عاجل
الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
الخير لا يأتي إلا بالخير

الخير لا يأتي إلا بالخير

بقلم : محسن عبدالستار

"الجزاء من جنس العمل".. حكمة بليغة تناقلها الناس قديمًا، وجاءت الشواهد من الكتاب والسنة دالة على صدقها، فهي سنة كونية جعلها الله سبحانه وتعالى عظة وعبرة للناس.. هي نتيجة نهائية لجميع أعمالنا، من عمل صالحًا فلنفسه ومن أساء فعليها، فإن أعمال الإنسان كلها سترد إليه مرة ثانية، إذ إن الجزاء هو من جنس العمل، وهذا دليل على عدل الله سبحانه وتعالى ورحمته على هذه الأرض، فمن عمل خيرًا سيلاقي الخير، ومن عمل شرًا، سيلاقي الشر لا محالة.



وخير مثل على ما نقول الصدقات التي يخرجها بعض الناس ثوابها عظيم عند المولى عز وجل، وتعود ثمرتها على المتصدق في الدنيا والآخرة، فثوابها من جنس العمل، فعندما تتصدق على فقير فلا تظن أنك قد مثلت دور الكريم مع المحتاج.. بل أنت "محتاج يعطي محتاجًا".. حاجته عندك، وحاجتك عند الله.

كان هناك عائلة يعيش معهم "جد" رجل مسن بلغ من العمر أرذله، وقد أزعجهم بصراخه وطلباته التي لا تنتهي أبدًا، فوضعته زوجة ابنه في غرفة صغيرة في حديقة منزلهم الذي يعيشون فيه - حتى لا يزعجهم- وفي يوم من الأيام كانت الأم تذاكر لأبنائها فأتى طفلها الصغير وأراد أن يذاكر مع إخوانه، لكن أمه منعته، ولكنه أزعج الأم كعادة الأطفال الصغار، وفي النهاية أعطته كراسة، يلهو بها، وقالت له: اذهب وارسم، وذهب الطفل وهو مسرور بما طلبته الأم منه وأخذ يرسم، فيما بعد نادته أمه وقالت له: تعالَ يا صغيري وأرني ماذا رسمت؟

فجاء وقال: لقد رسمت بيتي عندما أكبر، وأخذ يشرح لها، هذه غرفتي، هذا المطبخ، هذه غرفة أبنائي، ثم رسم مربعًا صغيرًا في الحديقة، فقالت له الأم: ما هذا يا بني؟!

قال: هذه غرفتك يا أمي.

الأم: ولماذا وضعتني في الخارج؟

قال: ألم تضعي "جدي" في الخارج، وأنا أيضا سأضعك في الخارج كي لا تزعجينا بصراخك، وطلباتك التي لا تنتهي، فذهبت الأم من فورها إلى أفضل غرفة في البيت وجهزتها لجد أولادها ووضعته فيها.. وعاملته أفضل معاملة.. فكان هذا الطفل سببًا في هداية أمه.

فَلا تجزعن من سنة أنت سِرتها    وأول راضٍ سنة من يسيرها

إن الله عز وجل قد أودع في هذا الكون سننًا ثابتة لا تتغير ولا تتبدل، يسير على منوالها نظام هذه الحياة، فالعاقل اللبيب منا من يساير سنن الله ولا يعارضها، ومن هذه القواعد والسنن العظيمة أن الجزاء من جنس العمل.

فالعمل بهذه القاعدة هو في المقام الأول دافع للأعمال الصالحة، ونهي عن ظلم الآخرين، فمن عامل الناس بما يحب عامله الله بما يحب.. لأن رب الخير لا يأتي إلا بالخير.

وختامًا.. كلما تأملت في سنن الله في أرضه، تجد أنها لا تتخلف عن "الجزاء من جنس العمل" أو "كما تدين تدان"، وذلك من مقتضى عدله وحكمته سبحانه وتعالى، فمن عاقب بجنس الذنب لم يظلم.

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز