عاجل
الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
طايع .. ’’معاي جرح وأنا طبيب‘‘

طايع .. ’’معاي جرح وأنا طبيب‘‘

بقلم : د. أماني ألبرت

’’يا رب أنا ماشي في خطاك طايع .. وأنت لحالي سميع وعليم‘‘ كانت هذه العبارة هي أخر كلمات اختُتم بها مسلسل طايع في حالة مليئة بالشجن لفراق الأحبة. ولحن الكمان يشدو حزينًا مع المزمار والناي على الصوت العذب للفنان وائل الفشني الذي تعلو طبقات صوته ’’دي خزانه وبابها مسكر‘‘ لتعكس محاولات طايع لتغيير واقعة ورفض الثأر إلا انه وجد نفسه يدور في دائرة مغلقة، مع وليس ضد التيار.



وعلى مدار الحلقات تنقل لنا الموسيقى التصويرية للأردني طارق الناصر حالة الطبيب المثقف الذي كره الثأر ولم يقدر أن يغير واقعة فأصبح جزء من القصة التي طالما رفضها، الكراهية، الانتقام، الثأر، القتل. ودارت الدائرة فلم يقدر أن يداوى نفسه رغم أنه طبيب ’’معاى جرح وانا طبيب.. جوا القلب ولا سايعه‘‘ ونار الفراق والحزن على الأحبة تكوي قلبه، فواز ومهجة وابنتهما، وأمه.

ورغم انه انجر في دائرة الثأر إلا أنه حاول بكل طاقته أن يغير واقعة وظل رافضًا له. وأكد هذا مظهره الخارجي، فهو لم يلبس الجلباب الصعيدي سوى مرة واحدة في فرح أخته، ليعكس لنا دلالات رغبته محاربة واقعة بفكر الطبيب المثقف الذي يرتدي ملابس عصرية.

مؤلفي العمل الابداعي خالد وشيرين ومحمد دياب، نجحوا في كسر القالب النمطي المعتاد لعقود، فأبطال العمل لا يموتوا في الدراما المصرية بل يعيشوا في النهاية سعداء. ولكنهم بكل جرأه قدموا الواقع كما هو بتحدياته وأوجاعه والجميل أننا قبلناه كمشاهدين. لم يخشوا أن ينصرف الجمهور عن مشاهدته حينما يتم قتل الأبطال الذين تعلقوا بهم، بل بالعكس، زاد الأمر من تعلق الجمهور بمتابعة العمل. ولما تجرد البطل من أحبابه كان الجمهور هو أكبر داعم ومؤيد له في ظل تصاعد الأحداث بسرعة جيدة ومفاجئات مشوقة.

الاداء التمثيلي المتميز للفنان عمرو عبد الجليل الذي تفوق على نفسه، فالريس حربي في قمة جبروته قدم قمة ضعفه، مزيج من الإنسان القاسي الحنون، تكرهه لشره ولكنك تتعاطف معه لحزنه على ابنته سماح. وهو الذي نجح في توظيف ملامحه ونظرات عينيه ونبرات صوته وخاصة وهو ينادي ’’سماح حبيبتي‘‘ ليعبر عن حزنه العميق عليها. وفي النهاية يقتل نفسه ليقدم لنا عظة أن كنوز الشر لا تنفع.

وعلى نقيض وجع الريس حربي لفراق ابنته، تفوقت الفنانة سلوى محمد على في إبراز صورة واقعية لإمرأة صعيدية قوية صامدة بعد موت ابنتها الوحيدة. والأداء المتميز وهو ليس بغريب على سهير المرشدى أم طايع وكذلك أم جابر ممثلاً نموذج للأم الصعيدية أكثر من يكتوى قلبها بالنار من الثأر.

مشهد مقتل الطفل فواز للفنان الصاعد أحمد داش كان نقطة تحول كبرى في القصة، فلم يتوقع الجمهور أن يُقتل. ليصبح واحد من أقوى مشاهد العمل وخاصة وهو يقول بجرأه وغضب غير خائف الموت ’’احنا رجاله منسلموش حريم"، مع مزيج من صوت الرصاص وصراخ الأم وبكاء طايع.

والنجمة صبا مبارك مثلت المرأة الصعيدية المتعلمة الرومانسية المغلوب على أمرها في أحيان كثيرة. ووالدها العمده الممثل القدير رشدى الشامي فرغم كل قوته إلا أن كل مشاهده مع ابنته مهجة حملت مزيج من الحنان والرقة والشدة وخوف الأب وحبه الذي لا يعوض. ومن حزنه على ابنته خلع عمامته، دلالة على فقدان مكانته وسلطانه. ليظهر في المشهد الأخير وقد لبسها مرة أخرى وحربي أمامه ذليل من أجل سماح الصغيرة.

وتستمر الحياة رغم الألم، أمينه تسافر بعد أن فقدت الأمل من طايع، وابن حربي الاخير يبحث عن طايع في السجن ليقتله. لتدور الدائرة وتبدأ قصة جديدة لا نعرفها.

تحية تقدير لهذا العمل المميز الجاد الذي ابتعد عن الاسفاف والافيهات المستهلكة. تحية لفريقه على رأسهم عمرو سلامه. فلم يكن ليخرج بهذا القدر من الحرفية، دون مخرج مبدع نسج المشاهد معًا من قلب الأحداث ليحمل كل مشهد مزيجًا من الشجن والفرح، والخوف والأمل. منتقيًا في إيقاع مشوق بعناية مكان كل مشهد ليعكس من خلال الديكور والاكسسوار والملابس الحياة في قلب الصعيد. ليقف ’’طايع‘‘ شامخًا ويحصل على امتياز وسط زخم المسلسلات ويقدم تحفه فنية عكست آهات مكبوتة في قلوب كثيرين تغنوا هم أيضًا معه ’’راحو الاحبة يا رب .. صبرني ع الفراق يا رحيم‘‘

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز