عاجل
الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
نتنياهو والزيارة المشؤومة

نتنياهو والزيارة المشؤومة

بقلم : محمود حبسة

دائما وأبدا ما تسعى إسرائيل إلى استغلال الأزمات التي تمر بها المنطقة العربية، ودائما وأبدا ما تسعى لتأجيج الصراع في المنطقة والإبقاء على ناره مشتعلة متأججة، حتى يتسنى لها أن تفعل بالفلسطينيين ما تشاء، وأن تبتلع المزيد من الأراضي العربية وأن تغتصب المزيد من الحقوق العربية، من هذا المنطلق تأتي زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الأخيرة إلى سلطنة عمان في مناورة إسرائيلية تستهدف تحقيق عدة أهداف أولها الإيحاء بأن الكيان الصهيوني يتمتع بعلاقات جيدة بدول خليجية وهو بذلك يستهدف كسر الإجماع العربي الرافض لسياسات إسرائيل العدوانية ضد الشعب الفلسطيني والإيحاء بأن هناك العديد من الأطراف العربية التي تتحاور مع تل أبيب وتقيم معها علاقات دافئة كما زعم نتنياهو نفسه من قبل.



لا نقلل من الدور القومي لسلطنة عمان ولا من التزامها بقضايا أمتها العربية، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية ونرى أن سلطنة عمان ليست أقل التزاما من غيرها بما أجمعت عليه الأمة العربية من ثوابت في قضية الصراع العربي- الإسرائيلي بما في ذلك كافة حقوق الشعب الفلسطيني، وفي المقدمة التمسك بالقدس عاصمة للدولة الفلسطينية وفك الحصار عن قطاع غزة وإنهاء معاناة الشعب الفلسطيني وعودة اللاجئين والانسحاب من كافة الأراضي العربية التي احتلتها إسرائيل عام 1967 والعودة لحدود ما قبل 5 يونيو من نفس العام، وفقا للمبادرة العربية للسلام التي أقرتها القمم العربية المتعاقبة، ولكن الزيارة في هذا التوقيت لا تخدم عملية السلام ولا تحقق تقدما على سبيل إحياء المسار التفاوضي بين الإسرائيليين والفلسطينيين لا سيما أنها تأتي في وقت تضرب فيه إسرائيل بكل فرص السلام عرض الحائط ولا يتوقف عداؤها عند حركة حماس بل يمتد إلى منظمة التحرير الفلسطينية ورئيسها محمود عباس أبو مازن، مستغلة انصياع أمريكا لرغباتها وعداء ترامب للزعيم الفلسطيني الذي تجسد في إغلاق مقر المنظمة في واشنطن وطرده للسفير الفلسطيني ووقف مساعدات واشنطن لمنظمة الأونروا، وتنفيذ ترامب لوعده بنقل سفارة بلاده إلى القدس بل وتراجعه عمليا عن فكرة حل الدولتين كخيار ما زال الوحيد المطروح على الساحة والذي يحظى بإجماع وموافقة الجميع لإنهاء النزاع الفلسطيني ـ الإسرائيلي.

ما يلقى على الزيارة ظلال الشك أنها تأتى بعد أيام قليلة من زيارة رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس إلى السلطنة ما يعني أن نتنياهو يحاصر أبو مازن ويلاحقه في أي مكان يذهب إليه حتى لو في محيطه العربي، كما أن الوفد المرافق لنتنياهو يضم يوسي كوهين رئيس جهاز الاستخبارات الإسرائيلي الموساد ومائير بن شبات مستشار الأمن القومي وهو ما يعني أن نتنياهو يسعى لتعزيز وتضخيم المخاوف العربية، لا سيما الخليجية من تنامي الدور الإيراني، والزعم بأن إيران طامعة في ثروات المنطقة وأنها تسعى لاجتياح الخليج وأنها بصدد شن حرب شاملة، لاسيما وأن الزيارة تأتى مع بدأ تعافى نظام الأسد في سوريا المدعوم من إيران إضافة إلى التزام بغداد بالعقوبات الأمريكية على طهران بعدم تصدير النفط لها، وهو ما يؤكد أن نتنياهو يسعى لتأجيج الصراع في المنطقة والإبقاء على ناره مشتعلة، وهو ما يعني أن تبقى المنطقة بكل إمكاناتها وقدراتها السياسية والعسكرية والاقتصادية رهن الحرب المنتظرة بين يوم وليلة والتي تسعى إسرائيل جاهدة ومعها أمريكا لإشعال نارها في أي وقت ومن هنا تأتي أهمية الزيارة لمسقط التي تتمتع بعلاقات طيبة مع طهران بهدف سد أي منافذ للحوار والإبقاء فقط على خيار الحرب وبذلك يتراجع الدعم والاهتمام الخليجي بالقضية الفلسطينية ويستمر الاستنزاف الأمريكي لثروات المنطقة.

ويبقى السؤال كيف يمكن لنتنياهو أن يقنع أي عاصمة عربية يذهب إليها بل كيف له أن يقنع أي عاصمة في أي مكان من العالم بأنه جاد في إحياء عملية السلام مع الفلسطينيين وآلة الحرب الإسرائيلية لا تتوقف تقتل بلا رحمة الفلسطينيين كل يوم وآخر شواهدها ضرب قطاع غزة بالصواريخ وقتل الفلسطينيين خلال مسيرات العودة؟ كيف يمكن له ذلك وإسرائيل مستمرة في تشديد الحصار على القطاع وتمنع النشطاء من الوصول إليه حتى لو كانوا بريطانيين أو أتراك؟ كيف يمكن لنا أن نصدق ادعاءات نتنياهو ومساعيه لتحقيق السلام مع الفلسطينيين في وقت يرفض فيه الجلوس مع أي ممثل للشعب الفلسطيني من أبو مازن إلى إسماعيل هنية، فكلهم في نظر نتنياهو قتلة ويسعون لإبادة الشعب الإسرائيلي؟ كيف يمكن لنتنياهو إقناع مسؤول عربي برغبته في السلام وهو مستمر في بناء المزيد من المستوطنات في الضفة الغربية ومستمر في مخططاته لتهويد القدس الشرقية؟ كيف يمكن أن نصدق رئيس الوزراء الإسرائيلي ودولته تقر قانونا يقر بيهودية الدولة العبرية في عنصرية جلية واضحة لا يوجد مثيل لها؟ من أين له إذا التعايش مع الآخر سواء كان عربي أو مسلم؟

نتنياهو لا يسعى إلى السلام، كل ما يريده ويسعى إليه هو صب مزيد من الزيت على النار المشتعلة لتزداد اشتعالا بين دول الخليج وبعضها البعض وبين المملكة السعودية وإيران من خلال المعلومات المغلوطة والوثائق المزورة لجهاز الموساد حتى تبقى المنطقة بأثرها في حالة صراع دائم وحرب مستمرة وبذلك تتراجع القضية الفلسطينية إلى الخلف وينشغل العرب بخلافاتهم الثنائية والإقليمية وبحروبهم الداخلية في اليمن وسوريا وليبيا مع الحوثيين وإيران والجماعات الإرهابية التي لا جدال أن الموساد الإسرائيلي هو إحدى الجهات الرئيسية التي تقف خلفها وتدعمها.

 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز