عاجل
الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
التفاحة التي أدخلت "آبل" الجنة!

التفاحة التي أدخلت "آبل" الجنة!

بقلم : د. شريف درويش اللبان

بحلول يوم الخميس الثاني من أغسطس 2018، أصبحت شركة "آبل" الأمريكية، أول شركة تتخطى قيمتها السوقية حاجز التريليون دولار في العالم بأكمله، لتعتلي بذلك قمة الشركات ذات الطبيعة المختلفة العاملة في مختلف القطاعات المالية والتسويقية والنفطية والخدمية والتعليمية والبحثية والاتصالات، في حدثٍ سيدونه تاريخ الاقتصاد والاستثمار في العالم، وسيمثل هذا الحدث انعكاسًا لتطور قطاع تكنولوجيا الحاسبات والهواتف المحمولة بشكلٍ غير مسبوق.



إن سوق الحاسبات والبرمجيات وألعاب الكمبيوتر يسيطر عليه الشباب لأنهم الأقدر على استيعاب تكنولوجيا العصر واستخدامها وتطويرها، ومن هنا فقد استطاع ثلاثة شباب أمريكيين في أوائل العشرينات من عمرهم أن يبدؤوا العمل على أول كمبيوتر "آبل" عام 1976، ليطرحوا النسخة الأولى منه عام 1982، وصنعوا النماذج الأولية منه يدويًا وبتكاليف بسيطة، لكن بخصائص غير مسبوقة، ليصبح أول كمبيوتر شخصي في تاريخ الحاسباتPersonal Computers، ولعل ما كان يميز هذا الكمبيوتر هو مبدأ بسيط لكنه مهم للغاية وهو "أن ما تراه على شاشة الكمبيوتر هو ما ستحصل عليه مطبوعًا على الورقwhat you see is what you get (WYSIWYG)، وهو ما لم تستطع كمبيوترات IBM اللحاق به سوى من خلال تطوير شركة "مايكروسفت لبرنامج "ويندوز 95" أي بعد 16 سنة كاملة من طرح كمبيوتر "آبل" الذي لم يتطلب تعلم أي لغة من لغات الكمبيوتر أو تخمين شكل العنوان الذي يظهر على الشاشة قبل طباعته، بالإضافة إلى توظيف خاصية القوائم المنسدلة من أعلى الشاشة لتنفيذ الأوامر المتعلقة بحجم الحرف وشكله ومعالجة الصور وغيرها من الأوامر التي كان يصعب على الكمبيوترات الأخرى إجراؤها.

ولعل ذلك كله، هو ما مكن شركة "آبل" من السيطرة على قطاعٍ كبير من سوق النشر الإلكتروني على مستوى العالم خاصةً في إنتاج المطبوعات المختلفة من صحف ومجلات ونشرات وكتيبات مصورة، علاوة على إنتاج الإعلانات عن مختلف السلع والخدمات في مختلف الوكالات الإعلانية، كما أن التعليم الإعلامي في مجال الصحافة لا يزال يعتمد على هذا النوع من أجهزة "آبل".

وقد أصرت شركة "آبل" منذ إنشائها على عدم التشبيك مع نوعيات أخرى من الحاسبات لتظل لها استقلاليتها في نظم التشغيل والبرمجيات، رغم أن هذا هو أحد مكامن ضعفها.

وفي الوقت الذي بدأت فيه شركة "آبل" في الانزواء عام 1997، وتراجعت مبيعاتها ومكاسبها إلى حدٍ كبير بل وانهار سعر سهمها في البورصة ليصل إلى أقل من دولار واحد، استطاعت أن توظف العبقري الأمريكي من أصل سوري "ستيف جوبز" Steve Jobs الذي ترك الشركة التي قام بالمشاركة في تأسيسها، وذلك نظير راتب رمزي 10 دولارات فقط في الشهر (أقل من 50 جنيهًا مصريًا وفقًا لسعر الدولار أمام الجنيه في ذلك الوقت) ونسبة من المكاسب التي يحققها للشركة، واستطاع هذا العبقري أن يضع خطة إحياء وانطلاق غير مسبوقة لأي شركة مماثلة على مستوى العالم، وبفضل هذا الرجل استطاعت شركة "آبل" أن تطرح منتجات جديدة في مجال الموسيقى والاتصالات والمعلومات والحاسبات، حيث تم طرح "آي بود" ثم "آي باد" ثم "آي فون"، لتتربع الشركة بهذه المنتجات شركات الحاسبات والتليفونات المحمولة والأجهزة اللوحية على حدٍ سواء.

ولم يكتفِ "جوبز" بذلك لكنه استطاع أن يخلق سلسلة محلات للبيع والصيانة وهي "متاجر آبل" Apple Stores لتكون كل منتجات الشركة متاحة في كل مدينة ومقاطعة وشارع من شوارع الولايات المتحدة الأمريكية، وقبل مماته منذ حوالي أربع سنوات على ما أذكر ترك وراءه الإعلان عن "ساعة آبل" Apple Watch التي هي عبارة عن حاسوب وتليفون محمول وكمبيوتر لوحي حول معصمك، تستطيع أن تقيس لك الضغط والنبض ومختلف القياسات الحيوية الأخرى بل وتصف لك الوجبات "الدايت" والسعرات الحرارية المتضمنة فيها، وتحدد لك التمرينات الرياضية التي يجب أن تؤديها للمحافظة على لياقتك.

وتخيلوا أنه عند الكشف عن "ساعة آبل"، احتلت هذه الساعة غلاف مجلة "تايم" الأمريكية الشهيرة. وعندما مات "جوبز" كانت ثروته تتعدى ستة مليارات دولار، حقق معظمها من مكاسبه من الشركة.

وقد سجل سعر سهم "آبل" صباح الخميس الثاني من أغسطس الحالي 207.04 دولار في البورصة الأمريكية وحقق نسبة ارتفاع 20% منذ بداية العام الحالي بحسب موقع شبكة «سي إن إن» الأمريكية، وبلغت القيمة التسويقية لآبل 971 مليار دولار، وفقًا لعدد الأسهم المسجلة في ميزانيتها العمومية، وتم الإعلان عنها الثلاثاء 31 يوليو الماضي، ما يعني أنها كانت قد اقتربت من الرقم المنتظر قبل صباح الخميس.

إن ارتفاع القيمة السوقية لشركة آبل لهذه الأرقام يعني أن قيمة أسهمها تبلغ أكثر من ثلث حجم اقتصاد بريطانيا، وأكبر من اقتصادات دول كبرى مثل تركيا وسويسرا، وتعادل 15 ضعف ميزانية مصر.

اللهم ارزقنا بتفاحة تُدخلنا الجنة ولا تُخرجنا منها!

 

 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز