عاجل
الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
الأخلاق جوهر الرسالات

الأخلاق جوهر الرسالات

بقلم : محسن عبدالستار

 حُسن الخلق من الأشياء التي يألفها الناس، والذي يتسم به يكون محبوبًا من الجميع.. فهو من سمات المؤمنين الصالحين، حيث يساعدهم على تجنب الوقوع في العيب، واللوم، والنقد، ولا يجعل صاحبه يميل إلى الإجرام.



فالأخلاق عند أهل اللغة تعرف على أنها الطبائع التي يتطبع بها الإنسان، أما اصطلاحًا فهي القواعد المنظمة لسلوك الإنسان، والتي تتحكم فيما يفعله، وردود أفعاله التي تصدر عنه، فإما أن تكون حسنة فيكون الإنسان ذا أخلاق حسنة، وإما أن تكون سيئة فيكون الإنسان ذا أخلاق سيئة.. فالأخلاق هي التي ترفع شأن الإنسان بين أقرانه.

إن نسبة الأخلاق إلى الدين مثل نسبة محرك الطائرة إلى الطائرة نفسها، قد نعتني بمقاعدها، ونوافذها، ومرافقها وجوها المكيف الذي يوفر الراحة والسكينة للإنسان، لكن إذا أهملنا محركاتها ستبقى على الأرض جاثمة لا تطير.. فلا فائدة منها.

لقد سئلت السيدة عائشة رضي الله عنها عن خلق رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: "كان خلقه القرآن".. إذًا فالخلق هو كل شيء، وبه تسمو النفس وترقى.

ومن المعلوم لدينا، إن الأخلاق هي المبادئ والقواعد التي تساعد على تنظيم سلوك الإنسان، وهذا يسهّل شؤون حياتنا كلها ويجعلها تبدو بالشكل الأكمل، فتظهر في تعاملات الشخص مع نفسه ومع الله وغيره من البشر والمخلوقات جميعًا، إذًا الأخلاق هي جوهر وروح الرسالات السماوية الثلاث، وقد اهتمت الأديان بالأخلاق وجعلتها أمرًا أساسيًا يحاسب عليه الإنسان في الدنيا والآخرة.

فالدين يقاس بمدى حسن الخلق الذي يدعو له، وقد شهد الله في قرآنه الكريم بأن رسول الله ذو خلق عظيم.. وأخبرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بأنه بُعث لكي يتمم مكارم الأخلاق، لما لها من أهمية كبيرة في حياتنا ومن ثم الحصول على مجتمع خالٍ من الأحقاد والجرائم.

وإذا أردت أن يهتدي الناس على يديك ويحبوك حبًا شديدًا فكن خلوقًا.. واجعل حسن الخلق صفة من صفاتك.. كما قال حبيبنا صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ مِنْ أَحَبِّكُمْ إليَّ وَأَقْرَبِكُمْ مِنِّي مَجْلِسًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَحَاسِنَكُمْ أَخْلَاقًا".

 ومن جميل ما كان يروى عن الأخلاق أنه كان هناك طفل صغير في التاسعة من عمره أراه والده زجاجة عصير صغيرة وبداخلها ثمرة برتقال كبيرة هنا تعجب الطفل، كيف لهذه البرتقالة أن تدخل هذه الزجاجة الصغيرة؟! وحاول إخراجها من الزجاجة لكن دون فائدة!

عندها سأل والده كيف دخلت هذه البرتقالة الكبيرة في تلك الزجاجة ذات الفوهة الضيقة؟!

هنا أخذه والده إلى حديقة مجاورة للمنزل.. وجاء بزجاجة فارغة وربطها بغصن شجرة برتقال حديثة الثمار، ثم أدخل في الزجاجة إحدى الثمار الصغيرة جدًا وتركها، ومرت الأيام فإذا بالبرتقالة تكبر وتكبر، حتى استعصى خروجها من الزجاجة.. حينها عرف الطفل السر وزال عنه التعجب، ولكن الوالد وجد بالأمر فرصة لتعليم ابنه فقال له: "هذه هي الأخلاق.. لو زرعنا المبادئ والصفات والأخلاق بالطفل وهو صغير سيصعب إخراجها منه وهو كبير"، تمامًا مثل البرتقالة التي يستحيل أن تخرج إلا بكسر الزجاجة!

فالأخلاق نابعة من داخل النفس لخارجها، ولا يمكن أن يتم فصلها عن بعضها البعض، لأنها مترابطة وتمثل سلوك الشخص بشكل كامل، فليس هناك استثناءات في الأخلاق.

وفي عصرنا الحالي، ونظرًا لما نعانيه من مشكلات لا أخلاقية لا حصر لها، يبقى الأمل الوحيد هو التمسك بالأخلاق، فالمستقبل للمجتمعات الأخلاقية، بغض النظر عن هويتها، أو أفكارها، أو أهدافها، أو عاداتها وتقاليدها.

 

 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز