عاجل
الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
العرب وإسرائيل.. ومعركة الألف واللام!

العرب وإسرائيل.. ومعركة الألف واللام!

بقلم : رشاد كامل

أكبر معركة سياسية دارت أحداثها فى مجلس الأمن.. كانت بسبب حرفين فقط، وهما الألف واللام، وكان ذلك فى نوفمبر 1967 أثناء مناقشة العدوان الإسرائيلى على الدول العربية فى حرب يونيو 1967 وصدور القرار رقم 242.




كان هناك أكثر من مشروع لمناقشة العدوان الإسرائيلى حتى انتهى الأمر إلى اللورد كارادون مندوب بريطانيا الدائم فى الأمم المتحدة، وهنا تبدأ القصة وكما رواها السيد «محمود رياض» وزير خارجية مصر وقتها حيث يقول: كان اللورد كارادون على علاقة طيبة بالجميع وهو شخصية محبوبة ولديه خبرة سابقة بمنطقة الشرق الأوسط فكان أقدر من يقوم بمهمة التوفيق بين وجهات النظر المختلفة.


وحضر اللورد كارادون لمقابلته ومعه مشروع القرار الذى يقترح التقدم به إلى مجلس الأمن، وقلت له: إننى بالطبع سوف أتشاور بشأن القرار مع زملائى العرب ولكن هناك بعض الأسئلة التى تراودنى من الآن، منها مثلا لماذا كلمة «أراض» وليس «الأراضى» فى الفقرة الخاصة بانسحاب القوات الإسرائيلية وهل هذا معناه جلاء القوات الإسرائيلية عن بعض الأراضى وليس كلها؟!


رد اللورد كارادون: بالقطع لا، إن النص يعنى كل الأراضى وليس بعضها بدليل النص فى مقدمة القرار على عدم شرعية حيازة الأراضى عن طريق الحرب، ولكن هذا النص باللغة الإنجليزية مأخوذ من المشروع الأمريكى ثم إن  كلمة «الأراضى» موجودة فى نص القرارات باللغات الرسمية الأربع الأخرى «الفرنسية والروسية والإسبانية والصينية».


وعندما بدأت المشاورات العربية فى نيويورك بشأن مشروع القرار شدد بعض مندوبى الوفود على أهمية كلمة «الأراضى» بدلا من «أراضى» فى النص الإنجليزى للمشروع وعندئذ طلبت من كارادون أن يحضر معى اجتماعا بالوفود العربية لكى يقوم بنفسه بالرد على تساؤلاتهم واستفساراتهم، وذلك برغم قناعتى الشخصية بأن الفقرة الأولى من القرار تعنى الانسحاب الإسرائيلى الكامل من الأراضى العربية المحتلة.


وفعلا صحبنى كارادون إلى اجتماع لرؤساء الوفود العربية عقدناه بمقر البعثة الأردنية وفى ذلك الاجتماع أجاب: باختصار القرار يعنى عودة إسرائيل إلى مواقع 4 يونيو.


ولم يكتف السيد محمود رياض بذلك بل تأكد بنفسه من الأطراف الأساسية وهم: مندوب أمريكا ومندوب الاتحاد السوفييتى، ثم يضيف قائلا: أرسلت إلى القاهرة موضحا التطورات الأخيرة فى الموقف، وقد وصلتنى موافقة عبدالناصر على قبولنا للمشروع فى ضوء كل المشاورات والتغيرات والتأكيدات التى حصلنا عليها.


وهكذا صدر القرار 242 فى جلسة 22 نوفمبر 1967 ثم عاد محمود رياض إلى القاهرة واتجه مباشرة إلى اجتماع مجلس الوزراء برئاسة الرئيس جمال عبدالناصر.. ويكمل قائلا:


لم يكن قد حدث فى مصر تمهيد إعلامى لقبولنا للقرار أو تفسير له، الأمر الذى انعكس على مناقشات مجلس الوزراء فى تلك الليلة، ولا أستطيع أن أتذكر الطريقة التى شرحت بها للمجلس ظروف القرار وملابساته وأسباب موافقتنا عليه، ولكن فى اليوم التالى وصف لى «عبدالناصر» أسلوبى فى الرد على استفسارات زملائى من الوزراء فقال لى ضاحكا: لقد بدوت كما لو أنك تصب دشا باردا على الحاضرين!


بعدها طلبت لجنة الشئون الخارجية فى مجلس الأمة الاجتماع بى لبحث هذا الموضوع وكان يرأس الاجتماع «أنور السادات» باعتباره رئيسا للمجلس فى ذلك الوقت، وعندما استفسر منى بعض الأعضاء: هل معنى القرار هو إبرامنا لاتفاقية صلح مع إسرائيل أو إقامة علاقات دبلوماسية معها؟! فقلت: بالتأكيد لا.


وسأل عضو عن موضوع الحدود!! أجبت: إنه بموجب القرار نعترف بالحدود الدولية لإسرائيل!


وسألنى عضو آخر: هل معنى القرار هو اعترافنا بإسرائيل؟!


وأجبت: إننا اعترفنا بإسرائيل كأمر واقع عندما وقعنا معها اتفاقية الهدنة عام 1949.


وكان أحد رجال الإعلام حاضرا الاجتماع باعتباره عضوا فى المجلس فسألنى بعد الشرح الذى قدمته حول القرار»: هل كان ما نردده كإعلاميين خلال السنوات الماضية خطأ إذن؟!


أجبته ببساطة: نعم!!


وعندئذ وضع بعض أعضاء المجلس أصابعهم فى آذانهم قائلين إنهم لا يريدون أن يسمعوا المزيد!!


ولا تحتاج القصة إلى تعليق!

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز