عاجل
الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
فى كواليس المستديرة!

فى كواليس المستديرة!

بقلم : وليد طوغان

أكبر وسيلة للحشد والجماهيرية فى العالم بعد عام 1948 هى كرة القدم. لماذا عام 48؟ لا أحد يعرف، لكن دراسة منشورة للفيفا حديثًا قالت هذا الكلام. قالت أيضًا إن شعبية كرة القدم بدأت تتدخل فى السياسة، وفى الاقتصاد. أعلى حركة اقتصاد فى العالم العشرين سنة الأخيرة اقتصاديات كرة القدم، وفى مؤسسات الكرة حول العالم أكبر نسبة تربح غير مشروع واستغلال نفوذ أيضًا. 



‎فى القرون الوسطى أصدر الملك إدوارد الثالث مراسيمَ عدة لإيقاف نشاط الكرويين، وإلغاء اللعبة. لكن لم يفلح وقتها لا منشور.. ولا مراسيم. ظلت جماهيرية الكرة، تناطح جماهيرية الملوك والإكليروس ( رجال الكنيسة )، فاستمرت محاولات محو اللعبة من أذهان الشارع. آخر محاولات إلغاء كرة القدم بمراسيم ملكية كانت على يد الملك إدوارد السادس. لكن لم يفلح إدوارد، كما سبق ولم يفلح هنرى.

‎فى السبعينيات، قال وزير الخارجية الأمريكى هنرى كسينجر: «إن العالم لن يقتنع بأمريكا كقوة كبرى إلا عندما تفلح هى فى التفوق فى كرة القدم كما يعرفها العالم، لا كما يعرفها الأمريكيين».

‎وقد كان، بدأت الاستراتيجيات الأمريكية على قدم وساق، لتحويل صناعة الكرة وشعبيتها فى الداخل الأمريكى من «الرجبى».. إلى كرة القدم، وبعد أعوام طويلة من طريقة لعب الكرة على الطريقة الأمريكية، مخالفة تمامًا للطريقة التى يلعب بها العالم. لعدم اهتمام الأمريكيين بكرة القدم قصة تروى. فقد عرفت الولايات المتحدة كرة القدم  عن طريق الإرساليات الإنجليزية فى نهايات القرن السابع عشر.

‎ولأن نزعة القومية الأمريكية كانت فى أعلاها ذلك الوقت فى إطار السعى  لتخليص الولايات التى لم تكن قد اتحدت بعد من سيطرة الإنجليز، فقد رفض الأمريكيون الاهتمام بالكرة كما يلعبها الإنجليز، وابتكروا رياضاتهم  الخاصة، فظهرت الرجبى.. ثم البيس بول.

‎فى السبعينيات كما لو أن كسينجر اكتشف أهمية اللعبة، واكتشف ما يمكن أن تفعله اللعبة فى الشعوب وفى الجماهير، ثم ما يمكن أن تفعله الجماهير فى السياسة، وكانت الخطة: تحويل كرة القدم الأمريكية إلى كرة القدم التى يعرفها العالم، لا التى يحبها الأمريكيون.

‎لكن للآن، لا تبدو أمريكا قوة فى كرة القدم. أو قل، ما تزال تفقد أمريكا مزيدًا من الجبروت، كل فترة، على أساس أن هناك شعوبًا ترى أن الطريقة الوحيدة لهزيمة الأمريكان، هى مباراة فى المستطيل الأخضر.

‎أستاذ الاجتماع الراحل قدرى حفنى، فى تحليل رائع وصف كرة القدم بأنها الوسيلة الجماهيرية الاجتماعية الوحيدة المباحة للعنف. أو هى الحرب فى الملاعب، بكل تكتيكات الحرب، والخداع والمؤامرات، والتبريرات، والاستغلال.. ودون أن يمنع كل هذه الموبقات أحد.

‎أغلب المشاهير لعبوا كرة. أو بدأوا فى طفولتهم بلعبها، من أول البير كامو الفرنسى.. إلى جابريل جارسيا ماركيز الأمريكى الجنوبى. فى أمريكا الجنوبية يفضلون أن يسموا أنفسهم «لاتنين»، فهم لا يسمون أنفسهم «أمريكيين»، لأن سياسات أمريكا المتوحشة، فى استغلال مواطنى جنوب القارة الأمريكية على مر التاريخ هى التى صنعت الحواجز.

‎وفى كرة القدم اللاتينية، تخطى مواطنو دول أمريكا الجنوبية كل ما صنعه الزمن من حواجز، ويوم مباراة بين واحدة من دولهم، وبين فريق أمريكى يعتبرونه فى دول أمريكا الجنوبية عيدًا كى يلقنوا «همج الشمال» دروسًا فى الانتصار.

‎انتصارات كرة القدم، هى الأكثر على وجه الأرض شفافية، رغم ما يمكن أن يدور خلفها من مؤامرات.. وخدع.. ومحسوبيات.

‎الراحل الرائع نجيب محفوظ قال مثلًا أنه أحب كرة القدم بعدما تابع مباراة فى الشارع فى طفولته  بين فريق مصرى وآخر إنجليزى. المباراة كما يقال جرت فى ميدان القلعة، وهزم الفريق المصرى، الفريق الإنجليزى. يومها قال نجيب محفوظ إنها المرة الأولى التى عرف أنه يمكن للمصريين هزيمة الإنجليز.. دون أن يعترض أحد.

‎وللكلام بقية.. فالجماهير أغلبها تسعى وراء كرة القدم.. بينما فى الكواليس، كثير مما لا يعرفه أعتى المشجعين.. وربما أشهر اللاعبين.

‎ولأنها كذلك.. ضربوا محمد صلاح.

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز