عاجل
الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
ثلاث مناسبات قبطية.. ومصرية أيضا

ثلاث مناسبات قبطية.. ومصرية أيضا

بقلم : أسامة سلامة

فى الأيام القليلة الماضية كانت هناك ثلاث مناسبات اهتمت بها الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، حيث احتفلت بمئوية إنشاء مدارس الأحد، والتى تم تأسيسها عام 1918.



 

كما احتفلت باليوبيل الذهبى لظهور العذراء على منارة كنيسة العذراء بالزيتون عام 1968، وتزامن الاحتفالان مع عودة رفات الشهداء الأقباط والذين قتلوا غدرا وغيلة على أيدى المتطرفين فى ليبيا منذ ثلاثة أعوام، حيث تم إعادة دفنهم فى كنيسة «شهداء الإيمان والوطن» بقرية العور بمحافظة المنيا.. من ينظر بعمق إلى المناسبات الثلاث سيدرك أنها ليست مسيحية خالصة ولا تخص الكنيسة القبطية فقط، ولكنها تهم الوطن كله.

 

مدارس الأحد أنشئت فى الأساس من أجل تربية الطفل المسيحى على مبادئ الإنجيل والمسيح، وتعليمه قواعد المسيحية، وغرس قيم التسامح والمحبة داخله، وكان الأرشيدياكون «رتبة كنسية تعنى رئيس الشمامسة» حبيب جرجس قد استاء من ضحالة مادة الدين المسيحى التى تدرس لتلاميذ المدارس فهى لا تساعدهم على فهم دينهم ولا تمنحهم القدرة على استيعاب تعاليمه، فأنشأ هذه المدارس داخل الكنائس كجزء من خدماتها، وكانت فى البداية محدودة العدد ثم توسعت بعد ذلك وامتد نشاطها، ومنها خرج معظم رجال الدين المسيحى مثل المتنيح البابا شنودة الثالث والبابا تواضروس البطريرك الحالى.

 

 وحتى لا يتصور أحد أن هذه المدارس مهمة للكنيسة وللمسيحيين فقط فإننى أستعيد ما كتبه عنها وعن التعليم الدينى المسيحى عموما الدكتور طه حسين فى كتابه الفذ «مستقبل الثقافة فى مصر» والذى صدر عام 1928 أى بعد 20 عاما من ظهور مدارس الأحد, حيث قال «إعداد رجال الدين المسيحى لإخواننا الأقباط محتاج عناية خاصة من الدولة ومن الأقباط أنفسهم، فهم يتصلون بالصبية والشباب يعلمونهم دينهم ويفقهونهم فيه، فلابد أن تتحقق الملاءمة بينهم وبين المعلمين المدنيين لتحقيق الملائمة بين الثقافة الدينية التى يحملونها إلى هؤلاء الصبية وبين الثقافة المدنية التى يحملها إليهم المعلمون المدنيون، والقسيسون بعد هذا يتصلون بطبقات الطائفة القبطية على اختلاف مراكزها الاجتماعية، فلابد أن يثقف هؤلاء القسيسون تثقيفا ملائما للحياة الحديثة حتى لا يحملوا إلى الناس باسم الدين ثقافة تضطرهم إلى الحيرة والاضطراب والعجز عن احتمال أعباء الحياة المدنية».

 

 ويمضى عميد الأدب العربى شارحا أهمية الكنيسة القبطية قائلا: «والكنيسة القبطية مجد مصرى قديم ومقوم من مقومات الوطن، فلابد أن يكون مجدها الحديث ملائما لمجدها القديم، وما ينبغى أن نقارن بين رجال الكنيسة القبطية ورجال الكنائس الأخرى فنرى هذه الفروق التى أقل ما توصف أنها لا تلائم الكرامة المصرية ولا ينبغى أن يرضى عنها المصريون.

 

 ونتيجة لهذا أن الدولة المصرية والكنيسة القبطية يجب أن تتعاونا على إصلاح التعليم الدينى المسيحى كما طالبنا ذلك بالقياس إلى الأزهر والأزهريين»، هذا الكلام كتبه الدكتور طه حسين منذ 80 عاما وخلالها زادت أهمية هذه المدارس، ومن هنا كنت أتمنى أن يكون الاحتفال بمرور مائة عام على إنشاء مدارس الأحد أكبر وأن لا يكتفى بمناقشة تاريخها ومستقبلها داخل قاعات الكنيسة، فهى تحتاج إلى نقاشات أوسع وأشمل.

 

وإذا كان الدكتور طه حسين قد أبدع فى وصف وطنية الأقباط وشدد على أنهم «مصريون يؤدون الواجبات الوطنية كاملة كما يؤديها المسلمون ويستمتعون بالحقوق الوطنية كاملة كما يستمتع بها المسلمون ولهم على الدولة التى يؤدون إليها الضرائب وعلى الوطن الذى يذودون عنه حقوق»، فقد ظهرت هذه المعانى فى الجهود التى بذلتها أجهزة الدولة لإعادة رفات الشهداء الأقباط الذين راحوا ضحية الإرهاب منذ ثلاث سنوات فى ليبيا، وهو ما حدث منذ أيام حيث تم نقل جثامينهم إلى كنيسة «شهداء الإيمان والوطن» التى أمر الرئيس السيسى ببنائها تخليدا لهم، وتم وضع الرفات فى مزار خاص بهم فى الكنيسة.

 

 إعادة رفات الشهداء العشرين حدث مصرى مهم ورسالة بأن الدولة لا تنسى أبناءها ولا تفرق بينهم بسبب عقيدتهم، وهو ما ينبغى أن تستوعبه كثير من الإدارات والأجهزة الحكومية، وغير بعيد عن هذا احتفال الكنيسة بمرور خمسين عاما على تجلى العذراء على كنيسة الزيتون، الأغلبية من المسيحيين يؤمنون بالظهورات والبعض لا يعتقدون بها، ومع ذلك فإن الاحتفال بالعذراء يجب أن يوحد الشعب المصرى كله المسلمين والمسيحيين بكافة طوائفهم ، فأيقونات مريم العذراء تملأ الكنائس الأرثوذكسية والكاثوليكية، والإنجيليون يحبونها، والمسلمون يجلونها فهى خير نساء العالمين كما جاء فى القرآن، ولهذا فإنها مناسبة توحد ولا تفرق ، المناسبات الثلاث مصرية ويجب الاحتفاء بها رغم أنف المتطرفين.

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز