عاجل
الثلاثاء 16 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
الشمسية الحمراء

الشمسية الحمراء

بقلم : محمود حبسة

ليست مصادفة أن يكون النبي الخاتم محمد صلى الله عليه وسلم عربيًا، وليست مصادفة أن يكون نشر رسالة الإسلام في الدنيا كلها في مشارق الأرض ومغاربها على يد قادة عرب، العروبة تعني جينات الشرف والفضيلة، والتي تنتقل من جيل إلى جيل، وليس هذا كلامًا من قبيل الانحياز للعرق الذى أنتمى إليه بل هي الحقيقة يؤكدها التاريخ ويؤيدها الواقع الذى نعيشه، الحق سبحانه وتعالى هيأ لرسالته أسباب الانتشار والتمكين بأن اختار لها من الجنس البشرى أشرفهم وأفضلهم وأقدرهم على حملها وهم محمد صلى الله عليه وسلم وصحابته الكرام الطيبين الأطهار، فكان العرب هم أهل لرسالة الإسلام وأولى وأحق بها.



في الجزيرة العربية وفي وقت كان البعض يعبد فيه الأصنام نشأ حلف الفضول، الذى كان يبغض العصبية وينبذ العنف وينصر المظلوم، وفي دول لم يدخلها جيش مسلم، كما حدث في شرق آسيا في الصين والهند وماليزيا وإندونيسيا ودول إفريقية مثل نيجيريا انتشر الإسلام، من خلال أخلاق التجار العرب المسلمين، وهو ما أثبته الكاتب الكبير الراحل عباس محمود العقاد في كتابه "حقائق الإسلام وأباطيل خصومه"، في رده على فرية انتشار الإسلام بالسيف، كان العرب إذا أهل لرسالة الإسلام وأثبت التاريخ ذلك فلم تحدث الفتوحات الكبرى، ولم ينتشر الإسلام إلا مع تنامى قوة الدولة الإسلامية، عندما كانت السيادة والهيمنة فيها للعرب بدءًا من خلافة الراشدين الأربعة، انتهاء بالدولة العباسية مرورًا بدولة بني أمية، والعكس أيضًا صحيح فلم يحدث الضعف والانحلال للدولة الإسلامية، إلا بعد أن ضعفت قبضة وهيمنة العرب عليها عندما سيطر البرامكة الفرس على الدولة العباسية، وعندما سيطر عليها العثمانيون الأتراك فيما بعد .

وكما يشهد التاريخ أن نهاية دولة الخلافة الإسلامية، كانت على العثمانيين بعد أن تحولت تركيا في بدايات القرن الماضي إلى رجل أوروبا المريض وتفككت وسارت كل ولاية تستقل بذاتها حتى أنهاها رسميا مصطفى كمال أتاتورك في بداية رئاسته الأولى لتركيا عام 1923، يشهد الواقع حاليًا أن الدولة العثمانية الجديدة في عهد رئيسها الحالي رجب الطيب أردوغان تكتب كلمة النهاية للإسلام في دولة تركيا بعد أن اعترف الرئيس التركي قبيل الانتخابات الأخيرة بكافة حقوق المثليين والمتحولين جنسيا وبعد أن سمح لهم، وهم بالآلاف بتنظيم مظاهرات لتأييده في مشهد يندى له الجبين وفى مسلك غير مألوف حتى في أمريكا.

عندما يقر القانون في تركيا مهنة البغاء ويسمح أردوغان بممارسة الرذيلة في 650 منزل للدعارة في مختلف المدن التركية، ومن خلال 3000 فتاه وسيدة, وعندما تصبح الدعارة مصدر للدخل القومي في الدولة التركية التي تدعى مناصرتها للإسلام ومبادئه وقيمه بحوالي 4 مليارات دولار سنويا، وعندما يكون في تركيا نقابة للمثليين والمتحولين جنسيًا والعاملين في الجنس والدعارة تحت مسمى "الشمسية الحمراء"، والتي تمت الموافقة عليها رسميا عام 2013  تحمى وتدافع عن حقوقهم، وعندما يتضاعف عدد العاملين في هذا المجال القذر خلال سنوات حكم أردوغان ليصل إلى أكثر من  300 ألف، ماذا بقى إذا من قيم ومبادئ الإسلام وأخلاقه في دولة أردوغان؟!

تتدنى سياسة تركيا الخارجية كما تدنت أخلاقها، فالمبادئ لا تتجزأ، تتواصل مناورات أردوغان يدعى مناصرته للقضية الفلسطينية ودفاعه عن الأقصى ويعزز في الوقت نفسه من تعاونه العسكري مع إسرائيل, يتظاهر بمحاربته لتنظيم "داعش" ويشترى منه النفط بثمن بخس, يستغل ضعف دولتي سوريا والعراق لكي يوسع من دولته بضم المزيد من الأراضي والمدن بدعوى محاربة الأكراد، يمارس البلطجة في المنطقة في محاولة للاستيلاء على ثروات الغير، كما فعل مع القبارصة بمنعهم من البحث والتنقيب عن الغاز وكما حاول مع مصر ولكن مصر أوقفته عند حده, تتواصل سياساته في التلاعب بتركيا وبالشعب التركي  من الفصل التعسفي والاعتقال لآلاف الأتراك إلى تعيين زوج ابنته وزيرًا للمالية في خطوة هي الفساد بعينه مرورًا بانفراده بالسلطة بعد تحويل تركيا للنظام الرئاسي، وهو ما يعزز صحة التقديرات التي تؤكد تنامي ثروته هو وأفراد أسرته إلى 11 مليار دولار، وهو في كل ذلك يستظل بالشمسية الحمراء يحتمي بمن ينضوي تحت لوائها، والسؤال هل سيستظل بها من حر جهنم ونار جهنم يوم القيامة؟!      

هذه النظرة، وهذا السرد لجزء من تاريخنا حتى يتعلم النشء تاريخهم المشرف، ويتعزز لديهم انتماؤهم للعروبة في وقت تتزايد فيه الدعوات الطائفية الكذوبة الفرعونية تارة والشرق متوسطية تارة أخرى، ويرددون مع الرئيس الراحل أنور السادات مقولته "كنا عرب وعرب سنبقى" وحتى يعلم البعض  ممن تنطلي عليهم حيل وألاعيب وأكاذيب الرئيس التركي أن الشرف  والسؤدد لم تكن ولن تكون إلا للعرب، وأن نشر مقاصد شريعة الإسلام الغراء لن تكون إلا عن طريق العرب، وأن الدفاع عن المقدسات العربية والإسلامية بما في ذلك القدس الشريف والمسجد الأقصى، لن تكون إلا من خلال العرب وليس الفرس أو الأتراك.

من يدعون الدفاع عن الإسلام ومقدساته هم من يعتدون عليه، وليس أدل على ذلك من تدمير الإيرانيين الفرس لعقيدة الإسلام وإدخال العديد من خزعبلاتهم عليها وسبهم للصحابة الكرام ولزوج النبي السيدة عائشة، وكذلك دعمهم لجماعة الحوثي في اليمن بالصواريخ والتي استهدف بعضها مكة المكرمة والحرم الشريف، وما تجسده تركيا حاليًا من انتهاك صارخ لكل قيم الإسلام الحنيف ودعوته لمكارم الأخلاق متناقضين تمامًا مع مقولة الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم "بعثت لأتمم مكارم الأخلاق".

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز