عاجل
الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
الفضيلة الغائبة

الفضيلة الغائبة

بقلم : أسامة سلامة

قال هانى أبوريدة رئيس اتحاد الكرة إن استقالة أعضاء الاتحاد  غير مطروحة، ومستعدون للحساب من أى جهة رقابية لمراجعة  كل  مليم   يخص المنتخب الوطنى، ما سبق يعبر عن نمط التفكير المصرى والذى يختزل المسئولية فى الأمور الجنائية فقط،  وينسى المسئولية  السياسية والاجتماعية أمام المواطنين.



 

فعدم وجود أخطاء مالية أو قدرة المسئول على «تستيف»  الأوراق لا يعنى عدم مسئوليته عن التقصير فى تحقيق الأهداف المطلوبة، غياب ثقافة الاعتراف بالخطأ والاعتذار وما يجب أن يتبعه  من التنحى  عن المناصب هو الفضيلة الغائبة عن المجتمع المصرى، ولا أقول الفريضة الغائبة؛ لأن  عدم أداء الفرائض يؤدى إلى  معاقبة من يقصر فيها؛  لأنها  ملزمة دينيًا وقانونيًا، ولا يوجد  فى قوانيننا مواد  تحاسب المسئول على  فشله  فى  تنفيذ مهام منصبه.

 

أما الفضائل فهى الدرجة الرفيعة من الأخلاق التى تعبر عن سمو النفس والاتجاه  إلى ما يحقق مصالح الناس، ولهذا فإن الاستقالة هى فضيلة يجب أن يتحلى بها المسئول  باعتبارها سلوكًا حضاريًا.

 

فى حالة اتحاد الكرة المصرى، اعتبر أعضاؤه أنهم حققوا الهدف بوصول المنتخب إلى نهائيات كأس العالم  ولكنهم لم ينظروا إلى أبعد من ذلك رغم كثرة الحديث عن هدف الصعود إلى دور السادس عشر، وأمنيات الفوز ولو فى مباراة واحدة.

 

والأهم هو الأداء البائس للفريق، الذى يؤهلنا بجدارة إلى الفوز بلقب أسوأ فريق فى البطولة، قد يحتل المركز الأخير من حيث النتائج  فريق آخر مثل بنما لأنه تلقى أهدافًا أكثر منا.

ولكن من المؤكد أننا الأقل شجاعة وإدراكًا لفنون ومتعة كرة القدم، ومن هنا تقع المسئولية على عاتق اتحاد الكرة الذى يتحمل هذا الفشل.

 

وأنا هنا لا أتحدث عما تردد عن وجود مخالفات مالية وما شاب معسكر الفريق من أخطاء  جسيمة.. فهذه يجب أن تكون محل مساءلة من الجهات المعنية، ولكننى أعنى التقصير فى أداء الواجب، الذى لا يرتقى إلى مرتبة الجريمة الجنائية، ولكن تأباه النفوس العفيفة والفاضلة.. وهو ما يدفع أصحاب التفكير السليم والنفوس السوية إلى الاستقالة باعتبارها عملًا وطنيًا، وسلوكًا إنسانيًا متحضرًا.

 

 والحقيقة.. وحتى لا نظلم أعضاء اتحاد الكرة فإنهم بعدم تقديم استقالتهم يسيرون على خطى مسئولين كبار من العاملين فى الجهاز الإدارى يرفضون ترك مواقعهم،  رغم فشلهم وتقصيرهم فى عملهم، وسقوط   عدد من العاملين معهم وتحت ولايتهم  فى قضايا فساد مالى.

 

 وهى مسئولية  سياسية وأدبية يجب أن تدفعهم  للتنحى والاستقالة، وهو ما يحدث فى أوروبا والدول المتقدمة، فكثيرًا ما قرأنا أخبارًا عن تقديم وزراء ومسئولين استقالتهم لشعورهم بأنهم يتحملون المسئولية عن أخطاء التابعين لهم، أو لأسباب تبدو فى أعيننا  تافهة.

 

وسأضرب مثلًا بدولتين حدثت بهما استقالات عديدة فى الآونة الأخيرة وهما بريطانيا واليابان، فقد قدم وزير الدولة لشئون التنمية البريطانى مايكل بيتس؛  استقالته لأنه تأخر خمس دقائق عن موعد الاجتماع مع مجلس اللوردات،  فقد  رأى  أن ما حدث منه سلوك غير لائق، ووزيرة التنمية البريطانية بريتى باتل  تنحت عن منصبها لأنها عقدت لقاءات غير مصرح بها مع مسئولين إسرائيليين.

 

(لا أعرف هل لقاء  بعثة المنتخب مع الرئيس الشيشانى مصرح به أم لا).

 

الأمر يتجاوز الاستقالة فى اليابان،  فوزير الزراعة هناك توشيكا تسوما توسكا انتحر على خلفية وجود خطأ مادى فى وزارته، ووزير الخارجية يوهى كونو أعاد راتب ستة أشهر إلى خزينة الدولة  بسبب تورط أحد الدبلوماسيين فى وزارته فى فضيحة  مالية.

 

لا تحاول المقارنة ولا أريد من مسئولينا أن ينتحروا عند الفشل،  فقط أتمنى أن يتنحوا، وهو أمر لن يحدث طالما لا يحاسب أحد  على تقصيره، وسيظل كل مسئول متمسكًا بموقعه لأنه يستمد وجاهته الاجتماعية من منصبه ووظيفته، ولأن ذاكرتنا ضعيفة تنسى وتتسامح مع الأخطاء حتى ولو كانت جسيمة، فإن الحال سيستمر ولن يتخلى أحد عن موقعه  برضاه وبوازع من ضميره  مهما كان فشله.

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز