عاجل
السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
المحاماة بين المهنة والسياسة

المحاماة بين المهنة والسياسة

بقلم : أسامة سلامة

أثار الدكتور فتحى سرور رئيس مجلس الشعب الأسبق جدلًا كبيرًا بدفاعه عن 7 سيدات مدرجات فى قوائم الشخصيات الإرهابية ومتحفظ على أموالهن، وتساءل كثيرون لماذا يدافع قيادى سابق فى الحزب الوطنى المنحل بحكم قضائى، وأحد رموز نظام مبارك عن منتميات أو مشتبه فى انتمائهن  للإخوان؟ وهاجمه البعض بأنه يقف مع أعداء الشعب، وأن أتعابه من القضية على حساب دماء الشهداء، نفس الجدل أثير ولكن بصورة أقل عندما تصدى المحامى المعروف فريد الديب محامى الرئيس الأسبق مبارك للدفاع عن المستشار هشام جنينة فى القضية المقامة ضده والتى انتهت بحبسه خمس سنوات بتهمة إذاعة أخبار كاذبة ومسيئة للدولة، ولكن الأمر لم يصل إلى حد اتهام الديب بالوقوف ضد الوطن، ربما لأن الديب تولى  فى تاريخه المهنى العديد من القضايا التى أثارت جدلًا كبيرًا مثل دفاعه عن الجاسوس الإسرائيلى عزام عزام، ويبدو أن الناس تعاملوا معه باعتباره محاميا يقوم بعمل مقابل أجر دون أى اعتبارات سياسية، فى حين أنهم وضعوا سرور فى قالب سياسى ولم يخرجوه منه حتى وهو يمارس المحاماة، ولكن الصخب فى الحالتين لم يذهب نحو القضية الحقيقية وهى علاقة المهنة بالسياسة ومتى يتم الخلط بينهما، وهل هذا لصالح المهنة وقواعدها ومبادئها وأساسياتها وأصولها أم لا؟ وهى أسئلة لا يمكن أن تكون موضع اعتبار إلا فى المهن التى تتماس مع العمل العام والسياسة، فقد دافع البعض عن سرور والديب بأنهما يؤديان عملهما مثل الطبيب الذى يعالج المرضى دون النظر للانتماءات السياسية أو الخلافات الفكرية، وهى مقارنة غير دقيقة، فامتناع الطبيب عن علاج مريض جريمة، وخطأ إنسانى غير مقبول لأنه قد يؤدى إلى وفاة المريض خاصة فى الحالات الحرجة والطارئة، أما فى المحاماة فإنه يمكن للمحامى قبول أو رفض القضية التى يتم نظرها أمام النيابة والمحاكم خلال فترة قد تمتد إلى شهور طويلة، وفى هذا السياق كتب الفقيه الدستورى الدكتور نور فرحات أستاذ فلسفة وتاريخ القانون «إن من أول مبادئ المحاماة أن تنصر من يستنجد بك حتى ولو خالف انحيازاتك وقناعاتك، وأن تطلب من محامى الدفاع عن فصيل دون فصيل مثل أن تطلب من الطبيب علاج مريض دون مريض والمحاماة ليست مهنة رأى بل مهنة غوث، وطبعًا هناك قيود واعتبارات أخلاقية قد تدفع المحامى لقبول أو رفض بعض القضايا ولكنها قيود واعتبارات ذاتية يحددها المحامى نفسه»، ورغم وجاهة ما كتبه الدكتور نور إلا أننى أعتقد أنه يجب التفرقة بين القضايا العادية الجنائية والمدنية والإدارية والأحوال الشخصية وبين القضايا ذات البعد السياسى،  فالنوع الأول لا يثير الجدل حتى ولو كان المحامى وموكله مختلفين فكريًا، والوضع يختلف فى القضايا ذات البعد السياسى، مثلًا إذا كان المحامى يساريًا واشتراكيًا هل يدافع عن متهمين ببيع أصول الدولة بأقل من أسعارها الحقيقية؟ وهل يدافع محامٍ مؤيدٍ لثورة يناير عن رموز نظام مبارك؟ أو محامٍ مؤيدٍ لثورة 30 يونيو عن منتمين لنظام الإخوان ومتورطين فى أفعاله؟ وهل يجوز لمحامى ليبرالى  الدفاع عن تنظيم يتبنى تكفير المجتمع وإرهابه؟ لقد قال سرور فى رده على من هاجموه «إن المحامى نجدة ويجب أن يترافع عن الخصم الضعيف» وهو كلام جميل، ولكن هل يصلح فى كل القضايا؟  فى ظنى أن الأمر كله متعلق بالضمير قبل كل شيء، فإذا اقتنع المحامى أن المتهم برىء فيجب عليه نجدته حتى ولو كان خصمًا سياسيًا، وهو هنا مثل الطبيب الذى ينقذ حياة المريض، وقديمًا كان الأستاذ نبيل الهلالى يدافع عن المتهمين من الجماعات الإرهابية وكان منطقه أنهم تعرضوا للتعذيب فى اعترافاتهم وأنه يدافع عن صحيح القانون مطالبًا بالمحاكمات العادلة القائمة على تطبيق الإجراءات القانونية السليمة، والاحتكام إلى قواعد حقوق الإنسان، ولكن ماذا لو ثبت للمحامى تورط موكله فى الجريمة المتهم بها سواء كانت جنائية أو إرهابية وأنه أضر بالمجتمع ويمثل خطرًا عليه؟ «وهذا كله بعيدًا عن القضايا  السياسية، حيث لا يجب أن تكون المواقف والآراء والأفكار محلًا للاتهام»، أكرر الأمر كله يعتمد على الضمير والقناعات وقواعد المهنة وأصولها، وفى كل الأحوال يجب أن نبتعد عن تكفير وتخوين من يخالفوننا فى المواقف، ليس فى المحاماة فقط، ولكن فى كل المجالات.



 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز