عاجل
الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
محمد صلاح وصناعة الأمل

محمد صلاح وصناعة الأمل

بقلم : محمود حبسة

تحول اللاعب المصري محمد صلاح بالفعل إلى أسطورة أبهرت العالم، تخطى كونه مجرد لاعب تحول إلى نموذج ومثل وقدوة، السؤال كيف نستثمر نجاح محمد صلاح؟ كيف نصنع من شبابنا وهم بالملايين الآلاف بل والملايين من محمد صلاح؟ القضية أكبر من كونها قضية لاعب نجح في أوروبا وأقصى ما يمكن أن نستفيد منه هو انتظار جهده وعطائه مع المنتخب الوطني في مباريات كأس العالم في روسيا وإدخال الفرحة على المصريين.



 هناك لاعبون مصريون نجحوا وحققوا شهرة كثيرة في القارة العجوز وتفوقوا على أقرانهم من اللاعبين الأوروبيين أمثال زيدان وأحمد حسام ميدو وغيرهم كثيرون ولكنهم لم يحققوا النجاح، الذي حققه محمد صلاح لم ينالوا شهرته وشعبيته ولم يبهروا العالم كما أبهره صلاح، من هنا لابد أن نتوقف لكي نقص على شبابنا كيف يكون النجاح وكيف نحافظ عليه؟ كيف تكون الإرادة وكيف تتحدى كل الصعاب والمعوقات للوصول إلى هدفك؟، ما هي أدواتك وبماذا تتسلح؟ المؤكد أن صلاح لم يجد الطريق في أوروبا مفروشا بالورد، علينا أن نعلم شبابنا كيف استطاع محمد صلاح أن يصل إلى هذه الدرجة من النجومية والشعبية؟ كيف استطاع أن يحقق كل هذا النجاح ويحافظ عليه؟ بالتأكيد المهارة وحدها ليست كافيه ولم تكن السبب الأول بدليل أن أحمد حسام ميدو كان يلعب أساسيا في نادي أياكس الهولندي ويجلس على دكة البدلاء أحد أساطين الكرة اللاعب إبراهيموفيتش، ورغم ذلك لم يصل لما وصل إليه محمد صلاح ولم يحقق ما حققه، وراء نجاح صلاح جهد دؤوب وعمل متواصل، إصرار على النجاح وليس فقط مجرد الرغبة في تحقيقه، توازن رائع ومبهر استطاع أن يحققه بين الحفاظ على الأصالة والقيم وبين الأخذ بالأسباب، بين الالتزام بالدين مبادئه وأوامره ونواهيه مع العمل والعمل الجاد، بين العودة والحنين إلى القرية المصرية حيث الجذور والأهل والخلان والانتماء في نفس الوقت لأوروبا وحضارتها بين إنكار الذات وعشقها في نفس الوقت.

حكاية محمد صلاح تستحق أن تدرس لشبابنا في المدارس والجامعات حكاية شاب مصري ابن القرية المصرية وصل إلى العالمية وهو بالتأكيد ليس الأول ولن يكون الأخير فهناك الكثيرون سبقوه إلى العالمية والنجومية في مجالات مختلفة في العلم والسياسة والأدب هناك الكثيرون أبهروا العالم كما أبهره صلاح وسجل الشباب المصري عامر بالعديد والعديد من الأسماء اللامعة التي حققت المعجزات وقهرت المستحيل وأبهرت العالم، من مصطفى كامل السياسي المصري الراحل الذي رحل عن دنيانا وعمره لم يتعدى 34 عامًا الذي أمن بمصر وكانت قضيته وعشقه فأسس أكبر حزب سياسي في هذا الوقت، كما أنشأ صحيفة يومية وحصل على لقب باشا ومازال شابا صغيرا إلى جمال عبد الناصر الذي قاد أهم ثورة في تاريخ مصر والمنطقة غيرت مجرى الحياة فيهما وعمره 34 عاما ثم أصبح رئيس مصر وعمره 36 عامًا مرورا بالعالم المصري الكبير الدكتور على مصطفى مشرفة أينشتاين العرب أول مصري يحصل على الدكتوراه في العلوم من جامعة لندن عام 1924 وعمره لم يتعدى 26 عامًا وأول مصري يتولى عمادة كلية العلوم جامعة القاهرة.

 وفي الأدب لا يزال عميد الأدب العربي الدكتور طه حسين الذي حصل على شهادة الدكتوراه وعمره 25 عامًا نموذجًا يحتذى في تحدى الصعاب ولا سيما الجهل والفقر والمرض ثم في القدرة على التمرد ومقاومة الأفكار القديمة والبالية وطرح كل ما هو جديد وكل ما يؤمن به من أفكار بكل قوة وإصرار مهما بلغت ضراوة وشراسة الرافضين، لم ننجح في تقديم النماذج الناجحة والمبهرة من شبابنا، لم ننجح في تقديمهم كنماذج يحتذى بها، لم نقم بتدريسها بشكل حضاري ومبسط يشرح للتلاميذ والطلاب كيف امتلكوا زمام المبادرة وكيف سارعوا الخطى نحو تحقيق أحلامهم متخطين كل الصعاب؟ لم نوضح للموهوبين والطامحين من شبابنا في المدارس والجامعات الباحثين عن النجاح والتألق كيف نجح هؤلاء كيف تحدوا الواقع وغيروه؟ كيف واجهوا الصعاب كيف صدقوا مع أنفسهم ومع وطنهم ومع ما يؤمنون به من أفكار كيف تمسكوا بالأمل؟ فأنا أتحدى إن كان هناك كتاب من كتب التاريخ ذكر عمر عبد الناصر عندما قام بالثورة أو ذكر شيئا من أفكاره وأحلامه قبل القيام بها وأتحدى أن تكون سيرة الدكتور طه حسين تم تدريسها بشكل صحيح فقد اكتفينا بتدريس قصته "الأيام" التي تحكى سيرته الذاتية.

 كما أتحدى إذا كان شبابنا يعرف شيئا عن العالم الكبير الدكتور مصطفى مشرفه، كما لم نذكر من أراء وأفكار المحامي والسياسي الراحل مصطفى كامل سوى مقولته "لو لم أكن مصريا لوددت أن أكون مصريا"، وهو الذي قال "إن من يتهاون في حق دينه وأمته ولو مرة واحدة يعيش أبد الدهر مزعزع العقيدة سقيم الوجدان"، وهو أيضًا من قال "الأمل هو دليل الحياة والطريق إلى الحرية" فهل عرفنا أبناءنا كيف يتمسكوا بالأمل ليكون لهم الجسر الذي يعبرون عليه وصولا لأهدافهم.

نحن بحاجة ماسة لإعادة اكتشاف هذه النماذج المشرفة وغيرها وإعادة تقديمها بشكل علمي وقيمي ومبسط ليكونوا قدوة ومثل لشبابنا لاسيما في هذه الأيام التي نعيد بناء مصر فيها فلن يتحقق هذا الحلم سوى بسواعد وعقول شباب مصري واعد وطامح وقادر على تخطي الصعاب وصنع المستحيل.   

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز