عاجل
الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
وقفة مع «العدو» الإسرائيلى!

وقفة مع «العدو» الإسرائيلى!

بقلم : هاني عبدالله

لأجيالٍ، وأجيال.. سيظل «تحرير سيناء» رمزًا للعزة والكرامة.. وستظل «استعادة الأرض» (عسكريّا، وسياسيّا، ودبلوماسيّا) نصرًا [حقيقيّا] تنحنى أمامه الجباه (تبجيلاً واعتزازًا).. فلا يَعرف قيمة الأرض إلا مَن دفع من دمه [قُربانَ الاسترداد]، ومن سنوات عُمره [التجهيز والاستعداد].. ولا يُبجّل تضحيات «الآباء» مثلما يُقدرها جيلٌ تربّى على أيدى مَن استصغروا الموت؛ فُكتبت لهم [ولنا من بعدهم] الحياة.



فى أعقاب حرب العام 1967م.. كانت مصر (عن بكرة أبيها) على استعدادٍ لحمل السلاح، لسنوات وسنوات.. كانت أشبه ببُركان ينتظر الانفجار، فى وجه لصوص التاريخ، والجغرافيا.. وقد كان.. ولم ينعم [اللصوص] للحظة واحدة بالأمان.. ولايزالون.


فى كلمته بـ«عيد تحرير سيناء» قال الرئيس عبدالفتاح السيسى: (أتحدث إليكم اليوم لننظر ونتأمل، فى دلالات تجاربنا التاريخية، والدروس التى تعلمناها.. فقد علمتنا تجربة استعادة سيناء، بالحرب والسلام، أن المصرى لا ينسى ثأرًا، ولا يرضخ لهزيمة، ولا يقبل استسلامًا.. علمتنا تجربة استعادة سيناء، أن الأمة المصرية، قادرة دومًا، على الانتفاض من أجل حقوقها، وفرض احترامها على الآخرين.. تعلمنا من الحروب المتلاحقة، ومفاوضات السلام الصعبة، أن الحق المسنود بالقوة، تعلو كلمته وينتصر فى النهاية، وأن الشعب المصرى لا يفرط فى أرضه، وقادر على حمايتها، حربًا وسلامًا).


انتهى الاقتباس.. لكن.. لم تنتهِ- ولن تنتهى- الدروس والعِبَر من النصر العظيم.. إذ لاتزال البطولات تُسَطر على الأرض نفسها.. ولم تزل [قرابين الوطنية] تُقدَّم- بكل ارتياح- لنعيش فى عزة وكرامة.. ولايزال مَن تقدموا المسيرة فى الماضى (من أبناء القوات المسلحة المصرية)، يتقدمون المسيرة [اليوم]؛ لدحر الإرهاب، فوق الأرض ذاتها.

بعد 36 عامًا من تحرير سيناء، يقول الرئيس أيضًا: (لا يخفى عليكم، أن الأطماع فى سيناء لم تنتهِ.. وأن التهديدات وإن تغيرت طبيعتها فإن خطورتها لم تقل.. فها نحن نواجه منذ سنوات، هجمات شرسة من تنظيمات إرهابية، مدعومة ومموّلة من دول وجهات منظمة.. شبكة كبيرة من التنظيمات الإرهابية استطاعت فى السنوات الأخيرة، استغلال حالة الفوضى السياسية التى ضربت المنطقة؛ لتحتل أراضىَ واسعة فى دول شقيقة.. وزَيّن لها الوهم أنها قادرة على فعل مثل ذلك فى أرضنا الغالية).


العبارة السابقة [شديدة الدلالة].. إذ تتجاوز فى مضمونها- واقعيّا- الحرب على «مرتزقة الإرهاب» لما هو أبعد من ذلك (من الناحية السياسية).. أتوقف كثيرًا أمام عبارة: [وزَيّن لها الوهم أنها قادرة على فعل مثل ذلك فى أرضنا الغالية].. العبارة تحمل تأكيدًا (شديد الحسم) على قوة الدولة [المصرية]، وقدرتها على تأمين حدودها.


لسنوات قليلة مضت (أى منذ الاضطرابات التى شهدها الشارع العربى بالعام 2011م).. كانت «القوى المناهضة» للدولة المصرية، تتعشم فى خَلق «دولة هشّة» بكل السُّبُل (سواء بدعم الإرهاب تارة، أو بترويج الأكاذيب تارة أخرى).. وبين هذا وذاك، تحيّن البعض الفرصة طمعًا فى طلب مصر لـ«المساعدة الدولية» للقضاء على الإرهاب فى سيناء (!).. لكن.. كانت «الرسالة المصرية» قاطعة بأن من سيحرر أرض سيناء [للمرّة الثانية]، هم أبناء هذا الشعب العظيم، ولا أحد سواهم.


ومع كل تقدُّم تُحرزه القوات المسلحة [والشرطة المدنية] على أرض سيناء.. تنشط آلة صناعة الأكاذيب؛ لتشويه ما يحدث.. وليس أدلّ على هذا من ذلك التقرير [المشبوه] الذى أصدرته أخيرًا «هيومان رايتس ووتش»، وزعمت خلاله أنّ أهالى سيناء يعانون الجوع(!).. وسرعان ما كان الردّ قاطعًا [ومُفحمًا] من كل من: أهالى سيناء أنفسهم، والقوات المسلحة، التى سارعت بالتأكيد على أن «المؤن الغذائية» يتم تأمينها بانتظام لأهالينا هناك.

طهّرت مصر سيناء من [الدنس الإسرائيلى]، ولاتزال تتابع تطهيرها من [دنس الإرهاب].. ورُغم تغيير «المعادلات السياسية» على أرض منطقة «الشرق الأوسط» بتغير الزمن؛ فإنّ «العدو القديم» سيبقى هو العدو الرئيس.. فرُغم وجود [اتفاقية للسلام المصرى/ الإسرائيلى]؛ فإنّ مخططات «تل أبيب» لأن تبقى هى القوة الأكبر بالإقليم، لاتزال قائمة.. وهذا (عينه) ما يُزعج قادة «تل أبيب» فى الوقت الحالى. 


وفقًا لتقديرات عسكرية [عبرية] حديثة؛ فإن إسرائيل اعتادت أن تكون البلد الوحيد بالمنطقة الذى يتمتع بقدرات متطورة (عسكريّا واستخباريّا).. إلا أنّ مصر منذ «اتفاقات كامب ديفيد»، غيّرت تلك المعادلة إلى حدًّ بعيد.. إذ باتت «القاهرة» تقتنى أسلحة متطورة من الخارج (ولم تعُد تعتمد على الولايات المتحدة الأمريكية، فقط).


وبحسب التقديرات [المُنزعجة] نفسها؛ فإنّ «القاهرة» قامت بشراء خمسين طائرة مقاتلة من طراز [MiG-29M / M2]، وخمسين طائرة هليكوبتر مقاتلة من طراز [Ka-52]، وأنظمة دفاع جوى متعددة من طراز [S-300VM] من روسيا، إلى جانب أربع سفن حربية من طراز [Gowind 2500]، وأربع وعشرين مقاتلة من طراز «رافال» من فرنسا.. وهو ما يمنح [مرونة استراتيجية] للمصريين، ويقلل من قدرة «واشنطن» على الحد من نوع المعدات العسكرية التى ترسلها إلى مصر.


أى أن «إسرائيل» التى أعربت- فى وقت سابق- عن تفهمها لمقتضيات [الحرب على الإرهاب فى سيناء]؛ تنظر بـ«عين الخوف» إلى أن «القاهرة» لم تعُد [رهينة التسليح الأمريكى، فقط] كما كان يحدث فى الماضى، وذلك بعد أن نوّعت «مصر» من مصادر تسليحها العسكرى.. وهو تنوع يُحسب (أولاً وأخيرًا) للقيادة السياسية الحالية.


لذلك.. كان أن طالبت التقديرات العسكرية [العبرية]، بأن تحافظ «تل أبيب» على جوانب تفوقها العسكرى بالإقليم.. ونوهت تلك التقديرات إلى أنّ آلية التنسيق التى تتبعها إسرائيل مع الولايات المتحدة فى الحفاظ على «التفوق العسكرى النوعى«تحتاج إلى التوسع فى ضوء «التغيرات» الأخيرة تلك(!).

وتبقى كلمة: سلامًا على من استصغر الموت من أجل أرضه؛ فعَبَر.. وحارب؛ فانتصر.. وفاوض (منتصرًا)؛ فلم يُفرّط فى حَبَّة رملٍ واحدة.. سلامًا على أرواحٍ طاهرة، لاتزال تُضحى- إلى اللحظة- بكل غالٍ ونفيس؛ حتى لا تُــدنَّس أرض الأجداد.. سلامًا على «صاحبة الزمن»، و[المُستقبل، أيضًا].. سلامًا على صاحبة العزة والكبرياء (مصر).

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز