عاجل
السبت 21 سبتمبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
We
البنك الاهلي
مرضى بلا أطباء

مرضى بلا أطباء

بقلم : أسامة سلامة

عندما قالت الدكتورة هالة زايد وزيرة الصحة إن لدينا عجزًا فى الأطباء يصل إلى 60 % فى مستشفيات وزارة الصحة، كانت تشير بقصد أو بغير قصد إلى كارثة ضخمة، فالرقم الذى أعلنته قد يؤدى إذا لم نحل المشكلة إلى وجود مرضى بلا أطباء، وهو ما يحدث فعليًا الآن فى بعض الحالات.



فالمريض قد يذهب إلى مستشفى وفى الطوارئ لا يجد طبيبًا يكشف عليه  لأن عدد أطباء الطوارئ قليل وكلهم مشغولون بحالات أخرى يعالجونها، وأهل المريض يصرخون ويتهمون المستشفى والأطباء بالتقصير.

والحقيقة أن الأطباء يبذلون أقصى جهد ولكن عددهم لا يكفى للكشف على  كل الحالات وعلاجها، هذه الصورة القاتمة تتكرر فى تخصصات عديدة أبرزها بجانب الطوارئ، التخدير والرعاية المركزة والحضّانات، وهى الأقسام التى تعانى من نقص كبير فى الأطباء، وهى تخصصات يهرب منها الأطباء رغم أهميتها لأنهم يعانون من ضغوط كبيرة خلال عملهم، مثلًا طبيب الرعاية فى مستشفيات وزارة الصحة يحصل على 45 جنيهًا فى النبطشية التى تمتد 12 ساعة، وإذا أكمل ساعات أخرى يحصل على 30 جنيهًا أى أنه يمكن أن يعمل 18 ساعة مقابل 75 جنيهًا.

وفى المقابل فإن قيمة النبطشية المماثلة فى المستشفيات الخاصة تصل إلى 500 جنيه وفى بعض المستشفيات الكبرى تصل إلى 1000 جنيه، ولا يقتصر الأمر على الضغوط المالية، فهناك أيضًا التعرض للعدوى خاصة فى الرعاية المركزة.

وهناك أطباء توفوا بعد إصابتهم بعدوى من المرضى، كما أن نسبة وفيات المرضى فى هذه الأقسام مرتفعة مقارنة بغيرها من الأقسام الأخرى، وهو ما يعرض الأطباء لانفعال الأهالى الذين ينسبون التقصير لهم  فى معظم الأحوال، كل هذه الأسباب تدفع الأطباء للابتعاد عن هذه التخصصات فى المستشفيات الحكومية، ومعظم الذين التحقوا بها يسافرون للعمل فى الخارج حيث العائد المادى كبير، أو يعملون فى المستشفيات الخاصة التى تقدرهم ماليًا.

والحقيقية أن مرتبات أطباء وزارة الصحة عمومًا هزيلة ولا تقارن بالدول الأخرى حتى أن بعض الأطباء يسافرون للعمل بدول أفريقية مثل نيجيريا لأن مرتبات الأطباء بها أعلى كثيرًا من مصر، ولهذا يقدم معظم  الأطباء  طلبات للحصول على أجازات ولكن وزارة الصحة ترفض خاصة فى التخصصات الحرجة فيقدمون استقالتهم غير آسفين.

ويكفى أن نعرف أن عدد الأطباء الذين قدموا استقالاتهم من وزارة الصحة منذ أول العام الحالى حتى الآن 1150 طبيبًا فى كافة التخصصات حسب إحصائيات نقابة الأطباء، وهو رقم كبير ينذر بأنه إذا استمر هذا الوضع دون إصلاح  فلن نجد أطباء يعملون بالمستشفيات الحكومية، ولكن هل هناك حل فى ظل الأزمة المالية التى تطول كافة قطاعات الدولة وليس قطاع الصحة فقط والتى تعرقل زيادة مرتبات الأطباء؟

عندما طرحت السؤال على  الدكتورة منى مينا عضو مجلس نقابة الأطباء حاليًا والأمين العام السابق لها قالت إن النقابة تقترح  فى ظل عدم إمكانية زيادة المرتبات رفع بدل الحضّانات، وكذلك زيادة بدل العدوى، بجانب تحفيز الأطباء على الالتحاق بهذه الأقسام بمنحهم إعفاء من مصاريف الدراسات العليا للحصول على الماجستير والزمالة، وهو قرار أصدرته بالفعل وزيرة الصحة منذ شهرين وينص على تحمل جهة العمل الصحية تكاليف الدراسات العليا ولكنه لم ينفذ حتى الآن، بل قامت بعض الجامعات مثل الإسكندرية برفع تكاليف هذه الدراسات ثلاثة أضعاف مما جعل الرسوم الدراسية ترتفع فى السيمستر الواحد إلى 4 آلاف جنيه أى فى السنة الواحدة 8 آلاف جنيه وهو عبء  مالى كبير بالنسبة للطبيب المبتدئ.

وتقترح الدكتورة  منى أن تفعل الوزارة قرارها من خلال عمل بروتوكولات مع الجامعات توفر من خلاله فرص الدراسات العليا لأطباء الوزارة، وترى الدكتورة منى ضرورة إصدار قانون المسئولية الطبية والذى يحاكم الأطباء من خلاله على أخطائهم بدلًا من محاكمتهم بالقانون الجنائى الذى لا يفرق بين المجرم وبين الطبيب الذى يحتاج تقدير مدى تقصيره من عدمه فى عمله إلى تقييم خاص، الاقتراحات متعددة فهل تناقشها الوزيرة وتجد حلًا أم تترك المشكلة تتفاقم ونجد أنفسنا يومًا أمام كارثة طبية وهى مرضى بلا أطباء.

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز