عاجل
الثلاثاء 19 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
أشج بني أمية!

أشج بني أمية!

بقلم : محسن عبدالستار

أصدر الفاروق عمر بن الخطاب مرسومًا ليحمي بلده من الغش، فمنع خلط اللبن بالماء، اهتمامًا بالناس، ولكي تؤمَّن لهم السلع الضرورية، فكان يمنع الغش في التجارة، وكان يضع على عاتقه مسؤولية الأمن.



كان يتفقد أحوال الرعية ليلًا فسمع حوارًا بين أم وابنتها تطلب منها خلط اللبن بالماء لكنها رفضت قائلة لها إن أمير المؤمنين نهى عن ذلك، فقالت وما يدري "عمر" بنا؟

فردت قائلة: إن كان أمير المؤمنين لا يرانا فإن الله يرانا.

هنا دمعت عينا الفاروق فرحًا بهذه الفتاة التي تخاف الله.. فقد نهت أمها عن خلط اللبن بالماء، فكان من ذريتها من أجمعت الأمة على جلال قدره، خامس الخلفاء الراشدين عمر بن عبد العزيز.. "إن الله لا يضيع أجر من أحسن عملًا".

رأى أمير المؤمنين بن الخطاب رؤيا، فقام من نومه يردد: "من هذا الأشج من بني أمية، ومن ولد عمر يسمى عمر، يسير بسيرة عمر ويملأ الأرض عدلًا".

ومرت الأيام، وتحققت رؤيا الفاروق، ففي منطقة حلوان بمصر، حيث يعيش والي مصر، عبد العزيز بن مروان، وزوجته ليلى بنت عاصم بن عمر بن الخطاب ولد عمر بن عبد العزيز، وعُني والده بتربيته تربية صالحة، وعلمه القراءة والكتابة، وحفظ القرآن الكريم.

ظهرت عليه علامات الورع وأمارات التقوى، حتى قال عنه معلمه صالح بن كيسان: ما خبرت أحدًا - الله أعظم في صدره - من هذا الغلام، وقد فاجأته أمه ذات يوم وهو يبكي في حجرته، فسألته: ماذا حدث لك يا عمر؟ فأجاب: لا شيء يا أماه إنما ذكرت الموت، فبكت أمه.

كان ابن عبدالعزيز معجبًا إعجابًا شديدًا بخاله عبد الله بن عمر - رضي الله عنه - ولم تكن هذه الأشياء وحدها هي التي تُنبئ بأن هذا الطفل الصغير سيكون علمًا من أعلام الإسلام، بل كانت هناك علامات أخرى تؤكد ذلك، فقد دخل عمر بن العزيز إلى اصطبل أبيه، فضربه فرس فشج رأسه فجعل أبوه يمسح الدم عنه، ويقول: "إن كنت أشج بني أمية إنك إذًا لسعيد".

وتمضي الأيام والسنون ليصبح عمر بن عبد العزيز شابًا فتيًا، فكان نحيف الجسم أبيض الوجه حسن اللحية يعيش عيشة هنيئة، يلبس أغلى الثياب، ويتعطر بأفضل العطور، ويركب أحسن الخيول وأمهرها، فقد ورث عمر عن أبيه الكثير من الأموال والمتاع والدواب، وزوجه الخليفة عبد الملك بن مروان ابنته فاطمة، وكان عمر وقتها في العشرين من عمره، فازداد غنى وثراءً.

ثم اختاره الخليفة الأموي الوليد بن عبد الملك ليكون واليًا على المدينة وحاكمًا لها، ثم ولاه الحجاز كله، فنشر الأمن والعدل بين الناس، وراح يعمر المساجد، بادئًا بالمسجد النبوي الشريف، فحفر الآبار، وشق الترع، فكانت ولايته على مدن الحجاز كلها خيرًا وبركة، شعر فيها الناس بالأمن والطمأنينة.

ويحكى أن عمر بن عبد العزيز - رضي الله عنه - كان يقسم تفاحًا للمسلمين، وبينما هو يفرقه ويقسمه على من يستحقه إذ أخذ ابن صغير له تفاحة، فقام عمر وأخذ التفاحة من فمه، فذهب الولد إلى أمه وهو يبكي، فلما علمت السبب، اشترت له تفاحًا، فلما رجع عمر شم رائحة التفاح، فقال لزوجته: يا فاطمة، هل أخذت شيئًا من تفاح المسلمين؟ فأخبرته بما حدث، فقال لها: والله لقد انتزعتها من ابني فكأنما انتزعتها من قلبي، لكني كرهت أن أضيع نفسي بسبب تفاحة من تفاح المسلمين!

كان حليمًا عادلًا، خرج ذات ليلة إلى المسجد ومعه رجل من الحراس، فلما دخل عمر المسجد مر في الظلام برجل نائم، فأخطأ عمر وداس عليه، فرفع الرجل رأسه إليه وقال أمجنون أنت؟ فقال: لا. فتضايق الحارس وهم أن يضرب الرجل النائم فمنعه عمر، وقال له: إن الرجل لم يصنع شيئًا غير أنه سألني: أمجنون أنت؟ فقلت: لا.

لقد سار عمر في خلافته سيرة جده لأمه، الفاروق عمر بن الخطاب، فكان مثال النزاهة والعدالة.

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز