عاجل
الثلاثاء 19 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
سرطان الرُّوح

سرطان الرُّوح

بقلم : د. داليا مجدى عبدالغنى

أنواع السرطان كثيرة، فهذا المرض يستطيع أن يُصيب أي مكان في الجسد، ويفتك به، بل وبالجسد كله، فهو مرض خبيث، ولديه القُدرة على الانتشار في الجسد، بدون رحمة أو شفقة، ولكن هل سمعنا من قبل عن سرطان الرُّوح؟! فهل يُمكن للسرطان أن يُصيب الرُّوح؟! أعتقد أن السؤال غريب، ولكن الإجابة هي بالطبع، يمكن لهذا المرض أن يُصيب الرُّوح، فالنفس الخبيثة المُتردية، قطعًا تكون مُصابة بالسرطان؛ لأنها تنتشر بسلوكياتها المُتدنية، وتنشر خُبثها وأمراضها، حتى تُصيب كل من تُعامله، لدرجة أنها يُمكن أن تُصيب المُجتمع بأكمله.



فكل إنسان لديه القدرة على إيذاء غيره، أيًا كان نوع أو شكل هذا الإيذاء، تكون روحه مُصابة بمرض السرطان، ولكن للأسف، نحن كعادتنا، نهتم بكل ما هو مادي وملموس، أما ما عداه، فلا نعبأ به، ولا يُحرك في داخلنا ساكنًا، والسبب ببساطة، أن السرطان عندما يقتحم الجسد، يُنْبِئُ الإنسان بدنو أجله، وبداية آلامه المُبْرِحَة، وهذا ما يخشاه الإنسان لدرجة الرعب، فهو يخشى الألم والموت، أما روحه، فلا يسعى لتطهيرها من أمراضها الفتَّاكة، على الرغم من أن سرطان الجسد ليس مرضًا مُعديًا، في حين أن سرطان الرُّوح، لديه القُدرة على نشر وباءه لدى كل من يقترب منه، فلو تفكرنا بتروٍ، سنجد أن الإنسان الخبيث أو الكاذب أو الماكر، أو غيره من الصفات التي لا تقل ضراوة عن مرض السرطان في خطورتها، عندما يقترب من أي شخص، إما يتسبب في إصابته بذات الصفات، وإما يتسبب في إيذائه، عندما يستغل أمراضه في جرح أو إهانة، أو خداع الغير.

فلماذا لا نسعى لتطهير أرواحنا من هذا المرض الفتَّاك، لماذا لا نجلس مع أنفسنا ونُحاسبها بكل وضوح؟ هل لهذه الدرجة نخشى من أن نرى أنفسنا بشكل سيئ؟ لماذا دائمًا تشدنا عُقولنا في اتجاه واحد، وهو أننا أشخاص أسوياء أنقياء، لا تشُوبنا شائبة! هل فكرنا في يوم كم من مرة تسببنا في إيلام غيرنا، وكم من مرة لم نستهدف سوى مصالحنا، حتى لو كانت على حساب الآخرين، وكم مرة أدْمِيْنَا فيها قلوبًا أخلصت لنا ومعنا، وكم مرة استهترنا بالآخرين، دون أن نعبأ بما يتجرعونه من آلام؟ للأسف، لم يُخْلَقْ بعدُ الإنسان الذي لديه الشجاعة والجرأة لكي يُحاسب نفسه بمنتهى الصدق، ويعترف بأخطائه بمنتهى الشجاعة، ويلوم نفسه على أفعاله في حق الآخرين، ويُطالبهم بالغُفْران والتسامح، وسبحان الله، كلنا نسينا أن المولى –عز وجل- أقسم بالنفس اللَّوَّامة، ولكن تُرَى مَنْ منا يستحق أن ينال شرف هذا القسم، ولو وُجِدَ هذا الإنسان، فقطعًا سيكون هو أول من حارب سرطان روحه.

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز