عاجل
الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
( معاش ) ... اللي يزعلكوا !

( معاش ) ... اللي يزعلكوا !

بقلم : محمد يوسف العزيزى

هل تعلم الحكومة ، هل يعلم البرلمان أن الزمن قد تغير ، وأن معيشة الناس قد تغيرت ، وأن الذي كان يخرج إلي المعاش منذ 30 سنه كان يخرج وقد أكمل - تقريبا – كل مسئولياته تجاه أولاده ، ويكون قد أتم رسالته فعلم الأولاد ، وزَوّج البنات وسترهم في بيوتهم ، وحصل من تعلم من أبنائه علي عمل يبدأ به مشواره في الحياة ، وحمد الله علي نعمته ، وبدأ يأخذ قسطا من الراحة وعناء المشوار الطويل ، وإن كان مريضا أو صاحب علة مزمنة فقد كان يجد في جنيهات المعاش المتواضعة ما يستطيع به شراء علبة دواء أو الذهاب إلي طبيب للعلاج , حتى تحين ساعته وينتقل إلي رب العباد ، ورغم أن المعاشات كانت بسيطة للغاية لكنها كانت تصل بصاحبها إلي حد الكفاف !



أما وأن الحال قد تغير إلي أسوأ حال وتأخر سن الزواج بسبب ظروف الحياة الاقتصادية ، وأصبح من يصل إلي عمر الستين ويخرج إلي المعاش يكون ما زال في منتصف الطريق ، وما زال يعول أطفال وأبناء في سن التعليم من الإعدادي – وربما الابتدائي – إلي الجامعة ، وما أدراك بالنفقات المطلوبة للتعليم ، وبعدها نفقات الزواج سواء أولاد أو بنات ، وتشهد علي أزمة هؤلاء  زنازين الغارمين والغارمات !

يخرج صاحب المعاش فيجد بين يديه ما يقل عن ربع ما كان يتقاضاه – ولم يكن يكفيه – وهو في العمل ، بالإضافة إلي حفنة من الأمراض المزمنة وغير المزمنة ، وبدلا من الراحة والتقاط الأنفاس يبدأ من جديد البحث عن أي عمل وهو في هذا العمر ليتجنب الحاجة ومزلة الاستدانة ، ويظل هكذا حتى يلقي ربه وهو يتصبب عرقا وألما من أوجاع المرض الذي لا يستطيع شراء الدواء له !

كذب من قال أن الحياة تبدأ بعد الستين في مصر .. العذاب والألم وكسرة النفس والحاجة هي التي تستمر مع صاحب المعاش بعد الستين ، والراحة والهدوء لا يتمتع بهما صاحب المعاش إلا مع الموت !

إذا كانت الحكومة لا تعلم ذلك فتلك مصيبة ، وإذا كانت تعلم وقامت بالتصدي لوقف أو تعطيل لحكم محكمة واجب النفاذ بمسودته فالمصيبة أعظم ، وإذا كان نواب البرلمان لا يعلمون فتلك كارثة ، وإذا كانوا يعلمون وقاموا بالموافقة السريعة علي منح الوزراء ونوابهم والمحافظين ونوابهم ورئيس الوزراء ورئيس المجلس معاشا يصل إلي 80% من الحد الأقصى للأجر بما يعادل 33 ألف جنيه فالكارثة أعظم لأنهم لم يحركوا ساكنا عندما عطلت الحكومة حكم صادر لمصلحة 9 ملايين مواطن صاحب معاش أفنوا عمرهم في خدمة العمل ودفعوا لهذا اليوم من رواتبهم ما يستحقون عليه معاشا ودخلا آدميا .

ما أعرفه وما يقوله الدستور وقانون التأمينات أن المشترك يستحق المعاش بعد مدة اشتراك لا تقل عن عشرين عام باستثناء حالات الوفاة الطبيعية أو بسبب آخر أثناء الخدمة ، فكيف يمكن صرف معاش بقيمة 80% من الأجر لوزير أو محافظ أو نائب لأي منهما بعد عام أو عامين أو ثلاثة علي أقصي تقدير ؟ وكيف إذا كان الوزير له ملف تأميني في وظيفة سابقة في الجامعة أو من رجال الأعمال أو الداخلية أو الجيش وكان يتقاضي معاشا ؟

هل عمل الوزير أو المحافظ أو تعيين نوابهما وظيفة مستديمة أم تكليف مؤقت قد ينتهي بعد شهر أو سنة أو أكثر قليلا ؟ وهل اشترط الوزراء والمحافظون أن يكون معاشهم بعد أداء المهمة بهذه القيمة ؟ وهل هذا من العدل والإنصاف أن يحصل من يعمل عام أو اثنين علي معاش يعادل ثلاثون ضعف من عمل أكثر من ثلاثين عام ؟

لم يكن هناك مانع أن يحصل الوزير والمحافظ وغيرهم ممن شملهم تعديل القانون ضعفي الحد الأقصى للأجر طالما في وظيفته وطالما يعمل بجد واجتهاد .. لكن أن يحصل علي هذه النسبة من الأجر كمعاش في الوقت الذي تجتهد الحكومة في تعطيل حقوق أصحاب المعاشات فليس في هذا عدل ولا إنصاف !

 المادة 17 من الدستور تقول : " أموال التأمينات أموال خاصة لها كل الحماية مثلها مثل المال العام وتكون فوائدها ملكًا لأصحابها وتضمن الحكومة هذه الأموال "

 هذا الكلام لم ينفذ فأموال التأمينات تقدر ب 705 مليار جنيه، منها صكوك بمبلغ 339 مليار بالخزينة العاملة للدولة بعائد 9%، و 65 مليار جنيه ببنك الاستثمار القومي بعائد 11%، و أوراق دفع بمبلغ 144 مليار جنيه بعائد 14.4%، و 166 مليار جنيه ديون مستحقة على وزارة المالية بدون عائد، وهذه الأموال لو تم استثمارها بشكل صحيح كان قد تخطى المبلغ تريليون جنيه حسب «سعيد الصباغ» رئيس النقابة العامة لأصحاب المعاشات

فوائد جزء من هذه الأموال 50 مليار جنيه  سنويًا، وكان من المفترض أن يستفد منها صاحب المعاش ولكن الحكومة "ودن من طين والثانية من عجين !

كان لدينا أمل أن تنظر الحكومة بعين الإنصاف لهؤلاء الذين يعانون كل أشكال المعاناة ، وكان لدينا أمل أكبر في مجلس النواب أن يكون الناس - وخصوصا أصحاب المعاشات - هم أول أولوياته ، وكان لدينا أمل أخير عند الرئيس أن يوجه الحكومة لتنفيذ الحكم الصادر لأصحاب المعاشات بمسودته ولو علي مراحل لا تثقل كاهل المالية ، ويطلب من الحكومة إعداد قانون منصف لا يجعل صاحب المعاش مثل خيل الحكومة ينتظر رصاصة الرحمة خصوصا أن أصحاب المعاشات لا يطلبون شيئا إلا من حصيلة مدخراتهم في صندوق التأمينات .

9 ملايين صاحب وصاحبة معاش هم ظهير الدولة الحقيقي في كل المواقف ، وظهير الدولة يحتاج من الدولة التقدير الواجب ورد الحق .. كل الحكاية .. معاش يكفل لهم حياة كريمة ، ومعاش اللي يزعلكوا !!

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز