عاجل
الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
برنامج إعادة البناء
بقلم
محمد نجم

برنامج إعادة البناء

بقلم : محمد نجم

قرأت برنامج الحكومة الجديدة الذي عرضه رئيس الوزراء على البرلمان، فوجدته نسخة جديدة من «أدبيات الحكومة المصرية».



حيث يسعى لتحقيق أهداف لا خلاف عليها، بل هي أساس وجود وحياة الدولة والمجتمع والناس، مثل حماية الأمن القومي المصري، وبناء الإنسان، وتحسين مستوى معيشته، ورفع كفاءة الأداء الحكومي.

بمعنى أنني لم ألاحظ رؤية مختلفة أو توجهًا جديدًا يختصر الزمن ويسرع من معدلات الإنجاز لتحقيق ما وعدت به الحكومة، ونأمل أن يكون الأمر على غير ما رأيناه.. فالمجتمعات لا تنتقل إلى مراحل جديدة وأوضاع مختلفة إلا من خلال الرؤية الواضحة والعمل الجاد المستمر، ورئيس الوزراء الجديد رجل عمل حقق إنجازات ملحوظة في مجال عمله السابق، ولكننا كنا نأمل في فكر جديد.

على أي حال.. يبدو أن ضيق الوقت لم يسعف الحكومة الجديدة لوضع «لمستها» السحرية التي كنا ننتظرها، وقد تكشف الأيام والعمل على أرض الواقع أننا ظلمنا البرنامج وتسرعنا في إبداء الملاحظات!

وقد لفت نظري حُسن ترتيب محاور برنامج الحكومة الجديدة، حيث بدأت أولا بحماية الأمن القومي في الداخل والخارج، من خلال دعم القوات المسلحة وجهاز الشرطة، حيث هما الموكلان بتحقيق الأمان للوطن والأمن للمواطن، والأمان للوطن يعني تأمين الحدود والاستمرار في مكافحة الإرهاب، فضلا على توفير الأمن المائي للبلاد والأمن الغذائي للمواطنين، أما أمن المواطن فيعني العيش في سلام وحمايته من التهديد الإرهابي، مع ضمان حقوقه الأساسية وحريته في التعبير.

وأعتقد أن هذا المحور في البرنامج «تحقيق الأمن وضمان الاستقرار» هو هدف مبدئي وأساسي للدولة والمجتمع والمواطنين، فلا يمكن لمجتمع أن يعمل تحت تهديد سواء كان خارجيًا من قوى الشر المختلفة أو داخليًا من مجموعات إرهابية ضالة، وقد أحسنت الحكومة أن وضعته أول أهدافها.

ثم جاء المحور الثاني في البرنامج يستهدف تحسين معيشة المواطن من خلال توفير المسكن الملائم والصحي، ومياه شرب نقية، وصرف صحي فعّال، وشبكة من الطرق الجديدة لتسهيل الانتقال لممارسة الأعمال، ووسائل انتقال حديثة وآمنة، ومنها السكة الحديد أو ما يسمى "المواصلات العامة" من مترو وأتوبيسات وميني باصات.. إلخ.

وفي هذا المجال لا بد من الإشادة بالتعبير الجميل الذي أطلقه رئيس الوزراء، بأن «الحكومة لن تترك شخصًا فقيرًا يتكفف الناس»، فإذا كان عاطلا.. فسوف توفر له العمل، وإذا كان فقيرًا.. فسوف تعيله.

وذلك من خلال برامج الحماية الاجتماعية المختلفة وعلى رأسها برنامج «تكافل وكرامة» الذي يخدم 3.5 مليون أسرة تضم أكثر من 18 مليون مواطن، بتكلفة تصل إلى 20 مليون جنيه سنويًا.

ثم جاء المحور الثالث في البرنامج ويتعلق برفع كفاءة الأداء الحكومي.. واعدا المواطنين بتحسن أحوالهم من خلال زيادة مخصصات الدعم، مع توفير القروض الميسرة من البنوك، والعمل على خفض الدين العام، وتخفيض عجز الموازنة وتوسيع وتفعيل برامج التشغيل لتخفيض حجم البطالة.

وفي رأيي أنه لا بد من التركيز على هذا المحور.. حيث ستعمل الحكومة على تنفيذ برنامجها من خلال أدواتها المتمثلة في المؤسسات والموظفين.. وتلك المؤسسات وهؤلاء الموظفون ليسوا على المستوى المطلوب في الأداء والجدية، وما يعلن يختلف عن الواقع وهو ما يكشفه التعامل اليومي للمواطنين، فبعض البنوك أعلنت عن مبادرات لتمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة لكنها وضعت شروطًا تكاد تكون تعجيزية تحد من استفادة المواطنين من تلك المبادرات، أما بالنسبة للمواطنين.. فعلى من يرغب في الوقف على أدائهم فليذهب إلى المصالح الحكومية ومنها الشهر العقاري، والمرور، والأحوال المدنية، والأحياء، ومديريات التعليم.. إلخ.

فهذا الجهاز البيروقراطي العتيق، وتلك الإجراءات الروتينية المملة.. هما اللذان يصطدم بهما المواطنون يوميًا.. وأيا كانت طبيعة الحكومة وجديتها ورغبتها في الإنجاز السريع، بمعنى آخر.. يجب أن يشعر المواطن أن الحكومة «سهّلت» عليه حياته ومعاملته اليومية!

وكان المحور الأخير في البرنامج هو بناء الإنسان.. أي كل المحاور السابقة هدفها الأساسي: إعادة بناء الإنسان المصري.. خاصة الأجيال الجديدة.. من خلال نظام تعليمي عصري، وتأمين صحي شامل، وأنشطة ثقافية فعّالة، ومراكز شباب لممارسة الرياضة واكتشاف المواهب.. إلخ.

وبالطبع هناك تفاصيل كثيرة في البرنامج لتحقيق هذا المحور المهم.. وهو إعادة بناء الإنسان المصري على أسس سليمة- ولا يتسع المجال لذكرها هنا- هدفها الأساسي والرئيسي تنشئة الشباب على قيم الانتماء والأخلاق والتسامح والجدية.. وهو ما كان يتميز به المصري على مدى العصور الطويلة الماضية.

فالبشر هم صُنّاع الحضارات، ونحن المصريين أصحاب أقدم حضارات التاريخ، ولا بد أن نكون عند حُسن ظن أجدادنا الذين تركوا لنا وطنًا موحدًا معافى كان دائما ملاذا آمنا لكل من يلجأ إليه.

والحمد لله أننا مازلنا مصريين، نعيش على أرض وطننا.. مصر.. التي تستحق منا بذل الغالي والرخيص لتظل رايتها مرفوعة بين الأمم.

حمى الله مصر.. ووفق ولاة أمورها.

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز