عاجل
السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
الرحلة المباركة.. والصحبة الطيبة

الرحلة المباركة.. والصحبة الطيبة

بقلم : محسن عبدالستار

الحج ركن من أركان الإسلام، فيه فضل عظيم وثواب جزيل، فالحج المبرور هو الذي لا يخالطه شيء من الإثم والذنوب والمعاصي، وعلى كل مسلم- إذا استقر عزمه على الحج- أن يتوب من جميع ما اقترف من آثام، ويخرج من المظالم بردها إلى أهلها، ويرد الودائع والأمانات والديون التي لديه للناس.. فهو فريضة الله على عباده الموحدين، وقد قال في محكم آياته: "ولله عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ استطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا".



والحج لغة، القصد، أي زيارة بيت الله الحرام، أما اصطلاحًا فهو عبادة الله تعالى في وقت مخصوص، وفي مكان مخصوص، وبأعمال خاصة به وحده، وذلك تبعًا لما جاء به نبينا الكريم محمد- صلى الله عليه وسلم- وهو خامس أركان الإسلام، والحج المبرور هو ما لا تكون فيه سمعة ولا رياء، ولم يقع فيه إثم، ولم تؤت بعده المعاصي، وأدي كما يحب الله ويرضى على أكمل وجه، وللحج فضائل وفوائد عظيمة يغتنمها الحاج وينعم بها في حياته وآخرته.

ومن المعلوم أن العرب قبل الإسلام كانوا يعتبرون الحج عبادة، منذ أن وُضع البيت للناس، والذي وضع نبي الله إبراهيم عليه السلام قواعده، وأذن فيه للناس بالحج واستجاب الله لدعائه، ثم أصبح للحج موسم خاص، داوم العرب على أداء الحج فيه، وبعد أن جاء الإسلام أصبح حج البيت لمن استطاع إليه سبيلًا ركنًا من أركانه الخمسة.

إن بيت الله الحرام له منزلة عظيمة عند المسلمين جميعًا، فهو قبلتهم التي يتوجهون إليها في صلواتهم من جميع أنحاء الأرض، فما سبب تسمية بيت الله الحرام بهذا الاسم، وما مكانته عند المسلمين، وما آدابه؟!

سمي المسجد الحرام في مكة المكرمة بهذا الاسم؛ لأن الله- سبحانه وتعالى- حرمها إلى يوم القيامة؛ فلا يجوز القتال فيها، ولا قطع شجرها، ولا التقاط لقطتها.. وعلى الحاج أن يتجنب الرفث والفسوق والعصيان والجدال أثناء أداء شعائر الحج.. والمقصود بالرفث هو الجماع، ومقدماته القولية والفعلية، أما الفسوق فهو المعاصي كلها كعقوق الوالدين وقطيعة الرحم وأكل الربا وأكل مال اليتيم والغيبة والنميمة، والجدال معناه المخاصمة والمنازعة بغير حق، فلا يجوز للحاج أن يجادل بغير حق.

إن المسجد الحرام هو أعظم مسجد في الإسلام، ويقع في قلب مدينة مكة غرب المملكة العربية السعودية، تتوسطه الكعبة المشرفة التي هي أول بيت وضع للناس على وجه الأرض ليعبدوا الله فيه تبعًا للعقيدة الإسلامية، وهذه هي أعظم وأقدس بقعة على وجه الأرض عند المسلمين، والصلاة فيه تعادل مئة ألف صلاة.

والسؤال الآن متى فُرض الحج؟

في السنة التاسعة للهجرة جاء الأمر الإلهي بفرض الحج على المسلمين مرة واحدة في العمر، وكيفية أداء مناسك الحج بالطريقة التي ترضي الله عزوجل؛ وفي نفس السنة بعث الرسول- صلى الله عليه وسلم- أبا بكر الصديق- رضي الله عنه- أميرًا على الحج، ليعلِّم الناس الحج وفق ما جاء من عند الله سبحانه وتعالى.

لقد رزق الله كاتب هذه السطور حج بيته الحرام العام الماضي، مع صحبة طيبة أعانتني على أداء ركن من أركان الإسلام على أكمل وجه، ولله المنة والفضل في ذلك، فالحج ليس مجرد فريضة عادية يؤديها المسلمون، ففيه مجموعة عظيمة من الدروس والعبر التي يستفيد منها المسلم، ويتعلمها في أمور دنياه، مثل الصبر على أداء الطاعات، وتوحيد القلوب والأرواح بين الناس، فهناك في الحج يجتمع الأمير مع الخادم، والغني مع الفقير، والسيد مع المأمور، والأبيض مع الأسود، ويلبسون زيًا واحدًا، ليس فيه تمييز بين شخص وآخر، ليعلمنا الله سبحانه وتعالى أن الناس عنده سواسية، لا فرق بينهم إلا بالتقوى.

والحج يكون مرة واحدة في العمر، أما الزيادة فتكون تطوعًا، يؤجر عليها العبد، وقد وردت في القرآن الكريم سورة كاملة سميت سورة "الحج"، وتم ذكر الحج في القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة عدة مرات، والرسول عليه الصلاة والسلام أدى فريضة الحج مرة واحدة سميت "حجة الوداع"، بيَّن فيها للمسلمين طرق أداء الحج، ووضح أركانه من بدايته إلى نهايته.

ويشترط في الحاج أن يكون قادرًا من الناحية المادية والجسمية، لتحمل مشاق السفر وأداء المناسك، ويجب توافر الأمن والأمان في طريق الحاج، والقدرة المادية.

ومن أبرز مناسك الحج: "الإحرام، والطواف بالكعبة، والسعي بين الصفا والمروة، والوقوف بعرفة، والمبيت بمزدلفة، ورمي الجمرات ومن ثم الحلق، وذبح الهدي"، وغيرها من المناسك.

وهنا تبرز أهمية الحج في كونه مؤتمرًا ضخمًا يجمع المسلمين من شتى بقاع الأرض، ويساعد في تعزيز روح الصبر وتحمل المشاق في نفس المؤمن؛ لأن الحج يحتاج مجهودًا بدنيًا كبيرًا، كما يعوّد الحج المؤمن على البذل والعطاء وغرس قيمة الكرم لديه- وهذا ما شاهدناه أثناء الرحلة المباركة إلى بيت الله الحرام- ويكرّس الحج مبدأ المساواة بين الناس على اختلاف أجناسهم.

جعلنا الله تعالى من المؤمنين به، الذين يلبون نداءه، ويؤدون الفرائض تامة وكاملة، ورزقنا الله جميعًا حج بيته الحرام، حجًا مبرورًا، وسعيًا مشكورًا، وتجارةً لا تزول ولا تبور.

 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز