عاجل
الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
التبذير وأثره في حياتنا

التبذير وأثره في حياتنا

بقلم : محسن عبدالستار

لقد نهى الإسلام عن الإسراف والتبذير بكل صوره وأشكاله، حيث حرّم الله الإسراف في الطعام والشراب والملبس، وجعل الإسراف والتبذير من الأفعال المحرمة بل وصف القرآن الكريم المسرفين في أبشع وصف ممكن، حيث جعلهم إخوان الشيطان، حيث يقول الله تعالى "إن المبذرين كانوا إخوان الشياطين، وكان الشيطان لربه كفورا."



المعتمد بن عَبَّاد - رحمه الله - كان من ملوك الأندلس، ويمتلك الأموال الطائلة، والقصور العظيمة، عاش حياة مترفة، ولما اشتهت زوجته وبعض بناته أن يتخوَّضن في الطين أمر بالعنبر والعود فوُضع في ساحة قصره، ورش عليه ماء الورد وأنواع من الطيب، وعُجِن حتى صار مثل الطين؛ فتخوضت فيه أسرته المترفة، وما ماتت تلك الأسرة المترفة حتى ذاقت طعم الفقر وألم الجوع.

وهذا إن دل فإنما يدل على بشاعة فعل الإسراف والتبذير في حياتنا، وأن هذا الأمور محرمة لما لها من فساد وإفساد للإنسان والمجتمع بأثره.

يقول الله عز وجل: "وكلوا واشربوا ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين".. وقال العرب قديمًا: "المعدة بيت الداء، والحمية رأس الدواء".. فشهوة البطن من أعظم المهلكات، وسبب كثير من الآفات والأمراض القلبية والبدنية.

ولقد حذر العلماء من خطورة تفشي مظاهر الإسراف والتبذير في المجتمعات، مؤكدين أنه يخشى على الجميع من الإسراف، لأن ضرره يصل إلى الجميع داخل المجتمع، فالإسلام الحنيف لم يحرم زينة الحياة الدنيا والطيبات من الرزق، وإنما حرم الاعتداء والطغيان والإسراف والتبذير في الاستمتاع بها، وفي الوقت نفسه، حرم التقتير والشح.

إن الله جل وعلا أنعم علينا نعمًا عظيمة كثيرة، وتفضل علينا بخيرات وفيرة، فلنشكر الله تعالى على ذلك حق الشكر، وذلك بالمحافظة على تلك النعم وعدم استخدامها بشكل فيه إسراف أو تبذير، لأن الله جل شأنه سيسألنا عن هذه النعم فقال الله تعالى: "ثم لتسألن يومئذ عن النعيم".

والسؤال الآن ما المقصود بالإسراف؟

الإسراف: هو تجاوز الحد في كل فعل يفعله الإنسان، وهو في الإنفاق أشهر.

ومن مواضع الإسراف أن تقام الولائم الكبيرة ويدعى إليها الأغنياء، ويحرم منها الفقراء، وإنَّ ما يلقى منها في الفضلات ليُشبع خلقًا كثيرًا من أهل الحاجة من فقراء ومحتاجين.

وقال ابن عباس رضي الله عنه: "من أنفق درهمًا في غير حقه فهو سرف".

إذًا الإسراف والتبذير من الآفات التي تصيب الفرد والمجتمع، وتعمل على تدمير الموارد الطبيعية والبشرية وضياع الممتلكات.

فيقول الله تعالى: "والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك قواما"، حيث وصف الله المؤمنين بأنهم لم يسرفوا.

وهذا يدل على قيمة وعظمة عدم الإسراف، فيجب علينا الابتعاد عن الإسراف في الشهر الفضيل وفي كل أيامنا، وأن نتصف بصفات المؤمنين. لأن مال كل فرد هو مال خاص به، وإنما الموارد للمجتمع كله، والمال في الأصل مال الله أعطاه للإنسان وديعة لينفقه على نفسه وعلى مجتمعه في سبيل الخير، وهذا ما صرح به القرآن الكريم: "وآتوهم من مال الله الذي آتاكم".

 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز