عاجل
الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
مصر وشعبها حب كبير

مصر وشعبها حب كبير

بقلم : رشاد كامل

رحل الشاعر الكبير «نزار قباني» وبقيت قصائده وأشعاره ودواوينه خالدة تتحدى الزمن وتطبع عاما بعد عام، تغيرت المشاعر والعواطف والدنيا كلها وبقيت قصائده السياسية والعاطفية شاهدة على عصرها!



لقد أسعدنى  الحظ بمقابلة «نزار قبانى» عندما حل ضيفا ونجما على معرض القاهرة الدولى للكتاب شتاء عام 1987 فى زمن المثقف الكبير «د. سمير سرحان» رئيس الهيئة المصرية العامة للكتاب وقتها. وأسعدنى أن يوافق الشاعر الكبير على إجراء حوار طويل معه تحمس له ونشره بحفاوة كبيرة الأستاذ والصديق الكبير «لويس جريس» رئيس تحرير مجلة صباح الخير فى ذلك الوقت، وبلغ من حفاوته بالحوار أن قام بنشره على مدى ثلاث حلقات كاملة.  ولعل أكثر ما أسعدنى فى مقابلتى للأستاذ «نزار قبانى» عندما أهدانى كتابه «والكلمات تعرف الغضب» بإهداء  رقيق كتب فيه: إلى الصديق العزيز «رشاد كامل» بمحبة «نزار قباني» كما أهدانى ديوانه «سيبقى الحب سيدي» بإهداء يقول : «إلى الحبيب رشاد كامل»  المضىء والمتوهج والمسكون بالشعر».

وعندما لفت انتباهه إلى كتابته تاريخ الإهداء 30 يناير 1987  وكنا مساء 29 يناير قال لى : عندما أكون فى القاهرة لا أهتم بالوقت والتواريخ فأنا فى ضيافة أم الدنيا مصر.

فى حواره الطويل معى كان حبه وعشقه لكل ما هو مصرى يفوق الوصف، لم يكن حبًا عاديًا أو عشقًا عابرًا بل كانت مصر وكأنها قصيدة عمره وحياته وحبه الذى لا ينتهى!

وما أكثر المقالات التى كتبها «نزار» حباً وعشقَا فى مصر رغم العزلة التى كانت تعانيها بعد زيارة الرئيس السادات الشهيرة للقدس، ومن أجمل كلماته وسطوره عن مصر : بعد سنوات من القطيعة قوله : «مصر هى حب كبير.. مصر هى دائما مصر.. علاقتى مع مصر هى مثل الفضاء والقدر لا يمكن لأحد أن يغيرها أو يشوهها، مصر هى بيتى وأنا أدخلها بالحب وحده، دون أن أطلب مفاتيحها من أحد فالشعب المصرى وحده يملك مفاتيح مصر».

 أنا كشاعر عربى أعتبر نفسى فى ضيافة «عمرو بن العاص» وفى ضيافة النهر الكبير والتاريخ الكبير حيث يجلس فى صالون واحد: أحمد عرابى ومصطفى كامل، وجمال الدين الأفغانى ومحمد عبده، ورفاعة الطهطاوى، وأحمد شوقى وخليل مطران وطه حسين وعباس محمود العقاد، وجميع المفكرين والمبدعين والثائرين الذين علمونا أول درس من دروس الحرية !

لا انفصال بين مصر وبين قدرها العربى، كما لا تستطيع العين أن تنفصل عن أهدابها، والقمر عن ضوئه والوردة عن عطرها، مصر العربية هى ملكنا جميعا، ولا تستطيع أية شركة للمقاولات أو أية جمعية للمنتفعين أو أى تجمع للوصوليين والمرتزقة أن يتحدثوا بلسان مصر أو يوصدوا سماواتها فى وجه أى عصفور عربى يفكر أن يحط على أرضها  الطيبة.

إن مصر ليست صفحة تنزع من كتاب، أو جبلا يحذف من المنطقة، أو قمرا ننفخ عليه فتنطفئ شعلته الزرقاء أو نهرا يستطيع تغيير مجراه، أو جملة يشطبها الرقيب لأنها لا تعجبه، أو منزلا نتركه ونستأجر غيره!

إن مصر هى حادثة تاريخية وجغرافية وحضارية لا يمكن اللعب بها، وكل الذين حاولوا اللعب بالمعادلات الأساسية للتاريخ والجغرافيا اكتشفوا بعد فوات الأوان أن التاريخ أقوى منهم وأن الجغرافيا أكثر  ثباتا منهم. ولذلك فإن كل من حاولوا القفز فوق الخطوط الحمراء التى رسمها التاريخ سقطوا.. وكسرت أعناقهم !

وأخيرًا يختتم نزار قبانى حديثه عن مصر بقوله:  «أنا لا أستطيع أن أتصور حديثاً عن مستقبل المنطقة لا تكون مصر جزءا منه، كما لا أستطيع أن أتصور شكلا للعالم العربى القادم لا تشترك مصر فى صياغته أو رسمه».

وليس بعد كلام شاعرنا الكبير «نزار» أى كلام !

وللحكاية بقية

 

 

نزار قبانى عن الإهداء بخط يده 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز