عاجل
الخميس 28 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
الثورة الملهمة

الثورة الملهمة

بقلم : محمد جمال الدين

 



اجتازت مصر فترة عصبية فى تاريخها الأخير من الرشوة والفساد وعدم استقرار الحكم، وقد كان لكل هذه العوامل تأثير كبير على الجيش، وتسبب المرتشون المغرضون فى هزيمتنا فى حرب فلسطين، أما فترة ما بعد هذه الحرب فقد تضافرت فيها عوامل الفساد وتآمر الخونة على الجيش وتولى أمرهم إما جاهل أو خائن أو فاسد حتى تصبح مصر بلا جيش يحميها.. وعلى ذلك فقد قمنا بتطهير أنفسنا، وتولى أمرنا فى داخل الجيش رجال نثق فى قدرتهم وفى خلقهم وفى وطنيتهم ولا بد أن مصر كلها ستلقى هذا الخبر بالابتهاج والترحيب).
هذا جزء من البيان الذى ألقاه البكباشى (وقتها ) وعضو مجلس قيادة ثورة 23 يوليو ( محمد أنور السادات) على شعب مصر .
حينها وصف البعض ما حدث بأنه ثورة والبعض الآخر قال عنها إنها حركة أو انقلاب.
ولكن المهم أنها انحازت لفقراء وبسطاء الوطن، سواء كان عاملًا أو فلاحًا، محررة إياهم من تحكم وجبروت إقطاعيين ورأسماليين.
لذلك أجزم (من وجهة نظرى، رغم عدم كونى باحثًا فى التاريخ)، أنها ثورة قام بها شباب مصرى آمن بالله وبقدراته فى تحقيق تغيير حقيقى يرسخ للمساواة بين أبناء المجتمع.
ثورة سعت بكل جهد لتحقيق مبدأ العدالة الاجتماعية الغائب عن المجتمع المصرى منذ فترات زمنية طويلة وعانى بسببه الغالبية العظمى من المصريين.
ثورة غربت بسببها شمس السخرة والظلم التى تجرعها شعب مصر مكرهًا، فاسترد الفلاح أرضه والعامل كرامته، وأقرت مجانية التعليم، وأممت قناة السويس، وبدأ بناء جيش مصرى وطنى.
ثورة جعلت من كاتب هذه السطور (عندما كنت طفلًا) يخرج إلى شارع البحر فى الإسكندرية، مسرعًا لا يرتدى سوى لباس البحر ليشاهد رئيس بلده وقائد ثورته الراحل ( جمال عبد الناصر ) ملوحًا ومصفقًا له فى احتفاله المعتاد بعيد الثورة، التى لم أكن أعرف معناها أصلًا.
وهى نفسها الثورة التى حققت العديد من المكاسب، التى استفاد منها السواد الأعظم من الشعب المصرى، رغم أن هناك نوعًا من الارتداد قد أصاب البعض من مبادئها.. وهو الارتداد الذى تعانى منه أغلب الثورات فى العالم، بحكم الزمن ومرور السنين وتغير الظروف.
وهذا بالمناسبة ليس ذنب الثورة، وإنما هو ذنب بعض من تولوا مسئولية تطبيق مبادئها، وذنب الزمن والمجتمع وما يمر به من مستجدات.
فليس هناك من ذنب ارتكبته ثورة يوليو حتى أصبح التعليم فى مصر لا علاقة له بالمجانية  ولا يمت بصله بالماء أو الهواء كما قال عميد الأدب العربى (طه حسين).
وليس ذنبها أن ينمو ويكبر طفيل رجال الأعمال الذين احتكروا العديد من السلع فتضخمت ثرواتهم على حساب الشعب والعامل الذى يوقع استمارة بالاستغناء عنه قبل أن يتولى العمل المكلف به.
وليس هناك من ذنب للثورة فى الزيادة الرهيبة لعدد سكان مصر التى تأخذ فى طريقها كافة برامج ومشاريع التنمية وكذلك الأراضى الزراعية لدرجة أن مصر أصبحت تستورد (الثوم والبصل) من الخارج!
وأخيرًا ليس ذنبها أن البعض من شباب اليوم لا يؤمن، بأهمية العمل والإنتاج فى تقدم وبناء ونهضة الأمم.
ومع هذا الارتداد أو التراجع كما يحلو للبعض أن يقول، فإن ثورة يوليو باقية فى وجدان الشعب المصرى، بعد أن رسخت لقيم عديدة يأتى فى مقدمتها ترسيخ الإرادة السياسية وهى القيمة التى اعتمدها شباب مصر حينما خرجوا مطالبين بالتغيير فى ثورة 25 يناير وتم استكمالها فى ثورة الـ30 من يونيو عندما وقف جيش مصر العظيم إلى جانب الشعب يزود عنه ويحميه ضد كل من يحاول الإساءة إليه.
وهذا تحديدًا ليس بمستغرب على من يعلم حقيقة الشعب المصرى، فجيش مصر ورجاله من نسيج هذا الوطن، ولم يهبطوا عليه بالباراشوت، فهم منه وهو منهم، ولهذا لا يمكن أن تموت الثورات.. فهى تبقى خالدة فى وجدان شعوبها يتوارثها جيل تلو الآخر.. من أيام الزعيم (أحمد عرابى)، وثورة 1919 وسعد زغلول ورفاقه، مرورًا بثورة يوليو الملهمة لثورة يناير، حتى وصلنا إلى ثورة 30 يونيو التى أزاحت من طريقنا الغمة الإخوانية سارقة الثورات وبائعة الأوطان باسم الدين الذى هو منهم ومن أمثالهم براء.

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز