عاجل
الخميس 28 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
مصر وأمريكا.. من ذوبان الجليد إلى الشراكة الاستراتيجية

مصر وأمريكا.. من ذوبان الجليد إلى الشراكة الاستراتيجية

بقلم : أيمن عبد المجيد

يكتب من نيويورك
 



ما بين 3 يوليو 2013، و24 سبتمبر 2018، جرت مياه كثيرة، في محيط العلاقات المصرية- الأمريكية، تخللتها، أمواج عاتية، كادت تمزق حبل التواصل، في لحظات الشد الحاد من الطرف الأمريكي.

ورغم العواصف السياسية العاتية بين البلدين، لم تُضبط مصر متلبسة للحظة، تتزحزح عن مواقفها ومبادئها، بغية إحداث ارتخائه لتفادي انقطاع حبل التواصل.

فعقب اندلاع ثورة 30 يونيو، سارع الرئيس الأمريكي الأسبق، أوباما بإصدار بيان، في الثالث من يوليو 2013، يتحدث عن أهمية نقل السلطة للمدنيين، وعقب يومين، أصدرت لجنة الشؤون الخارجية بالكونجرس بيانًا، مطالبة الجيش والحكومة في مصر، بالبرهنة على نيتهم للتحول الديمقراطي.

كانت البيانات تعكس دعم تنظيم الإخوان الإرهابي، وإن سعت لأن تظهر موضوعية محايدة، فالأمل في عودة نظام الإخوان الفاشي، كان يراود الإدارة الأمريكية السابقة، وسط مغازلة للاعتصام المسلح في "النهضة ورابعة".

50 بيانًا ولقاء وفعالية، وزيارات متبادلة بين قيادات مصرية وأمريكية، سبقت 18 سبتمبر 2016، ذلك التاريخ الذي شهد مشاركة الرئيس عبد الفتاح السيسي في اجتماعات الدورة 71 للجمعية العامة للأمم المتحدة.

كانت الانتخابات الرئاسية الأمريكية تقرع طبولها، بينما كانت الدبلوماسية المصرية تواصل خطواتها الثابتة، الواثقة، نحو فك الحصار الذي فُرِض على مصر، في محاولة لعرقلة مسيرة ثورتها.

كان ترامب مرشحًا للرئاسة، عندما التقاه الرئيس السيسي، تمهيدًا لإذابة الجليد في العلاقات، الذي صنعته إدارة أوباما، وسعت هيلاري كلينتون لمواصلته.

كانت الرؤية المصرية، والسياسية الخارجية للرئيس عبد الفتاح السيسي، نابعة من استراتيجية واعية، لمحددات صنع القرار الأمريكي، فعلى هامشها، عقد الرئيس اجتماعات مع شخصيات أمريكية مؤثرة، في الحزبين الجمهوري والديمقراطي، ولقاءات ثنائية مع قيادات مؤسسات اقتصادية، وقيادات فكرية وإعلامية وتشريعية بالكونجرس.

خريطة اللقاءات، عكست بوضوح فهمًا دقيقًا للدبلوماسية المصرية، لخريطة صنع القرار، ومواطن التأثير، لا سيما إذا كانت المعركة معركة تصحيح صورة ذهنية عن حقيقة ما حدث في مصر من ثورة شعبية، قبل أن يكون إعادة ترميم شراكات سياسية واقتصادية مع دولة عظمى، فاعلة في المشهدين الدولي والإقليمي.

وقفت مصر راسخة المواقف، عميقة في تحليل وتقدير الموقف، محددة للاستراتيجية المواجهة للتحديات، ممسكة بعناصرها المتداخلة والمترابطة، للبناء التراكمي، في سبيل بلوغ الهدف المنشود، وهو فرض إرادة الشعب المصري، على الجميع، وانتزاع تسليم دولي بحق الشعب المصري في استرداد ثورته المختطفة من تنظيم ظلامي، وقبل ذلك البرهنة على أن مصر قادرة فعليًا على النهوض بعد أن صحح شعبها مسار ثورته.

بنيان السياسة الخارجية، لم يكن ليرتفع، لولا توافر عاملين أساسيين: الأول الاستراتيجية الواضحة للقيادة السياسية، والثبات عليها.

والثاني: الانطلاق للنجاحات الخارجية من إنجازات داخلية، فكان التعويل على وعي ووطنية وإرادة الشعب المصري، الذي وقف ظهيرًا قويًا لدولته في كل موقف ناداه فيه الوطن.

بداية من طلب التفويض في مواجهة إرهاب محتمل، ومرورًا بتمويل حفر قناة السويس الجديدة، عبر اكتتاب شعبي، قدم فيه الشعب 64 مليارًا في أسبوع، ووصولًا، لتحمل بصبر وجلد، الجراحات الاقتصادية الصعبة، التي تتطلب إصلاح منظومة الدعم.

في كل أزمة، رهانات الأعين التي ترقب مصر، تذهب إلى اختناق اقتصادي مؤكد، يضجر معه الشعب، فيعجز عن التحمل، فيعود بالعجلة للخلف باحتجاجات متوقعة، غير أن التوقعات كانت تخيب، فشعب مصر، غير قابل لليأس، خارق للتوقعات، وطنيته تخلق لديه صلابة الاحتمال.

لم تكن مواقف الشعب، إلا نتاج عنصر مهم في استراتيجية الدولة للمواجهة، عنصر إيقاظ الوعي، وتحطيم الدعاية السوداء والشائعات، ولم تكن المؤتمرات التي يعقدها الرئيس وخطابه للشعب سوى جزء من آليات إيقاظ الوعي، القائم على احترام حق المواطن في المعرفة.

ترسيخ الوعي، جاء بعنصر آخر للاستراتيجية، وهو البرهنة للداخل والخارج، على تعاظم قدرة مصر بما يفتتح يوميًا من إنجازات، في البنية التحتية، ومشروعات الطاقة والمشروعات العملاقة.

الاستراتيجية المصرية نوّعت مصادر التسليح، والاقتصاد، والعلاقات الدولية، فكانت زيارات الرئيس شرقًا وغربًا، شمالًا وجنوبًا، تخلق شراكات سياسية واقتصادية جديدة، فكان أن عظمت من القدرة الشاملة للدولة، التي مهدت للقاء الأول من إبريل 2017، بين الرئيس عبد الفتاح السيسي والرئيس دونالد ترامب.

كانت تلك الزيارة، بمثابة إذابة حقيقية للجليد بين البلدين، وبدء شراكة سياسية، ترمم شروخ السنوات السابقة، التي خلفتها إدارة أوباما.

وبذات الاستراتيجية، عقد الرئيس لقاءات مكثفة مع رجال المال والأعمال، للتعريف بالفرص الاستثمارية في مصر، وخلق شراكات مع مصر تعزز المكاسب المشتركة، وتمهد لتوطيد علاقات سياسية، وفي سبيل ذلك كانت اللقاءات في الكونجرس، ومع قادة مراكز الفكر والإعلام.

حرارة العلاقات المصرية- الأمريكية، تدريجيًا أدت إلى ذوبان الجليد، حتى جاء قرار وزير خارجية أمريكا الجديد مايكل بومبيو، بالإفراج عن 135 مليون دولار محتجزة من المعونة لمصر 2016، و195 مليونًا عن ميزانية عام 2017.

وبالتزامن مع ذلك كانت مناورات النجم الساطع، بين الجيشين المصري والأمريكي، تعزز لتعاون عسكري، واليوم تأتي القمة المصرية- الأمريكية بين الرئيسين عبد الفتاح السيسي، ودونالد ترامب ممهدة لمرحلة الشراكة الاستراتيجية.

فلقاء القمة، سيتبعه، لقاء وزاري 2+ 2، بحسب وزير الخارجية المصري سامح شكري، لينطلق لشراكة استراتيجية أوسع، تمتد لمختلف النشاطات بين البلدين.

لقد بلغ بيان السياسة الخارجية المصرية، درجة عالية من الصلابة، والاقتراب من بلوغ تام للهدف الأسمى، دولة مصرية قوية تملك مقومات القدرة الشاملة، تبني علاقات دولية متوازنة، قائمة على المصالح المشتركة، لها وزنها الإقليمي والدولي، تتجاوز رد الفعل إلى القدرة على الفعل، بما يحقق أمنها القومي، والأمن العربي وإقليمها بل وقارتها.

تحيا مصر القوية القادرة، المقدرة عالميًا، الفاعلة بحكمة ونفاذ بصيرة قيادتها السياسية.

مصر الآن تطرح الرؤى العلاجية والإصلاحية للعالم، وتقوى وكلما نضج اقتصادها ومصادر قوتها، عم خيرها العالم.

 

[email protected]

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز