الحوار والتواصل.. طريق بناء الأمة

بقلم : محسن عبدالستار

يلعب الحوار والتواصل دورًا مهمًا وفعالًا وأساسيًا، أثناء عملية التفاهم بين الأشخاص، ونقل المعلومات بين بعضهم البعض، فهو الركيزة الأساسية التي يُبنى عليها كل العلاقات بين البشر جميعًا.

"الحوار والتواصل هما الطريق لبناء مجتمع مصري قوي".. كلمة جاءت على لسان الرئيس السيسي، خلال كلمته في افتتاح أعمال المؤتمر الوطني السادس للشباب تحت شعار "ابدع.. انطلق"، بجامعة القاهرة إحدى قلاع العلم في مصر والوطن العربي، وهذا يوضح ما للحوار والتواصل من أهمية كبيرة في المرحلة المقبلة.

إن مهارات الحوار والتواصل من أكثر المهارات احتياجًا، سواء في حياتنا الاجتماعية أو المهنية وأينما تواجدنا.. فالحوار هو فن من أنواع التفكير الجماعي، حيث يطرح المتحاورون أفكارهم وما يجول في خواطرهم وعقولهم حول محور النقاش دون تعصب أو تحامل على أفكار الرأي الآخر، محاولين التخلص من الرغبة الغريزية للطبيعة البشرية، لجعل الآخر ندًا في كل ما يقول ويعتقد.. وبالتالي فرض كل منهم رأيه واعتقاد أنه هو صاحب الرأي الصواب.. والآخر رأيه خطأ.

إن الحوار والتواصل، يتجاوز مجرد الحديث بين شخصين أو أكثر إلى كونه تبادل للأفكار والآراء وتحليلها ومناقشتها بهدف الوصول لأفكار جديدة، وتطوير أفكار قديمة، وذلك عن طريق صياغة رؤية جديدة لموضوع معين يُطرح، لحل مشكلة ما، أو إقناع طرف في قضية ما، وذلك ضمن وسط يسوده الهدوء والتفاهم خالٍ من التعقيد، ويكون بعيدًا عن كل أشكال التعصب والغلو.

إن الاستجابة البناءة للتواصل والحوار بين الأفراد، هي التي تدفع المتحاورين للوصول إلى مزيد من نقاط التفاهم واستمرار اللقاء البناء الذي يثمر في النهاية حلًا للمشكلة التي نتعرض لها.. وتتحقق هذه الاستجابة بالبعد عن الحوار التقييمي للآخر أو النقد الذي يمكن بسهولة أن يُحرج محدثه، ولا ضرر من الإشارة بطريقة ودية إلى بعض ما يزعجنا أثناء الحوار، ولفت نظر الآخرين إلى الآثار السلبية الناجمة عن تصرفات أنانية أو استفزازية.. للوصول إلى الهدف الذي نصبو إليه في النهاية.

وهنا يجب أن نشير إلى بعض مزايا الآخر، وتقديره والإعجاب بما لديه، لأن التعبير عن المشاعر الإيجابية يحقق تواصلًا متكاملًا.

إن أكبر مشاكل التواصل، هو اعتقادنا امتلاك الحقيقة الكاملة دون الآخرين، أو أننا الأقدر والأعلم لفهم كل ما يدور من حولنا والاعتقاد الخاطئ بأننا نمتلك القدرة على حل جميع المشكلات.. فنحن لا نملك عصا سحرية نحل بها المشكلات التي تقابلنا في حياتنا.

إن أفضل مجالات الاستثمار هو "الاستثمار في الإنسان"، الاستثمار في مهاراته وطاقاته الإبداعية، الاستثمار فيما ينمي عقله ومعارفه، إنه استثمار معرفي بشري، يتم بصيغ متقنة، الهدف منه جلب الأرباح في كل أنماط الاستثمارات الأخرى.

وقديمًا قال أمير الشعراء شوقي:

بالعلمِ والمال يَبني الناسُ مُلكَهمُ.. لم يُبنَ مُلكٌ على جهلٍ وإقلالِ

إن العلم هو دعامتنا الأساسية في بناء وطن قوي قادر على تحدي الصعاب.. ومن الملاحظ أن كل مجالات حياتنا تحتاج إلى أن نضخ فيها من روح العلم وأسسه وتطبيقاته، مما يجعلها صالحة لمواءمة العصر ومتابعة التغيير والتطور فيه، لأن العلم هو نقطة البداية، في أي مشروع للنهضة والتقدم والازدهار.. لذا كان اختيار جامعة القاهرة منبرًا لانطلاق مؤتمر الشباب دليلًا على أهمية العلم، في إطار من التواصل والحوار البناء بين مختلف فئات المجتمع، وبين رجالات الدولة ومسؤوليها الشرفاء.

تحية لرجال يضعون العلم ضمن أهدافهم وأولوياتهم.. وحفظ الله مصرنا الحبيبة من كل سوء.