عاجل
الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
الثانوية العامة: الثورة مستمرة

الثانوية العامة: الثورة مستمرة

بقلم : أسامة سلامة

 



فى كل عام - ومع إعلان نتيجة امتحانات الثانوية العامة - يظهر ضمن المتفوقين وبين العشرة الأوائل طالب ينتمى لأسرة تعيش تحت خط الفقر،
فى هذا العام كان البطل هو محمود محمد صبحى، الذى حصل على المركز الرابع على مستوى الجمهورية بالقسم الأدبى.. محمود الذى طردته مديرة المدرسة أكثر من مرة بسبب ذهابه إلى المدرسة مرتديًا «شبشب»؛ لأنه غير قادر على شراء حذاء.. وهو نفسه الذى احتفت به المديرة والمدرسة وأهالى قريته التابعة لكفر الشيخ؛ لأنه رفع رأسهم عاليًا.
مات والد محمود وهو فى الرابعة من عمره، ولم تجد والدته حلًا سوى العمل فى أبسط المهن من أجل تربية أبنائها الثلاثة: الأول تخرج من معهد الحاسبات والإلكترونيات ومازال يبحث عن عمل.. والثانى محمود.. والثالث فى الصف الأول الثانوى،
تنقلت الأم بين أكثر من عمل وآخرها بيع أنابيب البوتاجاز.. مرت عليها ليال كانت تبكى فيها؛ لأنها لا تجد شيئًا تنفقه على أبنائها ولا تستطيع أن تجد لهم طعامًا.. ولكنها أصرت على تعليمهم. وحتى عندما ضاق بها الحال وطلبت من محمود بعد نجاحه فى الإعدادية بتفوق كبير أن يلتحق بالتمريض، عادت واستجابت لرجائه وقدمت له فى الثانوية بعد أن وعدها بالمذاكرة ومساعدتها فى العمل معًا، وصدق وعده ولم يخذلها.
الأم التى سجدت لله شكرًا فى الشارع، عندما تلقت خبر نجاح ابنها بتفوق وكانت فى طريقها إلى المدرسة لتقدم لابنها الثالث فى الصف الأول الثانوى، تدرك أن المشوار أمامها ما زال طويلًا.. فمحمود يرغب فى الالتحاق بكلية الألسن لدراسة إحدى اللغات الأجنبية ويتمنى أن تكون الألمانية.
ولكن نجاح محمود وتفوقه ينمى الأمل لديها فى قدرتها على مواصلة المسيرة وصنع مستقبل أفضل لأسرتها.
لا أدرى هل تدرك هذه الأسرة أن الفضل فى نجاحات الأبناء يعود لثورة يوليو التى أقرت مجانية التعليم، وأنها ربما تكون من إنجازاتها حضورًا حتى الآن؟
الواقع يؤكد أنه لولا هذه المجانية ما استطاع ملايين الفقراء منذ 1952 وحتى الآن الالتحاق بالجامعة والعمل والصعود بالأسر إلى وضع أفضل، والارتقاء بها من الفقر المدقع إلى الطبقة الوسطى.
ما حدث مع محمود هذا العام هو نفسه ما حدث مع مريم العام الماضى (والتى اشتهرت بلقب ابنة البواب) بعد أن تفوقت وحصلت على 99% والتحقت بكلية الطب وتفوقت فى عامها الجامعى الأول ونجحت بامتياز.
ولا أعرف هل سيستمر تفوقها فى باقى السنوات الجامعية أم ستوضع أمامها العراقيل، حتى لا تصبح معيدة بالكلية، ويفسح الطريق أمام أبناء الأساتذة والمحظوظين؟، 
ولكن حتى لو لم تتمكن من تحقيق هذا الطموح فمن المؤكد أنها بعزيمتها ستصبح طبيبة مميزة، وترتقى بأسرتها البسيطة إلى أعلى..
مستوى مريم العام الماضى، ومحمود هذا العام، والمئات غيرهما فى السنوات السابقة والأعوام القادمة هم أبناء الثورة.. وما لم يتغير نظام التعليم ويصبح بالكامل ضد الفقراء، فإن تفوق هؤلاء يؤكد كل عام أن «ثورة يوليو» لم تمت.. وأنها ما زالت مستمرة على (الأقل فى الثانوية العامة).

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز