عاجل
الخميس 18 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
يوم انقشعت سحابة الإخوان السوداء (1)

يوم انقشعت سحابة الإخوان السوداء (1)

بقلم : د. شريف درويش اللبان

تجمعت عوامل عدة أدت إلى قيام ثورة ٣٠ يونيو ٢٠١٣؛ فقد كشفت عملية صياغة الدستور الإخواني (ديسمبر ٢٠١٢) عن تباين واضح في عديدٍ من القضايا، فعلى الرغم من وجود إرث دستوري مصري زخر بالعديد من المحطات المهمة في مسألة أسس تشكيل لجنة صياغة الدستور؛ إلا أن القوى السياسية التي حملت راية الانتقال الديمقراطي في مصر لم تستفد منه، حيث أدى تنامي الشعور بانعدام الثقة بين تلك القوى وعجزها عن الوصول إلى حالة من التوافق إلى صياغة دستور ٢٠١٢ في ظل بيئة سياسية اتسمت بالصراع والعنف.



وفيما بين منتصف فبراير ٢٠١١ وآخر ديسمبر ٢٠١٢، أُدخلت مصر في صراع رهيب على الدستور، في الوقت الذي كان شعبها في حاجة إلى تعاون كبير لمعالجة التركة الثقيلة المتراكمة عبر عقود واستثمار الطاقة العظيمة التي انفجرت في أيام الثورة الثمانية عشر لبناء وطن ديمقراطي عادل يتسع لكل أبنائه، ويبدأ طريقه إلى التقدم الذي يستحقه، ولكن ما إن اطمأن الإخوان إلى أن السلطة أصبحت بين أيديهم، بعد أن أبعد الرئيس الأسبق محمد مرسي المجلس الأعلى للقوات المسلحة من المشهد السياسي عبر الإعلان الذي أصدره في ١٢ أغسطس ٢٠١٢، حتى اعتبروا الدستور ركنًا أساسيًا في مشروع الهيمنة والتمكين الذي وجدوا أن الطريق بات مفتوحًا إليه. وعندئذ، ومنذ أوائل سبتمبر ٢٠١٢، بدأ تراجع الإخوان التدريجي بطريقة ناعمة عن تعهدهم بدستور توافقي يُنتج أزمة أخذت في التفاقم يومًا بعد يوم، على نحو دفع ممثلي القوى الديمقراطية والمستقلين الذين تطلعوا إلى دستور يليق بمصر إلى الانسحاب من الجمعية التأسيسية، ومعهم أغلبية كبيرة في اللجنة الفنية الاستشارية المحايدة.

وكان الرئيس الأسبق محمد مرسي قد أصدر، وعلى نحو مفاجئ، إعلانًا دستوريًا في ٢٢ نوفمبر ٢٠١٢، وكان قد ألمح في كلمة غير رسمية، ألقاها في ١٦ نوفمبر ٢٠١٢، إلى أنه بصدد اتخاذ إجراءات استثنائية لمواجهة المخاطر التي تهدد البلاد، ولكن أحدًا لم يكن يتوقع أن يذهب إلى المدى الذي ذهب إليه في إعلانه الدستوري، وبحجم الإعلان، جاءت المعارضة التي أثارها، سيّما في الدوائر الحزبية والمؤسسة القضائية، وقد اتضح أن أغلب مساعدي ومستشاري الرئيس الأسبق لم يطّلعوا على الإعلان الدستوري قبل صدوره ولم يشاركوا في صياغته، من جهة أخرى، لم يقم الرئيس الأسبق، لا قبل صدور الإعلان الدستوري ولا بعد ذلك، بأي جهد لتوضيح موقفه للشعب، فلم يكشف الظروف والأسباب التي دفعته لإصدار الإعلان، وقد أدى الإعلان الدستوري، والسلطات الهائلة التي يمنحها للرئيس، في حشد قطاع واسع من القوى السياسية والقضائية ضد الرئيس وإعلانه.

كما وقعت أحداث الاتحادية، وهي الأزمة حدثت بين القوى الثورية ومؤيدي الرئيس الأسبق محمد مرسي وأنصاره، بعد إصدار الإعلان الدستوري، فدعت المعارضة أنصارها إلى النزول بالشارع والاعتصام، وتحرك الآلاف باتجاه قصر الاتحادية الرئاسي وتظاهروا في محيطه ورددوا شعارات طالت الرئيس ومشروع الدستور، وكذلك فعل أنصار الرئيس الأسبق، فتوجهوا إلى الاتحادية وحدث اشتباك بينهم، ووقعت انتهاكات وعمليات تعذيب ممنهجة ضد الثوار المعارضين للإعلان.

ورغم اهتمام القوات المسلحة بمهنيتها ومهمتها الأساسية في الدفاع عن مصر ضد أعدائها، إلا أنها لم تهمل دورها كمدرسة للوطنية المصرية من حيث الاهتمام بالشأن الداخلي الذي كان من الملحوظ أنه آخذ في التدهور في ظل حكم مرسي وجماعته، فبعد أزمة الإعلان الدستوري الذي أصدره مرسي وأحداث الاتحادية في ديسمبر ٢٠١٢ واحتقان الشارع والقوى السياسية، حاول الفريق السيسي آنذاك، دعوة كل القوى باسم القوات المسلحة للمصالحة الوطنية، وهو ما رفضته جماعة الإخوان. وعندما قرر مرسي معاقبة مدن القناة بفرض حظر التجوال، رفض الأهالي تطبيق الحظر، ورفض الجيش إطلاق رصاصة واحدة على أي مواطن مصري، ما زاد من اللحمة الوطنية بين الشعب والجيش.

وقد اتجه نظام مرسي إلى افتعال أزمات متتالية مع القضاء، بدءًا من إقصاء النائب العام، إلى محاصرة المحكمة الدستورية العليا من قبل أنصاره، ثم محاولة تحجيم دورها في دستور ديسمبر ٢٠١٢، فإصدار إعلانات دستورية وقرارات تمس بالسلب القضاء والحريات العامة ومؤسسات الدولة، كما استمرت الأزمات بين القضاء والرئاسة، حيث قضت محكمة القضاء الإداري بوقف تنفيذ قرار تنظيم الانتخابات البرلمانية، فكان أن رفعت جماعة الإخوان شعار «تطهير القضاء»، والعمل على سن تشريع يقضي بتخفيض سن التقاعد للقضاة ليقصي عدة آلاف منهم ليحل بدلًا منهم أنصار الحكم. كما رسّخ حكم مرسي على مدار عام حالة من الاستقطاب الحاد، وقسّم المجتمع بين مؤيد للمشروع الإسلامي، الذي يمثله الرئيس وجماعته، وبين مناهض له، وبدلًا من أن يتفرغ الشعب للعمل والإنتاج، اتجه إلى التناحر والعراك، وعمل حكم مرسي وبسرعة كبيرة على ترسيخ الأخونة في مؤسسات الدولة المختلفة.

وقد فشلت الزيارات المتعددة التي قام بها مرسي شرقًا وغربًا في فتح آفاق التعاون البناء بين مصر ودول عديدة في العالم، وبات واضحًا أن علاقات مصر الخارجية تقزمت في دول بعينها تدعم حكم الإخوان في مصر، إلى جانب المعالجة السلبية للغاية لملف سد النهضة، وقد استمرت الأزمات الغذائية، وتكررت أزمات البنزين والسولار، بما أثّر على الحركة الحياتية للمواطن، وانعكس ذلك على الانقطاع المتكرر للكهرباء، وبدا واضحًا اتجاه الحكم لاستخدام المنظومة التموينية لخدمة أغراضه الانتخابية، ومحاولة كسب شعبية عبر التلاعب بالحصص التموينية. هذا بخلاف الإفراج عن سجناء من ذوي الفكر المتطرف استوطنوا سيناء وسعوا إلى تكوين إمارة إسلامية، وقامت هذه الجماعات بقتل ١٦ شهيدًا من الشرطة، وبعد أشهر تم اختطاف سبعة جنود قبل أن يفرج عنهم بفعل عمليات الجيش العسكرية.

وقد أدت كل العوامل السابقة وغيرها إلى تدخل الجيش وعزل الرئيس الأسبق محمد مرسي في ٣ يوليو ٢٠١٣ استجابة للتظاهرات الحاشدة التي خرجت في الميادين المصرية على النحو الذي أوضحته رسالة دكتوراه تلميذي سامح محمد يوسف الشريف الأستاذ المساعد بمعهد الإدارة العليا بالرياض بالمملكة العربية السعودية، والتي أشرفت عليها ونوقشت بكلية الإعلام جامعة القاهرة.. والأسبوع القادم نكمل مسار ثورة ٣٠ يونيو.

 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز