عاجل
الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
"مصر إلى أين؟!" (5).. ولاية بناء الإنسان والمستقبل والهوية

"مصر إلى أين؟!" (5).. ولاية بناء الإنسان والمستقبل والهوية

بقلم : أيمن عبد المجيد

بـ857 كلمة، استغرقت 15 دقيقة و30 ثانية، بعث الرئيس عبدالفتاح السيسي، بالكثير من الرسائل عميقة المعنى، بليغة الأثر، فبتلك الكلمات المعدودات، رسم خريطة سياسات مصر محليًا ودوليًا، وأشار بالبنان لأجندة أولوياته في الفترة المقبلة.



رسميًا نُصب الرئيس عبدالفتاح السيسي، اليوم، رئيسًا للجمهورية، لولاية ثانية، باكتمال استيفاء الشروط الدستورية، بأداء القسم، الذي عاد فيه الرئيس للمكان الطبيعي لأدائه "مجلس النواب".

رسالة المكان 

فالرئيس المنتخب بأغلبية كاسحة من الشعب، أدى اليمين الدستورية أمام نواب الشعب، بعد غياب 13 عامًا لهذا التقليد، وفي ذلك أولى الرسائل البليغة، التي تبعثها مصر للعالم، مفادها أن مصر هزمت تحديات تفكيك الدولة، وبلغت مرحلة تثبيت أركانها وأعمدتها الدستورية، سلطة تنفيذية وتشريعية وقضائية، ومؤسسات أمنية من جيش وشرطة.

والرسالة الثانية: أن مصر عبرت إلى مرحلة الاستقرار السياسي، والأمني، فالسلطة تمنح وتنقل عبر آليات ديمقراطية، للشعب الكلمة العليا فيها، فالشعب الذي كلف الرئيس عقب ثورة 30 يونيو بقيادة فريق إنقاذ الوطن، هو الذي جدد الثقة فيه بعد أربع سنوات من الاختبار، بتجديد الثقة فيه لولاية ثانية لمواصلة البناء.

ولاية بناء الإنسان والهوية

وكما كان لمكان القسم  دلالاته، فإن خطاب الرئيس رسم ملامح سياساته، الذي انطلق فيه من الدعوة للوقوف دقيقة "تحية وتقدير" لأرواح شهداء مصر وتضحيات الأمة، التي كانت قربانًا لبقاء مصر.

فالمعركة كانت وما زالت معركة "البقاء والبناء"، وفي خطابه جدد الرئيس "العقد والعهد"، فما بين الشعب ورئيسه عقد اجتماعي، تُرى ما نص هذا العقد؟! يوضح الرئيس:

"أن يكون دستورنا هو المصارحة والشفافية ومبدأنا الأعظم هو العمل، متجردين لصالح هذا الوطن، وأن نقتحم المشكلات ونواجه التحديات مصطفين، ومحافظين على تماسك كتلتنا الوطنية حية وفاعلة، ولا نسعى سوى لصالح مصرنا العزيزة الأبية، وتحقيق التنمية والاستقرار لها، وبناء مستقبل يليق بتاريخنا وبتضحيات أبنائها".

استخدم الرئيس لفظ المصارحة، وهي منهجه في الفترة السابقة،  فقال: "قولوا للناس الحكاية"، وبدأ عبر لقاءاته ومؤتمرات الشباب وفعاليات افتتاح المشروعات القومية، يصارح الشعب بالتحديات، وما يتحقق من إنجازات.

ساهم ذلك في خلق قدرة على تحمل الإجراءات الجراحية الصعبة والضرورية، الناجمة عن "اقتحام المشكلات"، وما كان ذلك ليتحقق بدون الحفاظ على "تماسك الكتلة الوطنية، حية وفاعلة".

وبات الهدف العام وفق الخطاب هو: "بناء مستقبل يليق بتاريخنا"، وفي هذه العبارة الموجزة،  كلمتان، المستقبل والتاريخ، وما المستقبل والتاريخ إلا صنيعة الإنسان.

ولذلك فإن إعلان الرئيس عبدالفتاح السيسي، أن بناء الإنسان المصري، جسمانيًا وثقافيًا وفكريًا على رأس قائمة أولويات الفترة الرئاسية الثانية، ولعل ذلك تطور كبير في رؤية حكام مصر، ففي السابق كان ينظر للبشر على أنهم عبء، واليوم يُنظر للإنسان على أنه ثروة، إذا تم إعداده وبناؤه بالأسلوب الأمثل.

وبناء الإنسان يتطلب منظومة صحية وتعليمية وثقافية عالية الكفاءة، وهذا يُحمّل الأسر المصرية بالتبعية مسؤولية تنظيم النسل، فالزيادة السكانية مع تحديات التنمية، كفيلة بالتهام أي تنمية.

وبناء الإنسان، من الصناعات الثقيلة التي تحتاج، استراتيجيات قصيرة المدى، تُصلح ما أفسده الإهمال بالعقول، وتدني مستوى الكفاءة في القطاع الإداري عبر التدريب والتأهيل المستمر، ومتوسطة المدى تُصلح الأجيال الحالية ممن لا يزال في التعليم، وطويلة المدى تخطط لبناء النشء الجديد.

وبناء الأجساد يتطلب ميزانيات للصحة والارتقاء بالرياضة في المدارس، والتعليم كذلك، ومن ثم الدولة في حاجة لإعادة هيكلة الموازنة العامة لتوجه الدعم للتعليم والصحة، وهذا وفق اعتقادي سيكون جزءًا منه عبر تصحيح منظومة الدعم ليذهب لمستحقيه في صورة خدمات.

وقد أشار الرئيس في خطابه إلى السياسة الخارجية، التي تسعى لتحقيق هدف رئيسي، وهو استعادة دور مصر الإقليمي والعالمي، بما يتناسب مع مكانة مصر التاريخية، والتي فرضها موقعها الجغرافي وثقلها الحضاري.

ويأتي ذلك عبر سياسات منفتحة على الجميع، تحكمها المصلحة المتبادلة، دون الانجرار إلى صراعات لا طائل منها.

وتبدو تلك السياسة متواصلة لنهج الدولة المصرية ما بعد ثورة 30 يونيو، التي انفتحت على العالم بشكل متوازن دون انحياز، فكانت القيم والأخلاق ومصلحة مصر هي الأساس، بما أسفر عن عبور الحصار السياسي، الذي حاول بعض المتربصين فرضه على مصر.

والرسالة الأبلغ هي أن الرئيس لكل المصريين، من يؤيده ومن يعارضه، مصر وطن للجميع، والاختلاف سبب قوة، ولا يستثنى من ذلك إلا من يتخذ الإرهاب والتطرف سبيلًا لفرض إرادته.

وهذا الكلام يقطع دابر الحالمين بأي تهاون مع الإرهابيين، مصر لكل مصري شريف يعمل بتجرد لمصلحة الوطن، دون عبث بأمنها وسلامها.

وتبقى عبارة مهمة: "وكانت لوحة الوطن رائعة الجمال والكمال، وقد ازدانت بالأزهر الشريف منبر وسطية الإسلام وبالكنيسة المصرية العريقة رمز السلام والتسامح، يؤمن إرادة شعبنا ويحميها رجال الجيش المصرى العظيم البواسل، وشرطتها الأبطال الذين قدموا الدماء قربانًا من أجل أن يبقى هذا الوطن مرفوع الرأس والهامة".

فبقوة مصر الناعمة التي تمثل صحيح الدين الإسلامي والمسيحي، وقوتها الصلبة، جيش وشرطة ومؤسسات أمنية، وبالأسرة المصرية، وفي مقدمتها المرأة، الأم والأخت والابنة، تعيش مصر وتنهض لتتبوأ مكانتها التي تستحقها إن شاء الله.

كل التهاني للسيد رئيس الجمهورية، ببدء الولاية الثانية، وكل الأمنيات بالتوفيق لما فيه صالح البلاد وشعب مصر العظيم.
 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز