عاجل
الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
23 يوليو .. الثورة "روزاليوسف".. في مواجهة "الموساد"!

23 يوليو .. الثورة "روزاليوسف".. في مواجهة "الموساد"!

بقلم : هاني عبدالله

داخل محراب «روزاليوسف» (و«روزاليوسف» على وجه التحديد)؛ يُمكنك ألا تُرهق نفسك كثيرًا (وأنت تحاول توثيق الأحداث التاريخية)، عبر استدعاء ما تم نشره فى حينه (!).. فما سُطر بين أروقتها وطرقاتها أكثر بكثير مما احتوته صفحاتُها (!)
ليس فى الأمر – يقينًا – أى نوع من التحيز، أو المبالغة، أو سيطرة [الأنا المؤسسى].. إذ ثمة عديد من الأسرار والحكايات، التى يتوارثها أبناء الدار (جيلٌ بعد جيلٍ)، لم تأخذ حظها من النشر.. وما نُشر منها فى حينه؛ كان أن غيَّبَه – فيما بعد – وطيس المنافسة، وصراعات المهنة، وغيرة أبناء الوسط الصحفي.. وأشياء إنْ تُبد للكثيرين تسُؤهم (!)

فقبل أن يتحرك ضُباط الجيش فى 23 يوليو من العام 1952م؛ كانت «روزاليوسف» (السيدة والمجلة) قِبلة لعديدٍ من أعضاء مجلس قيادة الثورة.. وعلى صفحات «روزاليوسف» (المجلة)؛ كان أن فجَّرَ وريث عرش صاحبة الجلالة (إحسان عبدالقدوس) قضية الأسلحة الفاسدة فى حرب العام 1948م.

وأيًا كانت حقيقة «الجدل التاريخى» اللاحق على تفجير القضية.. فإنّ تفجيرها بتلك «الكيفية» (وعلى صفحات «روزاليوسف» على وجه التحديد)؛ كان انعكاسًا واضحًا لـ«غيرة وطنية» خالصة، واستشعارًا لمسئولية «الكلمة» فى مواجهة الفساد والطغيان.. كما كان تفجير القضية ذاتها، ثمرة لعديدٍ من اللقاءات والمناقشات بين «إحسان» نفسه، ومن صنعوا الثورة فيما بعد (!)
آمنت «روزاليوسف» – إذًا – بـ«ثورة يوليو» (حتى قبل حدوثها).. وكانت أقرب إلى «مدفع حربى» موجه [باستمرار] نحو الملكية، وغياب العدالة الاجتماعية.. وبامتداد «سنوات يوليو»؛ ظلت الدار، قِبلة للثوار [كلما استجد جديد].
.. وفى ربيع العام 1956م، كان ثمة جديد (!)

قبل شهور قليلة من العدوان الثلاثى على مصر؛ أراد الرئيس «جمال عبدالناصر» تدشين قناة [غير رسمية]؛ لاستشراف بعض جوانب تفكير قيادات الكيان الصهيونى (إسرائيل)، فيما يتعلق بالمنطقة العربية [ومصر، على وجه التحديد].. وبعد تفكير شديد مع «مسئولى أجهزة المعلومات» وقتئذ؛ كانت «روزاليوسف» هى كلمة السر (!)
حينها.. وقع اختيار «نظام يوليو» على واحد من أكثر أبناء الدار تجوالًا فى عواصم العالم.. وكان هذا الصحفى، هو الكاتب الوطنى «إبراهيم عزت»، مندوب «روزاليوسف» المتجول خارج الحدود.. وكانت المُهمة: [كيف يفكر قادة إسرائيل؟.. ومن قلب إسرائيل نفسها!].. وفور عرض المُهمة؛ لم يتردد «إبراهيم عزت» للحظة واحدة فى قبولها.. رغم ما يُمكن أن تحمله من مخاطر (!)
حزم «إبراهيم عزت» حقائبه؛ ليجد بين يديه، هوية [وهمية] باسم صحفى برازيلى (من أصول عربية) اسمه: «جورج إبراهيم حبيب».. وكانت مقتضيات «الهوية الجديدة» أن يدَّعى صاحبها أنه يفهم «اللغة العربية»، لكنه لا يتحدثها جيدًا (!)

كانت المحطة الأولى للصحفى البرازيلى «جورج إبراهيم حبيب» (أو المصري/ إبراهيم عزت)، هى العاصمة البريطانية (لندن).. وعلى الحدود الجنوبية لمنطقة «كنزنجتن» (Kensington)، فى وسط العاصمة الإنجليزية؛ أبلغ الصحفى «البرازيلى» السفارة الإسرائيلية بلندن [التى كان يتولى مسئوليتها – وقتئذ - الدبلوماسى والصحفى الصهيونى (Eliahu Elath) إلياهو إيلات]، برغبته فى زيارة «تل أبيب» (!)
.. وقال «جورج حبيب» إنّ هذا الأمر جزء من جولة [شرق أوسطية] سيقوم بها فى المنطقة.. لكنه.. يخشى إذا ما وضعت تأشيرة دخول إسرائيل على جواز سفره، أن ترفض البلاد العربية دخوله إلى أراضيها (!)
بابتسامة ساخرة طلب [موظف السفارة] من «جورج حبيب» (إبراهيم عزت) صورتين.. ووضع إحدى الصورتين على ورقة بيضاء من أوراق السفارة.. وطبع تأشيرة دخول «تل أبيب» عليها.. وكانت هذه الورقة هى كل ما حمله «إبراهيم عزت» وهو يجوب إسرائيل (شرقًا وغربًا، وجنوبًا وشمالًا).
كان مسار الرحلة (لندن/ باريس/ تل أبيب).. وفور هبوط الطائرة التى كان يستقلها «جورج حبيب» بمطار اللد (مطار بن جوريون)؛ وجد الصحفى فى انتظاره كُلًّا من: مدير المطار نفسه، ومندوب من وزارة الخارجية الإسرائيلية(!).. وأسقط فى يد «إبراهيم عزت»؛ إذ اعتقد للحظات أن «إسرائيل» قد اكتشفت أمره، وأنها أرسلت عددًا من رجالها لإلقاء القبض عليه (!).. لكن.. سرعان ما تبددت تلك الشكوك؛ إذ كان كلاهما فى المطار للترحيب بالضيف البرازيلى(!)
وبلهجة مُهذبة (لا تخلو من حزم)؛ طلب مدير المطار من «جورج حبيب» أن يتوجه مباشرة إلى السيارة المخصصة لنقله إلى فندق «دان هوتيل».. وقال له: ستلحق بك الحقائب مباشرة (!)
ووصل «جورج حبيب» إلى الفندق فى تمام الساعة التاسعة مساءً.. لكن الحقائب لم تصل فى موعدها (!).. وعند منتصف الليل (أى فى تمام الساعة الثانية عشرة)؛ كان أن وصلت الحقائب.. وكان يبدو من هيئتها أنها فُتشت تفتيشًا دقيقًا، وأن الأيدى التى عبثت بها، بذلت مجهودًا كبيرًا لإعادة كل شيء إلى مكانه (!)

فى صباح اليوم التالى.. اصطحب مندوب وزارة الخارجية الإسرائيلية (ألكساندر دوثان) الضيف البرازيلى فى جولة داخل «تل أبيب».. وكانت وظيفته الأصلية هى «مدير مكتب المعلومات العربية بالوزارة (كما كان يتولى – فى الوقت نفسه – قراءة جميع الصحف والمجلات المصرية للرد عليها فى الإذاعة الإسرائيلية)!
يقول «إبراهيم عزت» فى الحلقة الأولى من مغامرته الصحفية (والسياسية)، التى نشرتها مجلة «روزاليوسف» فى 21 مايو من العام 1956م: [تصل الجرائد المصرية إلى إسرائيل فى يوم صدورها نفسه، وقد قرأت «روزاليوسف» فى تل أبيب فى يوم صدورها وتوزيعها فى القاهرة!.. أى يوم الاثنين وفى الساعة الحادية عشرة صباحًا!].
وبين سطور ما كتبه «إبراهيم عزت»؛ يُمكننا أن ندرك أن «الموساد» (أى جهاز الاستخبارات الإسرائيلي)، كان مُهتمًا بتقصى تفاصيل زيارة الضيف البرازيلى (المفاجئة) إلى حدٍّ بعيد.. إذ تم وضعه تحت رقابة لصيقة(!)
يقول «عزت»: كان يرافقنى فى زيارتى «إيلى حدافى»، وهو سائق السيارة التى وضعتها تحت إمرتى حكومة إسرائيل.. وقد اكتشفت فى اليوم الأول، أنّ «إيلى» يقيم بالفندق الذى أقيم فيه، نفسه (وهو أفخم فنادق تل أبيب!).. وينام فى الغرفة الملاصقة تمامًا لغرفتى(!).. ولم أبد أية ملاحظة لإيلى على إقامته معى فى الغرفة الملاصقة. إنما فضلت السكوت.. ولكنى بعد أيام لمحت بجانب «إيلى» مسدسًا من الحجم الكبير.. وكان يخفيه تحت سترته التى تعود أن يضعها بجانبه أثناء قيادة السيارة (!).. وقلت له وأنا أدعى البراءة:
• لماذا هذا المسدس يا إيلي؟!
• وأجاب «إيلى» كأنه يعلم الجواب جيدًا: إنّ مُهمتى هى قيادة السيارة، وحراستك أيضًا!
• قلت وأنا أدعى الدهشة: حراستى ممن؟!
• قال وهو يهز كتفيه: من أشياء كثيرة.. من الفدائيين المصريين مثلًا!
• قلت مُبتسمًا: شكرًا (ولم أزد حرفًا).
لكن.. مع استمرار مهمة «إبراهيم عزت» فى هدوء؛ كان أن شهد بهو الفندق «المفاجأة» الكبرى.. وهى مفاجأة لم تكن فى الحسبان، على الإطلاق (!)

لم يحدث فى مغامرة «إبراهيم عزت» ما يُمكن أن يكشف شخصيته، إلا عندما التقى – بشكل مفاجئ – مع صديقه الصحفى الإنجليزى «سليد بيكر» فى بهو فندق «دان هوتيل»(!)
حينها.. كان أن وقف «بيكر» ينظر باندهاش شديد إلى صديقه المصرى، الذى لم يكن يتوقع أن يراه داخل «تل أبيب» بأى حال من الأحوال (!).. تجاهله «عزت»، وجلس على مقعد بعيد، وأخفى وجهه فى صحيفة.. فتبعه إلى حيث يجلس (!).. فنزل إلى «بار» الفندق.. فتبعه – أيضًا – الصحفى الإنجليزى (!)
داخل «البار».. سأله «بيكر»: ألم نلتق من قبل؟!.. فرد «عزت»: ربما.. هل زرت البرازيل من قبل؟.. انتفض «بيكر» بغضب، قبل أن يقول لصديقه: «إبراهيم» كيف وصلت هنا؟ وماذا تفعل فى تل أبيب؟!
قال «إبراهيم عزت»: اسمى «جورج إبراهيم حبيب» صحفى من أمريكا اللاتينية.. ثم استدار هامسًا: من فضلك.. سأقص عليك القصة كاملة فى القاهرة.. دعنى الآن!
فتابع «بيكر»: سأذهب إلى القاهرة خصيصًا لأعرف القصة!.. لكن.. بيكر لم يترك «عزت».. بل جلس إلى جواره داخل «بار الفندق»؛ ليتحدث [بصوت مرتفع] عن الأحوال فى «البرازيل» (!)

قضى «إبراهيم عزت» (أو جورج حبيب) 11 يومًا داخل إسرائيل (3 أيام فى تل أبيب/ 3 أيام فى حيفا/ يومين فى بئر سبع/ يومين فى القدس/ وليلة أخيرة فى تل أبيب).. ووصل فى جولته إلى الحدود المصرية، ووقف على بُعد 100 ياردة من حدود غزة (عند النقطة التى تطلق عليها لجان الهدنة: الكيلو 95).
يقول «إبراهيم عزت»: [كنت قريبًا جدًا من مصر، ورغم ذلك كنت أشعر أنى بعيد.. بعيد جدًا.. ولم أكن سعيدًا وأنا أنظر إلى العلم المصرى وهو يرفرف فى الأفق البعيد، بل كنت أشعر كأنى على وشك البكاء.. فهذه الأرض التى أقف عليها، وأطل منها على وطنى، أرضٌ يحتلها الأعداء.. ويشلون فوقها قدمى حتى لا أخطو خطوة واحدة.. إلى وطني!].
ويتابع: [خلال إقامتى بإسرائيل قابلت كل رجالها.. كل أعدائنا.. قابلت بن جوريون، وموسى شاريت، وجولدا مايرسون (جولدا مائير) وزيرة العمل، والجنرال يادين القائد العام للقوات الإسرائيلية فى عام 1948م.. و.. و.. إلخ.. قابلتهم كلهم، وأنا مقتنع بأنّ المعركة طويلة الأمد].
وعلى طاولات كل هؤلاء.. كان يجمع «إبراهيم عزت» من المعلومات، أكثر مما يتخيله الإسرائيليون أنفسهم (!).. فعندما التقى «بن جوريون»، وعلم منه احتمالية أن يزور مصر؛ قال له «بن جوريون»: [إذا ذهبت إلى مصر، واستطعت أن تقابل الرئيس جمال عبدالناصر، قل لسيادته إننى على استعداد لمقابلته فى أى وقت، وفى أى مكان يحدده هو لمناقشة أى مسألة يحب أن يثيرها.. سواء كانت هذه المسألة خاصة باللاجئين أو الحدود، أو كانت مسألة اقتصادية أو سياسية أو عسكرية، من دون وسيط، ومن دون إذاعة أى شيء عن هذا الاجتماع أو نتائجه.. قل له: إنى على استعداد لمقابلته ولو فى القاهرة].. 
ورغم ما أبداه «بن جوريون» من رغبة مُلحة فى التفاوض مع «عبدالناصر»؛ فقد كان كل ما رصده «إبراهيم عزت» على الأرض، ينبئ بأن إسرائيل لا تستعد إلا للحرب(!).. فعندما زار مُستعمرة «كفار فيتكن»؛ لفت انتباهه لوحة ضخمة مُعلقة وسط المستعمرة، تُمثل الأهرامات المصرية وفوقها تطير طائرات «الجيت» وعليها علم مصر، وجنود المظلات المصريين يقفزون على الأرض (!).. وعندما سأل عن وضع هذه اللوحة، قالوا له: إن المستعمرة تريد تجنيد بعض الشبان لفرقة المظلات، وهذه اللوحة لإثارة حميتهم للتطوع (!)
وهو ما كان يعكس – إلى حد بعيد – حالة الخوف الإسرائيلى [المُزمن] من القوات المصرية.. إذ قال «موسى شاريت» وزير خارجية إسرائيل (وكان الرجل الثانى فى تل أبيب، وقتها، بعد بن جوريون): إنّ إسرائيل تعرف أنّ سلاح مصر الجوى أقوى 25 مرة من السلاح الجوى الإسرائيلى..

طلب «إبراهيم عزت» خلال رحلته أن يزور الـ«هستدروت» (الاتحاد العام لنقابات العمال الإسرائيلية).. وعلى مضض، وافق الإسرائيليون على الزيارة.. وكانت محطته الأولى داخل المنظمة، هى «القسم الدولى» بالمنظمة.. وهناك؛ قابل «د.عزرا حايوت» نائب مدير القسم.. وعندما علم أنه صحفى من البرازيل، بدأ يحدثه باللغة الإسبانية، أو «البرتغالية» (لم يكن يدرى إبراهيم عزت - على وجه اليقين - أى لغة هذه!).. وأسقط فى يده من جديد(!).. فهو لا يعرف كلمة واحدة من لغة وطنه (البرازيل!).
لكنه سرعان ما عالج الموقف [بذكاء شديد].. إذ قال وهو يشير إلى مرافقه: لنتحدث بالإنجليزية حتى لا يشعر صديقنا أنه غريب بيننا (!).. فأقره «عزرا حايوت» على هذا الأمر، وبدأ فى التحدث معه بالإنجليزية.
وبعد التعرف على وضع المنظمة بشكل تفصيلى.. كان أن التقى «عزت» ووزيرة العمل الإسرائيلية «جولدا مايرسون» (جولدا مائير)، التى أعربت هى الأخرى عن رغبتها فى لقاء عبدالناصر(!).. وحكت لـ«إبراهيم عزت» كيف أنها طلبت من «تل أبيب» - فى مايو من العام 1948م – أن تلتقى أحد القادة العرب، حتى لا يتدخل فى «حرب فلسطين».. واضطرت إلى أن تتنكر فى زى «امرأة عربية» حتى تتمكن من المرور عبر الحشود العسكرية، وأنها عادت بالطريقة نفسها.. بعد أن لم تتلق وعدًا بشيء (!)
■ ■ ■
انتهت مهمة «إبراهيم عزت» فى تل أبيب (وما لم ينشر منها أكثر بكثير مما نُشر).. ذهب «إبراهيم عزت» فور انتهاء المُهمة إلى «مطار اللد» [مرة أخرى] بصحبة مرافقه «ألكساندر دوثان»، وحارسه الذى لم يفارقه للحظة «إيلى حدافى».
وبلهجة مهذبة، قالوا له إنّ الحقائب سوف تلحق به (!).. وللمرة الثانية؛ لم تأت الحقائب فى موعدها (!).. بل لم يرها «جورج حبيب» (إبراهيم عزت) إلا فى قبرص (محطة عودته).. وفى عبارة ذات دلالة؛ يقول «إبراهيم عزت»: [لكن.. لم يكن كل ما خرجت به من إسرائيل أضعه فى حقائبي!].
وبعد نصف ساعة من وصوله إلى «نيقوسيا» (قبرص) عائدًا من تل أبيب؛ بدأ يدون «إبراهيم عزت» ما عرفه ورآه بشكل دقيق.
وعندما بدأت «روزاليوسف» فى النشر.. انقلبت الدنيا، ولم تهدأ.. وتدافعت وكالات الأنباء العالمية نحو «إبراهيم عزت» طلبًا للحصول على حق النشر.. أو للحديث معه.. وادعت «إذاعة إسرائيل» أنها كانت تعلم أن «إبراهيم عزت» صحفى مصرى، وأنه مندوب روزاليوسف.. واضطرت «المجلة» لنشر الأوراق [والوثائق] التى تجول بها «إبراهيم عزت» (أو جورج حبيب) داخل إسرائيل بهويته الوهمية.
وكانت تلك الوثائق: [تأشيرة دخول باسم جورج إبراهيم حبيب/ وصل صرف نقود من البنك التجارى الإسرائيلى باسم جورج إبراهيم حبيب/ فاتورة حساب الفندق (دان هوتيل) باسم جورج إبراهيم حبيب].. وتساءلت المجلة: إذا كانت إسرائيل تعلم أنّ «إبراهيم عزت» مصرى، وأنه مندوب «روزاليوسف» فلماذا تسترت عليه؟!
ومع توالى ردود الأفعال (ومحاولات التشويه الإسرائيلية)؛ كتب «إحسان عبدالقدوس» (وكان رئيسًا للتحرير وقتها) بالتوازى مع الحلقة الثانية من التحقيق، مقالًا تحت عنوان: [لا صلح مع إسرائيل].. وقال «إحسان»: 
إن التحقيق الصحفى الذى تنشره «روزاليوسف» عن إسرائيل أثار ضجة عالمية.. كل صحف العالم، وكل إذاعات العالم تتحدث عنه.. حتى مستر «دالاس» وزير خارجية الولايات المتحدة، اضطر فى المؤتمر الأسبوعى الذى يجتمع فيه بالصحفيين أن يتحدث عن روزاليوسف.. ومجلة «لايف» أرسلت مصورها ليلتقط صورة إبراهيم عزت فى مكتبه، ثم وهو فى بيته، وعرضت شراء حقوق نشر التحقيق الصحفى بـ 25 ألف دولار، أى عشرة آلاف جنيه!!..
وتابع: وهذه الضجة لا تهم..
ولكن المهم أن إسرائيل أرادت أن تستغل هذا التحقيق لصالحها، فادعت أنّ وراءه اتجاهًا جديدًا للتقريب بين العرب وإسرائيل.. ولكنها ليست إسرائيل وحدها، إنها الدعاية الخبيثة التى تشنها الدول الاستعمارية لتحطيم وحدة العرب.. تحطيمها بالدس والوقيعة.. وسلاحها دائمًا الكذب والتضليل والخداع.

وبعد عامٍ من نشر التحقيق (وفقًا للكاتب الصحفى «رشاد كامل» فى كتابه: عبدالناصر فى تل أبيب)؛ فإنّ «إبراهيم عزت» نشر مغامرته تلك فى كتاب، تحت عنوان: [كنت فى إسرائيل].. وهو طبعة «بيروتية» عرفت طريقها للجمهور فى العام 1957م.
وفى ختام مقدمة كتابه؛ قال «إبراهيم عزت»: [كثير من الحقائق الواردة فى هذا الكتاب تحدث فعلًا فى إسرائيل، فلست أؤمن بـ«نظرية النعامة» التى تخفى رأسها فى الرمال.. ولهذا فقد كتبتها لنا جميعًا.. لكل العرب، فى بلاد العرب.. حتى نعرف عدونا، وسبب جميع مشاكلنا].
ومع انتهاء المقدمة.. وبداية صفحات الكتاب.. كانت صفعة (يوليو/ روزاليوسف) لقيادات إسرائيل لا تزال تواصل دويها داخل شوارع «تل أبيب» (!)
 



تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز