عاجل
السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
سيدة الفيروز.. تحرير وتعمير

سيدة الفيروز.. تحرير وتعمير

بقلم : أيمن عبد المجيد

سيدة الفيروز، تلك البقعة المقدسة من أرض مصر الطاهرة، معشوقتي التي ارتبط بها قلبي، منذ أن وطأت قدماي رمالها، وجهها الصبوح يشع نورًا، يخطف الأبصار والقلوب، كل من زارها هام في عشقها.



تمنيت كثيرًا أن يكون بها مستقري الأبدي، حدثت نفسي عن ذلك الشوق، الذي لا يفارقها، عن ذلك النور المنبعث من بين رمالها، لعل السر في النور السماوي، أثر نور الله، الذي تجلى لنبيه موسى في جبل المناجاة، فهي دون غيرها التي شَرفت بهذه المعجزة.

رمالها معطرة بدماء الشهداء، الذين ارتقوا على أرضها، دفاعًا عن شرفها وشرف مصر، فهي بوابة مصر الشرقية الحصن المنيع، الذي تحطم على حدوده أطماع الغزاة على مر العصور ولا تزال.

  قدرها أن تدور على أرضها رحى المعارك، لكنها اليوم تشهد تطهيرًا وتعميرًا في معركة واحدة، فسيناء التي جففت دموعها في الثانية من ظهر السادس من أكتوبر، العاشر من رمضان، على وقع زئير أسود مصر، وتعالي أزيز الطائرات المقاتلة، وهدير المدافع التي دقت حصون العدو، فارتعدت فرائسه، ليلقى الصهاينة مصيرهم المحتوم.

اليوم على أرض سيناء يخوض جيش مصر وشرطتها، معركة أخطر وأشرس لتطهيرها من الإرهاب، كان العدو في الماضي جيشًا نظاميًا محدد الجغرافيا والعتاد، عدوًا ظاهرًا يحتاج قوة وحنكة لمواجهته، فتمكنا من قهره، لكننا نحارب اليوم أفاعي تختبئ في الجحور، تبحث عن لحظة سانحة للغدر وتوجيه لدغاتها.

نحارب اليوم أفاعي يدعمها ويحركها ويمولها أجهزة مخابرات معادية، أشباحًا تتحرك في جُنح الظلام، تسير بين المواطنين نهارًا وتتحول ليلًا لأعداء.

ورغم كل التحديات، فإن العملية الشاملة نجحت في قطع دابر الأعداء، وبتر غالبية أذرعهم، ومحاصرة مصادر دعمهم وإمدادهم وتمويلهم، والبقية تأتي.

كان هدف المحتل في الماضي، نهب ثرواتها وخيراتها بالاستيلاء على جسدها، واليوم تضاءل الهدف إلى محاولة تعطيل تنميتها، ومنع مصر من جني ثمار خيراتها.

فتارة يستهدفون السياحة، عبر إسقاط الطائرة الروسية، وأخري يستهدفون قوات الجيش والشرطة في محاولات يائسة لإضعاف قبضة الدولة، لترهيب المستثمرين.

لكن قوة الدولة رادعة محبطة لمخططات الأعداء، فها هي سيناء تشهد تنمية وبناءً بالتزامن مع معركة التطهير، فالتحرير تم وما يجري الآن تطهير مما تبقى من فلولهم ورجسهم.

ها هي السياحة تعود، والأمن يعم جنوبها ووسطها وغالبية شمالها، ها هي الأنفاق خلقت شرايين حياة، تربط سيناء بدلتا مصر، ها هي التنمية على محوري القناة، ها هي الطرق تُشق وتُعبد، والمزارع السمكية تنتج، والعمران يمتد، وأموال التنمية تُرصد، سيناء بعد عشرات السنوات من التحرير، تشهد اليوم تعميرًا حقيقيًا، يصفع كل الأعداء على وجوههم القبيحة.

شبه جزيرة سيناء معبر آسيا لإفريقيا، سدس مساحة مصر، بما يساوي مساحة 20 من محافظات مصر المكتظة بالسكان، بينما سكان سيناء تلك المساحة الشاسعة، لا يتجاوزون 600 ألف من إجمالي سكان مصر، بها مقومات تنمية، حيث الشواطئ الساحرة- بها وحدها- ثلثا شواطئ مصر، والصحاري المبهرة، وطريق العائلة المقدسة، دير سانت كاترين، عيون موسي، ثروات نفطية ومعدنية، وأراضٍ زراعية خصبة ومنافذ مائية ومياه جوفية.

 

كان لي شرف الغوص -عبر حلقات "سيناء ثلاثون عامًا من التحرير في انتظار التعمير" عام2011-  في عمق سيناء بين الثروات والمشكلات، روعة المكان وأوجاع الإنسان، بين الواقع والمأمول، الأنفاق كشفت أسرارها، عندما كانت حصونًا منيعة يندر الوصول إليها، وتمثل خطورة على حياة من يثبر أغوارها، تسلقت الجبال لمحاورة أخطر المطلوبين أمنيًا، وقفت على حقيقتهم وما وراءهم من أسرار، اخترقت مافيا السلاح، ومافيا تهريب البشر وعلاقاتهم بالموساد، وفي النهاية كانت روشتة العلاج.

كنت على يقين أن العلاج في التنمية، فالتحرير يترسخ بالتعمير، تحية للرئيس عبدالفتاح السيسي الذي غرس شجرة التعمير في سيناء، بالتزامن مع معركة التحرير والتطهير، فمنذ 25 أبريل 1982، ذلك اليوم الذي شهد رفع العلم المصري على طابا، آخر أجزاء سيناء المحررة، وأرض الفيروز تنتظر تنمية شاملة لا جزئية ساحلية مقصورة على جنوبها.

تحية عطرة لشعب مصر وشهدائها الأبرار، وجيش مصر خير أجناد الأرض، وأبناء سيناء الشرفاء الذين يتحملون آلام المعركة داعمين لجيشهم، في عيد تحرير أرض الفيروز، تحية لأسر الشهداء.

 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز