عاجل
الخميس 28 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
مصر والسودان.. تاريخ واحد ومستقبل واعد

مصر والسودان.. تاريخ واحد ومستقبل واعد

بقلم : أيمن عبد المجيد

يسألونك عن العلاقات المصرية- السودانية، قل: تاريخ واحد ومستقبل واعد، فبين القاهرة والخرطوم دماء أخوة تسري في الشرايين، لا يمكن أن يدركها إلا سوداني زار القاهرة، أو مصري أقام في الخرطوم، ببساطة لأن كلًا منها شعر بأنه ما زال في وطنه لم يغادره.



وهذا الشعور الذي يدركه جيداً شعبا مصر والسودان، أكده الرئيس عبد الفتاح السيسي في كلمته، قائلاً: "تحظى زياراتي للسودان بمكانة خاصة وأولوية متقدمة ومتميزة.. ومرجع هذه المكانة الخاصة.. يعود إلى شعور كل مصري يزور السودان.. بأنه لم يخرج من وطنه.. ولم يغادر أرض بلاده".

بين القاهرة والخرطوم إرثٌ من العلاقات الضاربة بجذورها في عمق التاريخ، ومصير مشترك، يمكن تحويله لمستقبل واعد، عبر تعظيم الشراكات في مختلف المجالات، السياسية والاقتصادية، والأمنية.

وتبدأ أجندة الملفات المهمة في تلك القمة التاريخية بين الزعيمين، التي تحمل رقم 22، بملف مياه النيل، الذي شهد إدارة حكيمة، ففي العاصمة الإثيوبية أديس أبابا التي عقدت على هامش القمة الإفريقية، كنت شاهد عيان على اللحظة التاريخية التي خرج فيها الرئيس عبد الفتاح السيسي، والرئيس السوداني عمر البشير ورئيس الوزراء الإثيوبي هايلي مريم ديسالين، متشابكي الأيدي، معلنين عن تفاهم تام.

في ذلك اليوم كانت بداية نهج جديد في إدارة القضية، حيث شكلت اللجنة التساعية، التي تضم رؤساء مخابرات، ووزراء خارجية ووزراء الري بالدول الثلاث، وأثمرت تلك اللقاءات تفاهمات وإزالة لمعظم العقبات.

العلاقات بين مصر والسودان علاقات استراتيجية، تتطلب مزيدًا من التفاهمات والتنسيقات ووضع الآليات لتعزيز هذه الشراكة، لتثمر الخير للبلدين.

فعلى الصعيد المائي، مصر والسودان، دولتا مصب، ومصلحتهما مشتركة، تتطلب تنسيق الجهود، وفي المجال الأمني، فإن عدم الاستقرار في بعض بلدان الجوار، يمثل تهديدًا للأمن القومي بالبلدين الشقيقين.

مصر تتبنى سياسة واضحة أكد عليها الرئيس عبد الفتاح السيسي، وهي: "أن أمن واستقرار منطقة الجوار الإقليمي.. جزء لا يتجزأ من الأمن القومي المصري".

هذه الركيزة الأساسية في سياسة مصر الخارجية، باتت واقعًا ظاهرًا للعيان، ففي الوقت الذي يتواجد فيه الرئيس بالخرطوم، تلقى رئيس المخابرات المصرية، الوزير عباس كامل، اتصالًا من إسماعيل هنية، رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، يؤكد فيه قبولهم بالورقة المصرية للمصالحة.

فالجهود المصرية ساهمت في رأب الصدع الفلسطيني، كما تدعم مصر جهود بناء ليبيا المؤسسات الوطنية، وكذا الجهود السورية لحل سياسي سلمي يحافظ على كيان الدولة، وهو نفس المنهج الداعم لإنهاء الصراع في اليمن ليحل الأمن والاستقرار.

فالاستقرار في دول الجوار، يدعم الأمن القومي، المصري والسوداني، لذا لعبت الخرطوم والقاهرة دورًا مهمًا وبارزًا في جهود المصالحة في دولة جنوب السودان، وفي المصالحة بين أسمرة وأديس أبابا.

فبعد صراع مسلح دام ثلاثين عامًا، استقلت إريتريا عن إثيوبيا 1991، لكن الصدام ظل قائمًا تخلله حرب دامية، بين عامي 98 و2000، لتنتهي الخلاقات باتفاق سلام واستعادة العلاقات الطبيعية بين البلدين مؤخرًا.

هذه التحولات الإيجابية في القارة الإفريقية، ودول حوض النيل تحديدًا، تنبئ بأن فرص التعاون والنهوض والتنمية تتعاظم، إذا ما تم استغلالها والبناء عليها.

لدى كل من البلدين الشقيقين ما يضيفه للآخر، مصر عبر مشروع الربط الكهربائي، تستطيع دعم جهود التنمية في السودان، كما أن الخرطوم تملك من الأرض الزراعية الخصبة، ما يمكن من شراكة كبيرة مع القاهرة في مشروعات زراعية، ومشروعات الثروة الحيوانية، لتحقيق أمن غذائي للبلدين.

وهناك الكثير من المشروعات العملاقة التي تخدم التعاون بين البلدين، منها بناء الطريق الساحلي بين مصر والسودان بطول 280 كيلومترًا، ومشروع طريق قسطل- وادي حلفا، وطريق أسوان- وادي حلفا– دنقل، وتطوير وإعادة هيكلة خطوط السكك الحديد لتسهيل حركة نقل البضائع والأفراد، ومشروع الربط الكهربائي، إلى جانب التعاون في مجال تعظيم الموارد المائية والري، عبر إحياء مشروع قناة جونجلي، وتطهير الجزء الجنوبي من النيل لتقليل الفاقد، ودعم السودان في تطوير شبكة الري والصرف.

ولعل من أهم الملفات التي يبحثها الزعيمان في هذه القمة التاريخية، هو ملف التعاون الأمني، ومواجهة الإرهاب الذي يهدد المنطقة، ويتنامى خطره مع فقدان بعض دول الإقليم مثل سوريا وليبيا على أجزاء من أراضيها وهو ما وفر بيئة للخلايا الإرهابية.

فالتعاون الأمني المصري- السوداني ضرورة لمواجهة هذا الخطر.

ولعل في ظل تلك الجهود المثمرة، والتي تنبئ بمستقبل واعد للعلاقات والتعاون بين الأشقاء، يبقى دور الإعلام في دعم ذلك.

فمع كل التقدير للزملاء الصحفيين والإعلاميين، في البلدين الشقيقين، هناك سوء تقدير للمواقف من البعض، دفع بقلة قليلة لارتكاب أخطاء في التناول الإعلامي أساءت للعلاقات، وهذا ما دفع قيادات إعلامية من البلدين لبحث توقيع ميثاق شرف إعلامي.

هذا الميثاق المقترح ترحب به نقابتا الصحفيين المصرية والسودانية، ولعل مسؤولية كل إعلامي واعٍ تفرض عليه أن يكون معبرًا بموضوعية عن طبيعة العلاقات، والمخاطر والتحديات التي تواجه الشعبين الشقيقين، ولعل التاريخ يؤكد أنها شعب واحد، تاريخهم مشترك، ومصيرهما مشترك، ولديهما من المشتركات، والثروات ما يمكن القاهرة والخرطوم من التعاون المثمر لشعبين شقيقين.

فلنعمل جميعاً من أجل البناء ومستقبل أفضل لبلدينا، وشعبنا الواحد شعب وادي النيل.

 
 
 
 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز