عاجل
الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
قُدوة.. وعِبرة

قُدوة.. وعِبرة

بقلم : د. داليا مجدى عبدالغنى

البشر في هذه الحياة نوعان، إما قُدوة وإما عِبرة، وعلينا أن نختار من أي نوع نُريد أن نُصَنَّف، فالقدوة هو من يرفض الاستسلام والرضوخ للأمر الواقع، ويأبى أن ينساق وراء المشاعر السلبية، ويرى الله في كل أعماله وأفعاله، ويُحاول إصلاح ذاته بذاته وتطهير نفسه بنفسه، ويُحاسبها قبل أن تُحاسب، ويجتهد في اكتشاف الكنوز الدفينة بداخله، ويسعى بكل ما أوتي من قوة لكي يؤثر في كل من حوله، ويترك بصماته على كل شيء، وكل إنسان يُطور من نفسه، ولا تتغير مبادئه مع تغيرات الزمن، ودائمًا ما يُعيد اكتشاف نفسه وقدراته، ولا يقف عند مرحلة، فنهاية كل مرحلة عنده، هي بداية لمرحلة جديدة، ولا يسمح للزمن أن يقهره، ولا للبشر أن تنهره، ولا للحُزن أن يكسره، فهذا هو القدوة.



أما العبرة، فهو من يترك نفسه دُمية، تتقاذفها الأمواج، فتارةً تجده يطير في أعالي السحاب، ثم تفاجأ بأنه قد هوى على الأرض دون أي أسباب، فهو لا يستعمل عقله إلا لخدمة رغباته، ولا يُجالس قلبه إلا للانسياق خلف نزواته، ويعيش في دُنياه، ولا يكترث بآخرته، ودائمًا مُتواكل على رحمة الله، دون أن يُحاول أن يعرف أن يقترب منه، فهو مُستسلم، وليس قانع، ذليل وليس راضٍ، سعيد بلا أسباب، نادم على كل ما فات، ليس للمنطق عنده أي حسابات، وفي النهاية، فهو حي بلا روح، لسان بلا صوت، قلب بلا دقات، جسد بلا بصمات، فهذا هو العبرة.

عليك الآن أن تختار، وبالرغم أن الاختيار قد يبدو في منتهى السهولة، إلا أنه في الواقع أصعب اختيار، فصعوبته تكمن في الأدوات، فلكي تكون قُدوة، لابد أن تسهر الليالي، وأن تذرف الدمع، وتتحدى النفس، وسبحان الله، لكي تكون عبرة، فأنت بالقطع ستستعمل ذات الأدوات، ولكن لأهداف أخرى، فستسهر الليالي، لا للعمل ولكن للسمر، وستذرف الدمع ليس من خشية الله، ولكن من الندم، وستتحدى نفسك، ليس للابتكار والتقدم، ولكن لاصطياد السعادة الزائلة، وكسب الرهان الخاسر لا محالة.

لكن في النهاية، عليك أن تفكر لحظة أن تنتهي الحياة، هل تريد أن تكون القُدوة التي يتمنى كل من يعرفك أن يقتدي بك، حتى بعد صُعود روحك للسماء، أم تريد أن تكون العِبرة التي يعتبر بها البشر لكي لا يكون مصيرهم كمصيرك، فكر ثم اختار، ثم نفذ.

 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز