عاجل
الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
القرآن الكريم وفن الدبلوماسية (بروتوكول وإتيكيت التعامل مع المرأة) 2

القرآن الكريم وفن الدبلوماسية (بروتوكول وإتيكيت التعامل مع المرأة) 2

بقلم : سعدون بن حسين الحمداني

يتفاخر الدبلوماسيون من مختلف المدارس الدبلوماسية الأجنبية حول طبيعة بروتوكول وإتيكيت التعامل مع المرأة، والتباهي باحترام وأسبقية المرأة في كافة أنشطة الحياة الرسمية وغير الرسمية، وبروتوكول التعامل معها في الحياة العملية والأسرية.



وكل مدرسة تتسابق بوضع بنود بروتوكول وإتيكيت، سواء من ناحية التصرف أو الظهور بمظهر جميل وحسن، أو التميز في العمل، أو من خلال أسلوب التفاني بكل مفردات شخصيتها وتصرفها داخل البيت مع زوجها وعائلتها، أو مع حياتها المهنية وغير ذلك من مختلف أنشطة الحياة اليومية، وكثيرًا ما تدرس لغة الجسد في أوروبا للمرأة لكي تكون هي نواة الأسرة السعيدة، في حين نرى ونلاحظ أن المدرسة الإسلامية ورسولنا الكريم أعطى أرقى الأمثلة للعالم أجمع ووضع كل القواعد السامية والرصينة التي حافظت على المكانة المحترمة والسامية للمرأة في كل شؤون الحياة وجعلها الجوهرة التي لا ينطفئ ضياؤها لأهمية المرأة في شأن رقي المجتمعات بدءًا من العائلة الصغيرة وصولًا إلى بناء المجتمعات الكبيرة، حيث هناك من القصص في السيرة النبوية والآيات الكريمة من قرآننا الكريم ما هو يجعلنا نحن القدوة في إعطاء الأهمية للمرأة. أبدى القرآن الكريم اهتمامًا كبيرًا للمرأة والتعامل معها حيث قال الله تبارك وتعالى: (وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُوا) الروم 21، إن المودة والرحمة هما الحب الفطري المتبادل الذي يديم الحياة الزوجية لتكون هنا المرأة هي سكن الزوج وراحته وتكن لغة المخاطبة بين الاثنين لغة الحنان والمحبة لتمحو آثار ومشقة الحياة اليومية للزوج وهذا الحب أحد الأسباب الرصينة في بقاء العلاقة الزوجية وديمومتها، وعلى الرجل أو الزوج أن يقابل زوجته بروح الإخلاص والوفاء لها، ويعاملها بكل معاني الاحترام والمساعدة في شؤون حياتها اليومية حتى تستمر الحياة الزوجية بكل سلاسة ويكون عنوانها السعادة.

قال تعالى: )وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَىٰ) 34 الأحزاب، وهنا درس رباني لجميع النسوة، وكيف أن تكون حياتهن وشخصياتهن في البيت وفي الآية الكريمة شطران مهمان أولهما وهي كلمة (وَقَرْنَ) وهي إحدى مشتقات كلمة الوقار في اللغة العربية، وعلى المرأة أن تكون ذات شخصية متميزة في بيتها لتكون قدوة لأبنائها من حيث الاعتناء بنفسها والتصرف معهم بحكمة القائد المتواضع المحنك الوقور، والجزء الثاني هو عدم التبرج ويقصد به الماكياج المبتذل والصارخ وحتى التبختر في المشي وإظهار معالم الجسم لأن ذلك من علامات الجاهلية، ولأن جسم المرأة هو من حق زوجها فقط وليس إظهار معالمه في الأسواق والأماكن العامة لينظر إليها الجميع وبالتالي تفقد قيمتها. لقد كانت سيدتنا فاطمة الزهراء قمة في التواضع وخدمة بيتها وتربية أبنائها فهي تقف مع زوجها في سرائه وضرائه، وتعينه على نوائب الدهر وعاديات الزمن.

أما المدرسة النبوية الشريفة ورسولنا الكريم محمد "صلى الله عليه وسلم" فوضع نظام الأسبقية واحترام المرأة في كل مجالات الحياة، مستندًا بأن الأخلاق هي تاج الحياة، حيث قال: "الدنيا متاع وخير متاعها المرأة الصالحة" [رواه مسلم] وأقرب مثال على هذا الحديث هو بدء الدعوة الإسلامية بسيدتنا خديجة التي كانت أولى المعتنقات للإسلام وطاعة زوجها، واقتضت حكمة الله ومشيئته أن تكون أولية الإخبار بالدعوة موجهة لامرأة متمثلةً في شخص أم المؤمنين خديجة، وختام الدعوة أيضا عند زوجة الرسول سيدتنا عائشة أم المؤمنين، حيث نام رسولنا الكريم على أرجل سيدتنا عائشة وهو في سكرات الموت ليعطي للعالم أهمية للمرأة والزوجة بأنها هي الحنان والأمان في كل شيء، وكان بإمكانه أن ينام في فراشه حاله حال كل الأنبياء والرسل والقادة إلا أنه فضّل حنان زوجته تكريمًا واحترامًا وإجلالًا لزوجته السيدة عائشة على ما بذلته من مساعدة ودعم ووقوف طيلة الدعوة الإسلامية وليعطي درسًا نبويا راقيا لجميع النساء.

ونشاهد المدارس الغربية تركز على أسبقية المسير للمرأة عندما تدخل في المناسبات الاجتماعية أمام الرجل بينما الإسلام شدد على أكبر من ذلك من خلال إعطاء القيمة الأكبر من المسير أو تقبيل يدها أن تكون المرأة هي منبع الحياة السعيدة واحترامها وتقديمها في كل شيء أهم مقومات الحياة السعيدة وهناك آيات كثيرة من القرآن الكريم والأحاديث النبوية بخصوص المرأة ونحتاج إلى مساحات صحفية كبيرة لتغطية إتيكيت التعامل مع المرأة في كل مراحلها.

وفي الختام على الرجل مهما كان (الأب/ الزوج/ الأخ) أن يضع الأسبقية والاحترام العالي للمرأة ويتشاور معها ولا يتجاهلها أبدا ويقدم لها كل أوجه المساعدة والعون ويكون لها رفيقا مخلصا وفيًا كما كان رسولنا الكريم مع زوجاته لأن ذلك من علامات الإيمان والتقوى ونجعل القرآن نصب أعيينا في التواضع بالحياة وعدم التكبر والتباهي بقشور الحياة أمام العامة واحترام المرأة لأنها جزء أساسي من نجاح المجتمع وتطوره.

 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز