عاجل
الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
"البرص".. معيار الجمال

"البرص".. معيار الجمال

بقلم : محسن عبدالستار

في بعض الأحيان يشعر الإنسان بأن الحياة غير عادلة أبدًا، وأن الظروف تقيده من كل ناحية، وكثيرًا ما نختار الاستسلام لظروفنا لأننا نعتقد أنها أقوى من أن يمكن مواجهتها.. جميعنا مر بمثل هذه الحالة بلا أدنى شك، ولكن هناك من استسلم بالفعل وضاعت أحلامه كلها ومعها أيضًا ذاته في خضم الحياة والظروف، وهناك من واجه وقاتل حتى آخر نفس في حياته.



ومن المتعارف عليه أنه لا توجد معايير معينة خاصة بالجمال، أو تفوق شخص على آخر، إلا بالإصرار والعمل وتخطي الصعاب، وبالتالي التحدي، وعدم الاستماع لأقوال الآخرين.

فهناك قصة فريدة من نوعها تبين لنا مدى الإصرار والتحدي للظروف، وهي لـ"ويني هارلو"، وهي عارضة أزياء كندية، أُصيبت بمرض جلدي نادر الحدوث وغير قابل للشفاء يُدعى "البهاق" أو ما يطلق عليه بين العامة "البرص"، فظهرت أصباغ عديمة اللون في العديد من أجزاء جسدها، ولم تعش طفولة سهلة.. إلا أنها رغم ما حدث لها لم تتوقف حياتها أبدًا، بل تحدت الظروف التي مرت بها، لتفرض ذاتها معيارًا للجمال.

"ويني هارلو"، فتاة صغيرة تحدت الصعاب، وألقت كل ما قيل عنها خلف ظهرها واتجهت للعمل والحياة، فكانت الوجه الدعائي للعلامة التجارية العالمية "ديسيجوال"، وهي أحد النماذج الأكثر تميزاً في العالم، صنفتها هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي"، ضمن لائحتها السنوية لأكثر مائة امرأة تميزًا ونجاحًا، فهي تحمل سرًا دفينًا تحرص عليه دائمًا، وهو أنها قد ولدت مجبولة على الثقة بذاتها، في الوقت الذي لاقت فيه معاملة عكسية من محيطها الخارجي توحي لها بالنبذ والنقصان.

أصيبت بالبهاق منذ صغرها، وكان يسخر منها الكثيرون، لكنها لم تهتم بهذه الأشياء ولا بما يقال عنها.. كانت تُصر دائمًا على أنها تحقق أهدافها- حتى إن سخر منها العالم كله– فكانت ثقة "ويني" بنفسها كبيرة جدًا، إلى أن استطاعت أن تتخطى الكثير من العقبات لتصل إلى هدفها الذي حددته.

"ويني" صارت من أشهر عارضات الأزياء في العالم، وذلك بفضل التحدي والإصرار ومواجهة الآخرين بقوة وشجاعة كبيرة، فهي لم تكن تستمع إلى كلام الذين يسخرون منها، وإلا لم تصل إلى هذا النجاح الباهر الذي حققته في فترة قصيرة من حياتها، بل استمرت في طريقها إلى أن أصبحت عارضة أزياء يشار إليها بالبنان، والذي ساعدها على ذلك ثقتها الشديدة بنفسها، وبجمالها الداخلي وليس الظاهري، وصارت دور الأزياء تتسارع إليها من أجل أن تقوم بعرض أزيائهم.

"ويني" أصبحت مشهورة عالميًا عندما تجاهلت الكلام السلبي، ونظرت إلى الإيجابية.. وحققت هدفها، فأثناء مرحلة الدراسة، أطلق عليها زملاؤها في المدرسة الكثير من الألقاب القاسية.. فتحولت من فتاة منبوذة اجتماعيًا إلى نجمة تحلّق نحو العالمية، فتعلمت أن تحب نفسها، بغض النظر عما يقال عنها، وهذا أعطاها الشجاعة للوقوف أمام أي شخص وأي عقبة في الحياة.

والسؤال الآن: هل ما زلت تشعر بقيودك؟ وهل ما زلت تؤمن بأن الحياة تسيّرك كيفما شاءت؟ وأنك ضحية الظروف ومن حولك؟

والإجابة: كل هذه أوهام في عقولنا، قيودك الحقيقية تكمن في روحك وأنت من صنعها بنفسك، حرر نفسك بنفسك وتذكّر أنها حياة واحدة تعيشها، رحلة واحدة، قد تنتهي في أي وقت، فبأي نهاية تريدها أن تكون؟!

 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز