عاجل
الأحد 12 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
الأستاذ عبدالله.. المحسود حيًا وميتًا
بقلم
سعد حسين

الأستاذ عبدالله.. المحسود حيًا وميتًا

بقلم : سعد حسين

أعتقد أنني الوحيد في "روزاليوسف"، الذي التحق بالعمل بالجريدة، دون أن يجري مقابلة مع الأستاذ.



وأول مرة أشاهد فيها الأستاذ عبدالله، كان في جولة اعتاد أن يقوم بها يوميًا في الشهور الأولى لإعادة إصدار الجريدة، كانت جولة الأستاذ لا تستغرق أكثر من بضع دقائق في صالة التحرير، كان يراقب خلالها كل كبيرة وصغيرة.. طريقة التعامل بين الزملاء، طريقة جلوسهم، يشاهد ملابسهم.

فكان الأستاذ يدخل صالة التحرير في الدور الثالث، وجميع الأعين ومن بينهم أنا تترقب حركته داخل الصالة، الجميع ينتظر كلمة مدح أو يخشى كلمة ذم.

ومرت عدة جولات للأستاذ دون أن ينتبه لوجودي، وجاءت اللحظة التي كنت أخشاها وأتمنها في الوقت نفسه.. الأستاذ من خلف ظهري.. أنت مين؟!

أنا.. سعد حسين.. بشتغل في قسم الحوادث.

الأستاذ.. بتعمل إيه هنا؟! ودخلت الجورنال إزاي؟!

أنا.. لم أجد إجابة.. انتهى الموقف بوضع كاد ينهي مستقبلي في "روزاليوسف" قبل أن يبدأ.

واستمر بقائي في روزا.. وبعد بضعة أيام تمكنت من عمل خبطة صحفية.. ليحدث ما لم أتوقعه.. الأستاذ يأتي من مكتبه في القصر إلى صالة التحرير ليتعرف على محرر كان في فترة الاختبار.. ويشكره.

الأستاذ ينادي على رئيس قسم الحوادث وقتها، الأستاذ كريم صبحي، ويسأله من اللي جاب نص التحقيقات مع المذيعة أماني أبو خزيم وعصمت أبو المعالي.. أنا لم أنتظر رد رئيس القسم على الأستاذ فذهبت إليه مسرعًا.. أنا يا أستاذ عبد الله.

الأستاذ.. أنت سعد حسين.. ووضع يده على كتفي ويسير بي وسط عشرات الزملاء المحررين، والأساتذة مديري التحرير.. صدقوني إن قلت لكم إن رأسي كان سيصطدم بالسماء من الفرحة.. ظل ممسكًا بي، حتى أن وصلت معه إلى مكتبه، جلست معه دقائق، وسألني عن تفاصيل شخصية في حياتي، وبعدها أخرج ظرفًا من درج مكتبه.. وقال لي دي مكافأة بسيطة، وأعطاني رقم هاتفه.. تخيلوا أنتم الرقم الشخصي للأستاذ.

وبعدها تحول الأستاذ عبد الله كمال من رئيس تحرير إلى أخ أكبر، يعرف ما بداخلي دون أن أبوح به.. يقسو ويحنو ويشجع ويوجه مثل الأخ.

ظل الأستاذ بالنسبة لي ولعشرات الزملاء في جريدة روزاليوسف، الرمز والقدوة.. كنت وكانوا.. عندما نقدم أنفسنا لمصدر.. نقول فلان الفلاني، من روزاليوسف مع الأستاذ عبد الله كمال.

كنت أرقب وهو على قيد الحياة نظرات من هم من أبناء جيله.. كانت نظرات حسد له، فمن أين جاء بكل هذه المهنية، وامتلاك كل مقومات المهنة.. لماذا أقول أبناء جيله فقط؟! أنا شخصيًا كنت أحسده، كنت أحسد فيه قلبه الطيب وحب الخير للجميع، والوقت الذي يوفره - بالرغم كل مشغولياته - ليذهب فرح الزميل الفلاني.. أو يزور الزميل المريض.. أو يحل مشكلة شخصية لآخر.

كنت أحسد الأستاذ الذي امتلك كل شيء، في وقت قصير من عمره، "الحب والمثل والقدوة، وإعجاب من اختلفوا معه قبل محبيه".

نعم إنه الأستاذ الذي شهد يوم وفاته صدمة كبيرة للوطن العربي بأجمعه.. حقًا هل مات عبد الله كمال؟! هل خسرت الصحافة أعظم أبنائها؟ هل انتهى الحلم؟!

موت الأستاذ أشعرني بإحساس فقد الأخ الأكبر.."فقدان العون والسند"، شعرت بأن "ضهري" انكسر.

وظل الأستاذ الذي فارقنا بجسده - فقط - في قلوبنا، نستمد من قوته القوة.. نحيا على ذكرياته معنا.. عندما تقسو علينا الحياة أو المهنة نستحضر موقفًا له نسري به عن أنفسنا.

صدقوني، إن قلت لكم إن حياتنا المهنية فقدت قيمتها بعد وفاته.

وبعد وفاة الأستاذ لم ينته حسده.. فهو محسود بحب وتقدير المختلفين معه قبل المحبين له... فهو حقًا "المحسود حيًا وميتًا".

 
 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز