عاجل
الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
التنكيت على اليهود.. فى «يوم الاستغلال»!

التنكيت على اليهود.. فى «يوم الاستغلال»!

بقلم : هاني عبدالله

فى عالم [السياسة الشعبية] .. غالبًا ما يكون «سلاح النكتة» أقوى من القنابل.. تقول «النكتة الفلسطينية» إنّ إسرائيليًا أراد معاكسة فتاة من الأراضى المُحتلة.. فخلعت الفتاة حذاءها، وقالت له: «غور.. لسويك خبر عاجل فى قناة الجزيرة».



.. ربما لا تنتزع تلك النكتة «الضحكات الصارخة».. لكنها [موجعة إلى حدّ بعيد]؛ إذ تكشف عديدًا من أبعاد «التآمر العربى» على الحق الفلسطينى ذاته (لا الإسرائيلى فقط).. فأول من كان سيهتم بهذا الخبر – قطعًا – هو الفضائية القطرية، التى وضعت نفسها [مبكرًا] فى خدمة الأجندة الصهيونية بمنطقة الشرق الأوسط(!)


تقول نكتة فلسطينية أخرى؛ إنّ جنديًا من جنود الاحتلال أمسك بطفلٍ فلسطينى، وطلب منه تجهيز الشاى لجنود «الدورية الإسرائيلية».. وعندما رفض الطفل الطلب، صفعه الجندى على وجهه.. ذهب الطفل لتجهيز الشاى، والدموع تسيل من عينيه.. وعندما بدأ فى تقديم الشاى للجنود، بصق أحدهم على وجهه، قبل أن يسأله: هل تعتقد أنّ السلام [العادل] بين العرب وإسرائيل ممكن؟!.. فرد الطفل: ما فعلناه الآن هو [السلام العادل].. أنت ضربتنى وبصقت على وجهى، وأنا أسقيتك شايًا ممزوجًا بـ«فك حسرتى» (أي: ممزوجًا بالبول).


.. والمعنى واضح بالتأكيد.. فلكل فعل رد فعل.. ومادام العنف، والقهر، واغتصاب الحقوق، تتحكم بالمشهد داخل الأراضى العربية المُحتلة؛ فللعدالة وجوه كثيرة(!).. ولسنوات مديدة، عانى «الأشقاء الفلسطينيون» من اغتصاب حقوقهم (عيانًا جهارًا).. حتى أعيتهم الحيلة(!)


وبذكر الحيلة.. تقول نكتة ثالثة: إن جنود الاحتلال ألقوا القبض على «الابن الوحيد» لرجل عجوز.. وعندما حان موعد زراعة البطاطا (البطاطس) كتب لابنه فى محبسه يشتكى ضعف قوته فى تقليب الأرض تمهيدًا للزراعة.. فكتب الابن لأبيه: [اترك الأرض يا أبى ولا تحفر بها.. فقد وضعت بها الأسلحة!].. وفورًا.. توجه جنود الاحتلال نحو الأرض، وحفروها بحثًا عن الأسلحة.. لكنهم لم يجدوا شيئًا!


فبعث الأب لابنه برسالة جديدة يستفسر فيها عن مضمون رسالة الأسلحة؟!.. فرد الابن: ازرع الأرض الآن يا أبى، فقد وفروا عليك عناء تقليب التربة(!)


تبدو «النكتة الفلسطينية» فى مواجهة الاغتصاب الإسرائيلى للحقوق العربية، ابنة شرعية لبيئتها بامتياز (تقطر ألمًا، وأكثر جدية).. إلا أنّ «النكتة المصرية» (أو تلك التى يتم تمصيرها) تبدو – غالبًا - أكثر إيلامًا للإسرائيليين من غيرها.. فعندما يتم إنتاج النكتة (مصريًا)، أو تُعاد صياغتها لتلائم [المزاج المصرى]؛ فإنها تقترب بسكين حاد من المناطق الحساسة(!)


تقول النكتة: مرة [واحدة إسرائيلية] ذهبت فى رحلة سفارى إلى مصر.. لكنها عادت إلى زوجها حاملاً! .. وحتى يهرب أهلها من الفضيحة، استقبلوا زوجها بالترحاب.. وقالوا له: مبروك.. لقد أتت إليك بأسيرٍ عربى!


ولأن «النكات الحساسة» تلائم المزاج المصرى أكثر؛ فقد أعاد المصريون إنتاج نكتة فلسطينية الأصل (بمسلسل فرقة ناجى عطاالله، على لسان الكوميديان الكبير عادل إمام).. إذ تقول النكتة:


سافر إسرائيلى إلى باريس.. وتوجه إلى أحد بيوت الدعارة، ثم طلب «عاهرة» بالاسم.. وعندما قضى معها الليلة أعطاها «ألف فرنك».. وفى الليلة الثانية؛ طلب العاهرة نفسها وأعطاها ألفًا أخرى.. واستمر على هذا الأمر لخمس ليالٍ.. لذلك أعجبت «العاهرة» بكرمه الغريب عن الإسرائيليين، وقالت له: غدًا لا تدفع شيئًا، فهى ليلة مجانية!


فاعتذر الإسرائيلى.. وقال لها: للأسف، سأعود غدًا إلى «تل أبيب» فشقيقك ينتظرنى هناك، وهو الذى أرسل لك معى الـ 5 آلاف فرنك(!)


فبعيدًا عن تقاطعات عمليات التغيير التى تشهدها «المعادلات السياسية»؛ لا يُسقط [المصريون] الحواجز النفسية بينهم وبين مغتصبى الحقوق بسهولة.. لذلك عندما التقى مصرى إسرائيليًا داخل أحد البلدان الأوروبية (وكانا يعملان بالمكان ذاته)؛ أراد الإسرائيلى أن يُهين المصرى: وقال له «إيه الفرق بينكم وبين الحمير؟».. فرد المصرى بـ«سرعة بديهة»: سينا(!).. وأسقط فى يد الإسرائيلى.


يُدرك الإسرائيليون – يقينًا – أنّ [المزاج المصرى]، وخفة ظل أبناء النيل (بعيدًا عن التقاطعات السياسية)، ستظل «نصلاً جارحًا» يُنتج النكات [اللاذعة] بلا هوادة.. لذلك.. حاولت «تل أبيب» مرارًا، أن تتودد (عبر وسائل التواصل الاجتماعي) للكوميديانات المصريين؛ لكسر الحاجز النفسى، طمعًا فى عملية [تطبيع] أكثر سخونة.. وهو ما قابله المصريون (لا الكوميديانات فقط) بوابل من القفشات، ربما تفوق [فى سخريتها] ما يُمكن أن ينتجه الفنانون المصريون أنفسهم(!)


يعتبر المصريون التعليقات  الإسرائيلية الخاصة  بالشأن المصرى على مواقع التواصل [لزوجة زائدة].. ويُصنف المصريون – كذلك – أفيخاى أدرعى (الناطق باسم الجيش الإسرائيلى للمنطقة العربية، وصاحب أشهر التعليقات المستفزة) بأنه [من ذوات الدم البارد].. ومع ذلك لا تنتهى «اللزوجة»، ولا يرتدع ذوات الدم البارد عما يفعلون(!)


قبل شهور قليلة.. دخل أحدهم إلى [موقع تويتر]؛ ليعلق على «تويتة» للفنان المصرى «محمد هنيدى».. فناله ما ناله من سخرية.. فأعرب عن حُب [الإسرائيليين للفنان] فى تعليق تال(!).. فرد هنيدى قائلاً: «هتخلينا كدة نصرف النظر عن تويتر كله يا بابا».. أما لماذا «هنيدى» على وجه التحديد؟!.. فلأنه – ببساطة – أعرب عن موقفه بواقعة «حرق العلم الإسرائيلى» فى فيلم [صعيدى فى الجامعة الأمريكية]، وموقفه من التطبيع فى فيلم [همام فى أمستردام].. وهكذا.


وما ينطبق على «هنيدى»، ينطبق – أيضًا – على الفنان الكبير «عادل إمام» (صاحب: فيلم: «السفارة فى العمارة»، ومسلسل: «فرقة ناجى عطا الله»).. إذ كان أول ما فعله السفير الإسرائيلى «دافيد جوفرين» (David Govrin)، عندما تم تعيينه سفيرًا بالقاهرة، هو تملقه (فى فيديو مُسجل) لخفة ظل الشعب المصرى، وخفة ظل «الكوميديان الكبير»(!)


و«جوفرين» الذى قدم سفيرًا إلى القاهرة فى النصف الثانى من العام 2016م، التحق بالعمل الدبلوماسى فى «تل أبيب» منذ العام 1989م.. وبدأ عمله – كذلك - داخل السفارة الإسرائيلية بمصر، ثم عمل مستشارًا سياسيًا للبعثة الإسرائيلية بالأمم المتحدة [بنيويورك]، قبل أن ينتقل للعمل بـ«مقر وزارة الخارجية الإسرائيلية» بالقدس (المُحتلة).. ليشغل – بعد ذلك – موقع مدير القسم الأردنى.. وهو – أيضًا – ابنٌ لدبلوماسى (سابق) عمل كسفير لإسرائيل بدولتي: «رومانيا»، و«النمسا».. كما تخصص بالجامعة العبرية فى دراسات الشرق الأوسط والحضارة الإسلامية.. وانصبت دراسته للدكتوراه حول [الليبراليين العرب الجُدد]، مُركزًا  (فى المقام الأول) على الشخصيات المصرية(!)


ومع ذلك.. غادر [من دون مُقدمات] القاهرة إلى تل أبيب.. ورُغم أنّ «الخارجية الإسرائيلية» لم تعلق على مغادرة «جوفرين» للقاهرة، فإن [الإعلام العبرى] واصل حينئذ، لعبته المعتادة فى اختلاق أسباب [وهمية] عن الرحيل بحجة [تعرضه لتهديدات من جماعات إرهابية فى القاهرة].. وكان الأمر – فى حقيقته – محاولة جديدة لضرب قطاع السياحة المصرى بحجة غياب الأمن(!).. لذلك.. كان أن اكتفت «وزارة الخارجية المصرية» بالتأكيد على أنّ «جوفرين» غادر القاهرة من دون إخبار مصر.


عاد «جوفرين» إلى القاهرة بعد انقطاع دام لنحو 10 شهور .. لكنه عاد بحثًا عن مساحات دبلوماسية جديدة يُمكن أن تكتسبها «تل أبيب» فى علاقتها مع مصر(!).. ووفقًا لما ذكرته الإذاعة العامة الإسرائيلية (the Kan public broadcaster)؛ فإنّ «جوفرين» تقدم بما أطلقوا عليه «خطاب احتجاج» للخارجية المصرية، على عدم دعوته [والدبلوماسيين الإسرائيليين فى القاهرة] لأى احتفالات، أو مناسبات عامة تنظمها الخارجية المصرية.


وقال «جوفرين»، بحسب ما نقلته صحيفة «ذى تايمز أوف إزرائيل» (The Times Of Israel)، بداية يناير من العام الجارى (العام 2018م ): إن جميع السفارات المعتمدة فى مصر تتم دعوتها لحضور المناسبات التى تجريها الخارجية المصرية، ولا تتم دعوة السفير الإسرائيلى بالقاهرة.. إلا أنّ المتحدث باسم وزارة الخارجية الإسرائيلية «إيمانويل نحشون» لم يؤكد الشكوى قائلاً: «نحن لا نعلق على اتصالات وزارة الخارجية».


وعلى أى حال.. لم يكن أمر الانسحاب، ثم العودة، ثم طلب المشاركة فى الفعاليات المصرية، سوى محاولة [جديدة] من تل أبيب؛ للبحث عن حالة من [التطبيع الساخن] مع المجتمع المصرى (الساخر بطبعه).. خصوصًا مع اقتراب الاحتفال بما يُسمى «يوم الاستقلال الإسرائيلى» (يوم تأسيس الدولة العبرية)!.. لكن.. أى استقلال يقصدون؟! (لا ندرى على وجه اليقين).. ربما يقصدون، على وجه الدقة (فى ظل غياب الحق العربى) يوم [الاستغلال] الإسرائيلى(!). 
 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز