عاجل
الثلاثاء 23 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
دكتوراه فى الفساد!

دكتوراه فى الفساد!

بقلم : محمد جمال الدين

متى ينتهى الفساد من حياتنا؟.. هذا هو السؤال الذى يردده الآن عامة المصريين.




لكن للأسف الإجابة عنه أو عليه غائبة، فوقائع الفساد تطاردنا يوميا، مرة من هنا وأخرى من هناك، هذا وزير وذاك مستشار مرورا بمحافظين ونوابهم وصولا لرؤساء هيئات وأحياء، لننتهى عند موظف صغير ضربه «السلك» يرى الكبار يباركون ويرعون الفساد، بل ويساهمون فيه ويقننونه إذا لزم الأمر!


وطبقا لنظرية نيل قطعة من «تورتة» الفساد، فلا مانع عنده من أن يقوم بعمل فاسد على «آد» حاله، يستره فى باقى القادم من أيامه لحين خروجه إلى المعاش.


آخر وقائع الفساد فى مصر المحروسة، حدثت مع رجل كان يشار إليه بالبنان والكمال.. فهو حاصل على الدكتوراه فى مكافحة أساليب التهرب الجمركى، لذلك لم يكن غريبا أن يتولى رئاسة مصلحة الجمارك فهى فى صميم عمله، ولكنه بدلا من تطبيق ما تعلمه وحصل على درجة علمية لا يستهان بها فى تخصصه.


قرر بينه وبين نفسه أن ينتفع هو بعلمه ولا أحد سواه، وبلاها حكاية الوطن والانتماء التى تصدع الرءوس، فلا طائل منها فى هذا الزمن الذى يقدر فيه الإنسان بثروته وماله، وليس بعلمه وأخلاقه.


لهذا تحديدا لم يضيع الرجل وقته، فقرر أن ينهى المباراة فى وقتها الأصلى محرزا هدفا سريعا من بدايتها، هدف ثمنه مليون جنيه بالتمام والكمال، لم يستغرق منه سوى شهرين فقط لا غير «نقل من جمارك بورسعيد لمنصبه الجديد فى يوم الثلاثاء 8 مايو من هذا العام، وضبط متلبسا بجريمة الرشوة فى يوم الإثنين 9 يوليو»، فهو مدرك قيمة الوقت الذى نقول إن لم تقطعه فرمك، بحيث لن يكتفى بقطعك فقط.


بالطبع لن نتحدث عن سيرة الرجل الذاتية قبل توليه منصب رئيس مصلحة الجمارك، فهى كما عرفنا ليست فوق مستوى الشبهات، وهذا ليس من شأننا، ولكن أعتقد أنه من حقنا وشأننا وحق المجتمع أن نعرف اسم من بارك تعيين سيادته، على الرغم من سيرته الذاتية التى تزكم الأنوف؟!


فهل هى الدكتوراه اللعينة التى أتت بالرجل؟ أم حسن أخلاقه وتربيته أم المحسوبية والواسطة أم ماذا؟


أفيدونا أفادكم الله، لأن نموذج هذا الرجل متكرر وبكثرة خلال الآونة الأخيرة، ورأيناه من أول الوزير وسيادة المحافظ ونوابه ومستشاريه حتى أصغر موظف، يأخذ منى ومنك ثمن كوب الشاى حتى تنهى مصلحتك على خير، إعمالاً بمبدأ «فتح مخك» الذى تسير عليه المحروسة وتدير شئونها من خلاله.


الغريب أن نموذج رئيس مصلحة الجمارك المتكرر هذا يحدث فى ظل وجود العديد من الهيئات الرقابية، التى من حقها (بحكم طبيعة عملها)، أن تبحث فى ماضى أى مرشح لشغل منصب فى الدولة «مهنيا وسلوكيا»، حتى نضمن أنه سيؤدى عمله المنوط به بكل أمانة وشرف، شريطة تداول المعلومات والتعاون فيما بينها.


وحتى نحمى الموظف البسيط من النظر لمثل هؤلاء الفاسدين، الذين لم تردعهم ضمائرهم من رفض المال الحرام.


عموما الحرب على الفساد والفاسدين لم ولن تنتهى طالما تواجد بيننا من يدفع ثمن كوب الشاى ونعمل بمبدأ فتح مخك.. وهو بالمناسبة أول طريق الفساد الذى بمقتضاه ندفع عن طيب خاطر ثمنه من ثروة بلدنا المهدرة، ونضطر إلى الصمت حتى ننهى أعمالنا.


من هنا ساهمنا كمواطنين بسلبيتنا المعتادة على ترسيخ أركان الفساد فى مجتمعنا، يأتى بعد ذلك دور الأجهزة التى نطالبها بحسن البحث والتحرى لنضمن حسن الاختيار لنرشحه لصاحب القرار، يلى ذلك تفعيل المنظومة الإلكترونية فى تحصيل مستحقات الدولة دون تدخل أى عنصر بشرى.


وأخيرًا لابد من تغليظ العقوبات على جل قضايا الفساد، حتى يرتدع الكبير قبل الصغير، ولحين تنفيذ ذلك، أقول بملء الفم: سلم لى على الفساد.

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز