عاجل
الخميس 28 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
رسائل "سيناء".. فقط لأولي الألباب

رسائل "سيناء".. فقط لأولي الألباب

بقلم : أيمن عبد المجيد

في فبراير 2011، ولقرابة ستة أشهر، أجريت تحقيقات في عمق سيناء، بدأت من وادي فيران، مرورًا بنخل، ومنها للحسنة فالعريش، ثم ترعة السلام التي جفت، ومرورًا بالبردويل والشيخ زويد، ومنها للعريش، ثم الشيخ زويد ورفح، حيث ثقوب الأنفاق في جسد الوطن.



أبهرني روعة المكان، وآلمتني أوجاع الإنسان، استمعت إلى مصريين رمز للوطنية، ولملاحقين أمنيًا، لعقلاء، ولمتشددين، لصالحين، ولمهربين وتجار مخدرات على القانون خارجين.

تلك المعايشات على الأرض، واللقاءات، خلقت لديّ وعيًا حقيقيًا، بحجم التحديات، حجم المخاطر التي تهدد الأمن القومي المصري، حجم التضحيات التي قدمها أهالي سيناء، وشعب مصر كافة وفي مقدمته قواته المسلحة، من واقع التاريخ ومعطياته، وصولًا للواقع بتحدياته، أملًا في الوصول للمستقبل بتوقعاته.

كان الواقع بمحتوياته، مواطنين شرفاء يتمسكون بوطنيتهم، يشكون إهمال الدولة تنمية سيناء، بما يتبع ذلك من غياب فرص العمل، وانعدام مياه الزراعة، وحرمانهم من حق التملك، وجزء آخر من الصورة حقيقي وإن كان أقل كثيرًا، البعض يزرعون المخدرات ويخرجون على القانون ويهربون السلاح، والقليل جدًا يتاجر في تهريب الأفارقة إلى الكيان الصهيوني، هذا بخلاف مهربي الأنفاق.

كانت الشجرة الخبيثة للتطرف قد بدأت تنمو، فوجدت في ظل الانفلات الأمني، ثم سيطرة تنظيم الإخوان الإرهابي من يحميها ويرويها فنمت.

وبعد سبع سنوات تقريبًا من المتابعة الدقيقة لسيناء تلك البقعة المقدسة، لمست اليوم رسائل بليغة بعثت بها القيادة السياسية لمصر 30 يونيو، للشعب المصري عامة ولأهالي سيناء خاصة.

تلك الرسائل التي تضمنتها الندوة التثقيفية الثامنة والعشرون للقوات المسلحة، التي شرفت بحضورها، في ضيافة أسود مصر رجال القوات المسلحة، وبحضور الرئيس عبد الفتاح السيسي، القائد الأعلى للقوات المسلحة، بمناسبة الاحتفال بالذكرى 36 لتحرير سيناء، عززت يقيني بأن مصر تخطو نحو مستقبل مشرق بإذن الله، وفي القلب منها سيناء.

مبعث اليقين، مضامين تلك الرسائل، التي تمثل علاجًا شافيًا نابعًا من إدراك واقعي ودقيق لأوجاع سيناء، فما كانت المشكلات السابقة، التي نعاني منها حتى الآن وندفع ثمنها غير أعراض لأمراض، واليوم يعالج المرض، وتقتلع جذوره.

الرسالة الأولى: كانت من الرئيس عبد الفتاح السيسي، الذي أكد أن التهديد الحقيقي لنا ليس الخارج، بل محاولات شق الصف الداخلي، وهنا يأتي دورنا كشعب ومؤسسات رسمية أو أهلية في التوعية بضرورة الحفاظ على قوة النسيج الوطني.

محاولات استهداف النسيج الوطني، تبدأ باستهداف قطاعات محددة، جغرافية أو دينية، لغرس بذور اليأس والشعور بالتمييز، ثم التأليب على الدولة، والحروب النفسية للشعب عامة، والتحريض ضد قرارات تراها القيادة السياسية ضرورية للإصلاح.

ضرب الرئيس مثلًا، في سياق حديثه، بالقرار الذي اتخذه الرئيس السادات بعقد اتفاقية السلام مع إسرائيل، منذ قرابة 50 عامًا، يقول الرئيس يومها كان الجميع ضده، لكن قراره كان نابعًا من تقديره للموقف وفق معطيات لا يعلمها معارضوه، وبعد سنوات تغير الوجدان العام، وندرك اليوم صواب قراره.

فمن يتحمل عبء المسؤولية، يتخذ قراراته، وفق معلومات ومعطيات، وتقديرات للموقف، قد لا تتوافر لمعارضيه، الذين يتخذون قرار المعارضة من واقع معلومات محدودة لا تظهر لهم كامل الصورة.

الرسالة الثانية: أهل سيناء شرفاء، لا تُحمِّل الدولة إطلاقا غالبيتهم، مسؤولية ما تفعله مجموعة من السفهاء الذين تخطفت عقولهم تنظيمات الإرهاب، قالها الرئيس صراحة للشيخ حسن خلف، شيخ المجاهدين.

كلمة شيخ المجاهدين، بل حضوره الفاعلية، كان تذكيرًا لأولي الألباب، لأصحاب العقول والقلوب الطيبة الذين يدركون الحق ويتبعونه، ويجتنبون الباطل، فالشيخ مجاهد نموذج حقيقي لغالبية أهل سيناء، شارك في الجهاد ضد المحتل، وتم أسره، تصدى لقضاة الاحتلال، تمسك بحقه في المقاومة دفاعًا عن وطنه، ومثله الشيخ سالم الهرش، الذي خدع الاحتلال في مؤتمر الحسنة، جمعوا له صحفيي وسائل إعلام عالمية وبث مباشر تليفزيونيًا، ليبيع وطنه ويعلن الولاء للمحتل، فصفعهم على وجوههم، وأكد ولاء سيناء وأهلها لمصر ورئيسها، الزعيم جمال عبد الناصر حينها.

الرسالة الثالثة: مصر تحمي أبناءها، ولا تترك أبدًا شرفاءها، وأبطالها، والشيخان حسن والهرش نموذجان، فالشيخ حسن حكم عليه بأكثر من 140 سنة سجنًا، فنجحت المخابرات المصرية في اصطياد جاسوس صهيوني قدم للقاهرة، بجواز سفر مغربي، ورفضت مصر تسليمه إلا بصفقة تبادل تم بمقتضاها تحرير مجاهدي مصر الأسرى.

بينما الشيخ سالم الهرش، فقد نجحت مصر في تهريبه من بين مخالب المحتل الذي تلقى صفعة مدوية أمام كاميرات العالم، تم تهريبه من سيناء المحتلة حينها إلى الأردن الشقيق، فحمت مصر حياته، واليوم كرّمت حفيدته سلوى إبراهيم سالم الهرش، بمنحها كلمة في حضور الرئيس السيسي، الذي حرص على تحيتها.

الرسالة: مصر لا تنسى أبطالها، تحمي حياتهم، لا تضحي بهم مهما كانت الظروف حالكة، بل وتذكر أبناءهم وأحفادهم جيلًا بعد جيل.

الرسالة الرابعة: قالت سلمى الهرش إن ابنها طالب في الكلية الحربية، فطلب الرئيس أن يقف الطالب إن كان موجودًا، فوقف مقدمًا التحية العسكرية، لا أخفيكم كان بعض السيناوية يشكون خلال التحقيقات التي أجريتها من عدم قبول أبنائهم في الشرطة ومؤسسات بالدولة، واليوم تعالج الدولة بقيادة الرئيس السيسي، وتؤكد عمليًا، أن أبناء سيناء ككل أبناء مصر في صفوف الجيش، فمصر التي لا تنسى أبطالها تحتضن كل شريف يسعى لخدمة وطنه، وهي رسالة أخرى.

الرسالة الخامسة: سيناء أمن قومي، ومواطنوها مصريون لهم كامل الحقوق والواجبات، وما شهدته بعض أرجائها في الماضي من إهمال يتم علاجه الآن بإنجازات وإعجاز بمقياس الزمن، عبر استراتيجية تنمية سيناء، التي تكتمل بحلول 2022، وبميزانية 275 مليارًا.

فسيناء تشهد زراعة 400 ألف فدان، يتم توصيل مياه النيل لها عبر سحارات تنقل 7.5 مليون متر مكعب يوميًا، في 2011 شاهدت كيف جفت ترعة السلام ومات ما غرس من أشجار عطشًا، اليوم جاء يمد لسيناء شرايين حياة، يعالج مرضًا لا عرضًا.

قال بعضهم: نحن نعامل كمواطنين درجة ثانية، اليوم الدولة تعامل المصريين كافة بمساواة في الحقوق والواجبات، عبر تنمية شاملة للمحافظات الحدودية من الغرب في العلمين للشرق في سيناء، تنمية في الصعيد والنوبة والدلتا في كل أرجاء الوطن.

اليوم شرح المهندس إبراهيم محلب، مساعد رئيس الجمهورية، ما تم من مشروعات تخطى نسب إنجازها 70%، من طرق ومجتمعات عمرانية وأنفاق ومزارع سمكية، ومصانع رخام وأسمنت، سيناء تشهد تنمية حقيقية، بالتزامن مع معركة التطهير تمهيدًا لإعلان سيناء خالية من الإرهاب.

الرسالة السادسة: والأهم: مصر لا تقهر، فاليأس الذي صُدِّر إلينا بهزيمة 1967، لم يتملك منا سوى ساعات معدودة، حتى نفض الشعب عنه غبار الهزيمة، واليأس، ليخرج، كما روى أمين الجامعة العربية أحمد أبو الغيط، فخرج الشعب في التاسع من يونيو 1967 يهتف "هنحارب.. هنحرر أرضنا"، وبعدها بأيام كانت القوات البرية تحقق انتصارا في رأس العش، وبعد ثلاثة أسابيع حققت البحرية إنجازًا بتدمير إيلات، تم إعادة بناء قدرات الجيش، والتحم الشعب بجيشه، وانتصرنا، تحررت سيناء، فإياكم واليأس.

الرسالة السابعة: هذا الانتصار لم يأت بالعاطفة.. يقول الرئيس عبد الفتاح السيسي.. بل بالعزيمة والإرادة والعلم وبناء القوة، وهنا الرسالة: علينا العمل بأسلوب علمي، امتلاك مقومات القوة كافة، وهو ما تقوم به مصر الآن، تعزيز القدرات العسكرية بتنويع مصادر السلاح، تنويع مصادر الطاقة، تنمية البنية التحتية، تعزيز القوى الاقتصادية، الأمن الغذائي، إصلاح منظومة التعليم، والاهتمام بالكفاءة في مختلف المجالات، وبناء كوادر قادرة على تحمل المسؤولية.

الرسالة الثامنة: والتي التقطتها وأحببت مشاركتكم إياها: أن الفرد البشري مثل الدولة، يواجه تحديات، لكن الناجح فقط هو من يواجه تلك التحديات ببدائل تحقق النجاح، بينما الفاشل من يجلس ويخلق لنفسه المبررات، ندى المنسي، واجهت تحديات، وهل هناك أصعب من فقدان البصر، لكنها لم تيأس، بحثت في قدراتها، فوجدت أن الله أنعم عليها بصوت عذب، فنمت موهبتها، فكافأها الرئيس بأن طلب التقاط صورة معها هي وعازف العود وديع، الذي هزم ذات الإعاقة.

الرسالة: الفرد، الوحدة الأولى في بناء المجتمع، يواجه مثل الدولة تحديات، ونجاح الدولة يبدأ بنجاح كل فرد في التغلب على التحديات التي تواجهه بالعمل، لم تيأس مصر بعد الهزيمة، أعادت بناء قوتها وخاضت حرب الاستنزاف، لم ييأس المجاهدون والجيش عندما كان مستحيلًا الانتقال خلف خطوط العدو بقوارب، لكن يقول الشيخ حسن، بحثنا عن بدائل، فكان أن دفعنا الجمال لعبور القناة، أيضا ندى لم تيأس قهرت ظلمة البصر بنور البصيرة.

شهادة حق: مصر تقفز لمستقبل أرحب، فليكن لديك بصيرة لرؤية ما يتحقق من إنجاز وما ينبغي فعله لنصرة الوطن في حرب هي الأشرس، التطهير من الإرهاب والتعمير، تحيا مصر حرة قوية أبية عصية على الأعداء جيلًا بعد جيل إلى قيام الساعة.

 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز