عاجل
الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
أنا والضريبة والدُجمه!
بقلم
محمد نجم

أنا والضريبة والدُجمه!

بقلم : محمد نجم

لم أتوقع أن يثير مقال الأسبوع الماضي، الذي كتبته عن الضريبة العقارية.. سيئة الحظ، هذا الحجم الكبير من ردود الأفعال.. المؤيدة.. والمعارضة.



وأنا لا أكتب من خلال موقف مسبق، وإنما أستهدف دائمًا المصلحة العامة.. للمجتمع والناس، كما أنني أحرص على أن يفهم القارئ العادي ما أكتبه.

ولذلك أختار الموضوع الذي سأكتب عنه، وأحضر نفسي بالأرقام والمعلومات والمقارنات قبل البدء في الكتابة، وأعتقد أن أغلب زملائي من الكُتّاب الجادين يفعلون ذلك، فالمسألة لدينا ليست مجرد تسويد صفحات، وإنما نساهم بكل جدية في زيادة الوعي العام بما يجرى في المجتمع من خلال الشرح والتوضيح والتحليل.

وقد اعتاد زميلاي العزيزان حسن عامر رئيس تحرير موقع "البشاير"، وأيمن عبد المجيد رئيس تحرير "بوابة روزاليوسف"، نشر مقالي الأسبوعي على موقعيهما، وفي محاولة لعمل أرشيف إلكتروني، أقوم بنشر المقال على صفحتي على فيس بوك، حيث أفاجأ بعدها بقيام العديد من الأصدقاء بإعادة تشيير ذات المقال على صفحاتهم، وتلك نعمة كبيرة أحمد الله كثيرًا عليها، فالكاتب لا يطمع في أكثر من ذلك.. وهو أن تقرأ الناس ما يكتبه وتتفاعل معه.

وبعد الاعتذار عن تلك المقدمة، أعود لمقال الأسبوع الماضي «الضريبة العقارية سيئة الحظ» الذي كتبته من منطلق المصلحة العامة، وعملاً بالحديث الشريف الذي يقول «من كان له فضل ظهر.. فليعد به على من لا ظهر له»، وعملاً أيضًا بمبدأ «التكافل الاجتماعي» بين أغنياء المجتمع وفقرائه، وتطبيقًا للقاعدة الفقهية التي تقول «الغرم.. بالغنم».

حيث دعوت في المقال إلى قيام الأثرياء والذين فتح الله عليهم من وسع- وأيا كانت الأسباب- لدفع الضريبة العقارية المستحقة على ممتلكاتهم العقارية التي تدر دخلاً إضافيًّا عليهم، مع التوضيح بأن تلك الضريبة لا تتجاوز 10% من قيمة الإيجار السنوي للوحدة السكنية المؤجرة، وبعد خصم 30% من حصيلة الإيجار كمصروفات صيانة.

ذلك.. بعد أن أشرت إلى أن القانون يعفي المسكن الشخصي الذي لا تتجاوز قيمته السوقية 2 مليون جنيه، وضربت مثلاً، بوحدة سكنية في الساحل الشمالي وصل ثمنها إلى 110 ملايين جنيه، وتساءلت: هل يعجز من دفع هذا المبلغ عن دفع الضريبة العقارية المستحقة عليها والتي قد لا تتجاوز 125 جنيهًا في الشهر؟

وكما يرى القارئ العزيز، فالمقال ليس ضد أحد.. ولم يتضمن تحريضًا ولا حسدًا! وإنما كان دعوة لأن يدفع الأثرياء من أبناء الوطن حق المجتمع الذي حققوا ثرواتهم من خلاله.

ولكنني فوجئت بعد نشر المقال بسيل من الاتصالات التليفونية، وكثير من التعقيبات الغاضبة على صفحتي بفيس بوك، حيث اتهمني البعض بأنني أدافع عن الحكومة- وهو شرف لا أدعيه- باعتبارها حكومة مصرية تعمل على تحسين أحوال المواطنين، مع أنني أنتقدها في مقال سابق بسبب الارتفاع غير المبرر في أسعار الخضر والفاكهة والألبان، ولسنا في حالة طوارئ مفاجئة أو ظروف غير طبيعية!

وبالطبع لم أغضب من تعليقات الأصدقاء المخالفة لوجهة نظري، واعتبرت بعضها مجرد دعابات من أصدقاء، وتلك إحدى عادات الصحفيين اللطيفة!

ولكن توقفت عند تعليق صديق كنت وما زلت أعتز بعلاقتي به، حيث اتهمني بالدفاع عن حكومة ظالمة، وعن برلمان لا يمثل الشعب، ومع ذلك.. فقد اعتبرت رأيه تعبيرًا عن موقفه السياسي من الحكومة والبرلمان، ولكن آلمني ما قاله إنه يربأ بي أن أبيع آخرتي بدنيا هؤلاء الذين يختلف معهم!

وأسباب الألم أن الزميل يعرفني تمام المعرفة، ويعلم أنني عملت طوال حياتي بكل إخلاص وجدية ونزاهة، وكل ما وصلت إليه من مناصب كان بمجهودي الشخصي وبدعم مخلص من أساتذتي في المهنة وزملائي الصحفيين، بل إن أغلب المناصب التي حصلت عليها كان من خلال الانتخابات!

ولله الحمد فقد عوضني سبحانه عن كل ذلك بالتوفيق والصحة والستر على المستوى العائلي والمهني، لدرجة أن أطلق عليّ زملائي ومصادري لقب «العمدة»، فأي مكسب بعد حب واحترام من حولك ومن يعرفونك أو من تتعامل معهم؟!

لا صديقي.. لم أتزلف لأي أحد ولن أفعل، فقد تطبعت على «الاستغناء» والرضا بما أحصل عليه بمجهودي الشخصي وبقضاء الله وبقدره، ومن ثم لا أكتب لغرض أو هوى، ولا أبيع آخرتي من أجل دنياي ولا دنيا غيري!

ثم لماذا أفعل ذلك بعد أن شاب الشعر ووهن العظم.. وبلغنا من العمر عتيا؟!

آفة البعض أنه تحول إلى «دجمه»، أي يتخذ موقفا ثابتا يتسم بالجمود، سواء عند التأييد أو المعارضة، مع أن الدنيا تتغير والأحداث تتجدد.. والأفكار تتطور.. لكنه شب على شيء ثم شاب عليه!

ثم ألستم دائمًا ما تنتقدون الحكومة بسبب ارتفاع نسبة الفقر في المجتمع، بحجة التحيز للأغنياء؟

وألستم من تطالبون بالعدالة الاجتماعية، وإعادة توزيع الدخل القومي، وأن يحصل كل مواطن على حقه من التعليم الجيد والعلاج الشافي والسكن الملائم؟

فكيف تحقق الحكومة ما تطالبون به، إن لم تعمل فعلا على إعادة توزيع الدخل وتحقيق العدالة الاجتماعية، بتحصيل الضرائب المستحقة من كل قادر على دفعها؟

وهل تصرف الحكومة على المواطنين من جيوب أعضائها أم من خلال حُسن استخدام الموارد السيادية وبما ينفع الناس، وما هي الموارد السيادية سوى الضرائب والجمارك ورسوم الخدمات؟!

يا أيها الرفقاء الدراويش.. شيء من العقل المرن، وقليل من الرحمة بمحدودي الدخل والفقراء والذين تحاول الدولة ومن بعدها الحكومة انتشالهم مما هم فيه!

●●●

حفظ الله مصر.. وألهم أبناءها الرشد والصواب

 

 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز