الدعوة للكوتة الطائفية، إلا أن الزميل تعجل واحتكم لجمهور "فيس بوك"، وقال إنه مقال ممنوع.

 وبعد أن أبطلنا عن مقال الزميل صفة "الممنوع"، فمن المهم أن نوضح نقاط الخلاف مع هذا الرأي، وهنا سأناقش القضية نفسها مزاعم "التمييز الطائفي".

1 – موضوع المقال هو مقترح قال الزميل إن الكابتن أحمد حسام ميدو تقدم به وهو: "أن يكون هناك 10% من اللاعبين في فرق الناشئين من الأقباط لإيقاف حمى التعصب والفرز على أساس ديني". ونختلف تمامًا مع المصطلحات التي ترسخ للطائفية كالسابقة، وما ورد من تصنيف النشء، "للاعبين مسيحيين ومسلمين".

2- إن هذا المقترح تخريبي لكل مبادئ المواطنة، التي ينادي بها الدستور المصري، وكل عقول مصر المستنيرة، لأنه يدعو لمحاصصة طائفية وأين، في فرق رياضية، يقوم الالتحاق بها، على مبدأ الكفاءة والحرفية والمهارة، ونشأت فكرتها على التنافسية؟!

3- إن فكرة المحاصصة الطائفية والمذهبية، التي قد يرى البعض أنها تمييز إيجابي، ككوتة المرأة مثلًا في البرلمان، لا يجوز أن نطبقها في الرياضة، لأنها محدودة الزمن لفترة انتقالية، والأصل تعزيز مبادئ التنافس عبر الكفاءة، لا أن نوسع في قاعدة المحاصصة المذهبية، التي أنهكت وأهلكت دولًا مجاورة وأعاقت نموها، مثل لبنان، وأشعلت قتالًا في العراق، هناك من يخطط  لباقي الدول لتقع في هذا المستنقع البغيض، وقد تدفع البعض الحماسة دون قصد لخدمة تلك الأهداف.

4- مجرد استخدام وصف لاعب بـ"المسيحي أو المسلم"، يجب أن يكون جريمة يُعاقب عليها مرتكبها، فنحن جميعًا مصريون، يجب أن تكون الكفاءة هي معيار اعتلاء أي مواطن لأي مقعد أو شغله لأي منصب، أو انضمامه لأي فريق، ليصبح الفريق جميعه من الكفاءات دون النظر لديانتهم.

5- قد يقول قائل، لكن هناك تميزًا يمارسه البعض على أسس مذهبية وطائفية، لا خلاف، لكن هذا يستوجب وضع آليات قانونية لردع هؤلاء، والردع القانوني لأي جريمة يسبقه أدلة إثبات، لا أن نعالج الجريمة بجريمة أفدح بالدعوة لكوتة.

6- كما أن هناك متطرفين يمارسون التمييز، هناك أيضاً آباءً يسيئون لأبنائهم ووطنهم بما يغرسونه في عقولهم من بذور اليأس والإحباط وتبريرات الفشل،  بإقناعهم بأنهم أقلية ومضطهدون، فيقعدون عن العمل والاجتهاد، طالما سيطرت على عقولهم، شماعة التبرير، فكل إخفاق، مرجعه لديهم التمييز الديني، دون أدنى مسؤولية يحملونها لأنفسهم.

7- مصر عانت في العصور السابقة من تمييز سلبي، لكنه اجتماعي وليس طائفيًا، فعندما كانت تُمنح بعض الوظائف بالوساطة والمحسوبية، كان من يمتلك المحسوبية، يحصل على ما يريد، مسلمًا كان أو مسيحيًا.. ومن يُهدر حقه متساوٍ أيضا مسلمًا أو مسيحيًا، فالظلم كان اجتماعيًا لا مقصورًا على أصحاب ديانة.

8- أعزائي.. مصر تسير في الطريق الصحيح، ودور النخبة التي تصف نفسها بالمثقفة أن تعزز مبادئ المواطنة، وتنبذ الطائفية والمذهبية، وتعلي من مبدأ الكفاءة.. نطالب بتشريعات تُطبق لتردع من يرتكب جريمة تمييز اجتماعي، ضد أي كفاءة أيًا كانت ديانتها، لا أن نطالب بكوتة على أساس الدين، فبالكفاءة والمواطنة نهضت الأمم المتقدمة، وبالطائفية والمذهبية والمحاصصة تفككت دول ذات حضارة.

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز