عاجل
السبت 5 يوليو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
البنك الاهلي
ماذا تستفيد مصر من منتدى شباب العالم؟!

ماذا تستفيد مصر من منتدى شباب العالم؟!

بقلم : أيمن عبد المجيد

من جديد وفي ذات الموعد، يأتي ٥ آلاف شاب من ١٤٥ دولة، من مختلف أرجاء الكرة الأرضية إلى حضن مصر.



للعام الثاني على التوالي، يُنظم المنتدى الأكثر أهمية، وتحدٍ تنظيمي يعكس تكامل منظومة العمل في الدولة المصرية، التي تخطو، بكل ثبات، نحو استعادة ريادتها العالمية، التي تليق بحضارتها الضاربة بجذورها في عمق التاريخ ٧ آلاف عام.

تكرار الحدث، في حد ذاته نجاح، فالقدرة على الحفاظ على النجاح وتطويره، أهم من النجاح ذاته، إذ إن مواصلة النسخ السنوية من المنتدى العالمي، تعني البناء التراكمي، على هرم الأهداف المتحقق جزء منه في العام الماضي، فالأهداف البعيدة، تتحقق تدريجيًا، فنجاح ابنك في الحصول على الشهادة الابتدائية، يتحول إلى فشل إن توقفت دراسته عند هذا الحد، كونها مجرد مرحلة تؤسس لقدرات اجتياز ما بعدها، لبلوغ الهدف الأكبر، وهو الحصول على مؤهل جامعي أو ما يفوقه.

ميلاد منتدى شباب العالم ذاته في نسخته الأولى، دليل البناء التراكمي للإبداع، فمن رحم منتدى شباب مصر، ولدت فكرة أكثر إبداعًا، «منتدى شباب العالم»، ومن رحم نسخته الأولى ولدت أفكار عدة في ملفات عالمية، منها الكثير الذي تحقق في النسخة الثانية التي تنطلق فعالياتها الرسمية مساء الْيَوْمَ بحضور الرئيس عبد الفتاح السيسي.

ورغم تعدد المكاسب المصرية من هذا الحدث العالمي، الذي ينطلق بحضور نخبة من زعماء وقادة وشباب العالم على أرض مصر، بقطعة ذهبية منها «شرم الشيخ» التي يشع منها السلام للعالم، ويضيء جمالها يسر الناظرين من زائريها، فإن تلك المكاسب التي تفوق الحصر، غائبة عن البعض.

غياب الوعي لدى البعض، يجعل من عقولهم فرائس سهلة، للذئاب المتربصة بالوطن، والأفاعي التي تسعى في أحراش وسائل التواصل الاجتماعي، لتبث سمومها في العقول، سعيًا لخلق صورة مشوهة، وإفقاد الإنجازات أثرها، وخلق حالة من الإحباط واليأس، بل وإثارة الأحقاد.

ورغم كثرة المميزات يمكن إجمال بعضها في نقاط، عَل المخلصين المحبين لوطنهم يجدون ردودًا على مستهدفي الوطن، لتطمئن قلوبهم، إلى ما يضاف يوميًا لرصيد إنجازات هذا الوطن الشامخ برجاله المخلصين، المقاتلين بعيدًا عن أي أضواء.

المكاسب السياسية

لكل إنسان في محيطه، ولكل شركة، ولكل دولة، صورة ذهنية مشكّلة عنها لدى الآخر، فالإنسان المعروف بالصدق والأمانة، والشركة المعروفة بجودة منتجاتها، والدولة المشهود لها بالقوة، والأمن والاستقرار، تكون أهلًا للثقة والشراكات وجلب الاستثمارات، وتزايد فرص الرخاء لأبنائها.

هذه الصورة الذهنية، سعت الأفاعي المعادية لمصر لتشويهها، على مدار السنوات السابقة، من خلال تشويه حقيقة ثورة ٣٠ يونيو، مرة، ومرات أخرى تشويه، حقيقة ما تشهده من استقرار، من خلال الدفع بالعملاء الإرهابيين، لتنفيذ عمليات إجرامية، ليتبع ذلك قلق لدى الشركات السياحية، ورجال المال، فيهرب الاستثمار، سعيًا لخنق مصر اقتصاديًا.

نجحت مصر في قهر ودحر الإرهاب، استعادت أمنها، وثقة غالبية العالم بها، لم يبق من الإرهاب إلا فلول الأفاعي ببعض جحور الصحراء، لا تقوى على فعل، وتنظيم مثل هذا المؤتمر العالمي، بما يتطلب من قدرات تنظيمية، وتأمينية عالية، يبعث برسالة لكل من يهمه الأمر، بل للعالم أجمع بأن مصر استعادت عافيتها، وقوتها، وأمنها، وجاهزيتها لاستضافة الملايين من سياح العالم، وآلاف المستثمرين، وهم آمنون مطمئنون.

قطعًا، استعادة الصورة الذهنية عن مصر، قوتها وبريقها المستحق، يترجم اقتصاديًا في شكل جلب استثمارات، وأفواج سياحية، جميعها يصب في جيب المواطن البسيط، عبر فرص عمل له ولأبنائه، بداية من سائق التاكسي، ومرورًا بالعمالة المباشرة في المنشآت السياحية، والمشروعات الاستثمارية المستهدفة.

مكسب سياسي آخر، متمثل في بناء خريطة عالمية من أصدقاء مصر، وشركائها، في مناقشة هموم شباب العالم، هؤلاء الشباب الذين جاءوا لمصر وعرفوها حق المعرفة، وقدروا مدى انشغالها بقضايا الإنسانية، التي تعكسها محاور المؤتمر وفعالياته، يتحولون إلى سفراء باقتناع لمصر، في العالم، يتحدثون عنها من واقع خبرة مباشرة، وهو مكسب سياسي يفوق كل تحرك دبلوماسي موجه، يمكن أن نسعى إليه، هو دبلوماسية شعبية حقيقية.

ما يمكن أن نسميه «دبلوماسية الخبرة المباشرة الشعبية»، يؤكده حجم الإقبال غير المسبوق من شباب العالم الذين تقدموا بطلبات المشاركة في منتدى شباب العالم بمصر، يكفي أن تعلم أن ٦ آلاف شاب من مبدعي وموهوبي العالم، تقدموا بطلبات المشاركة في فاعلية واحدة مستحدثة، وهي مسرح شباب العالم، الذي تحول إلى حقيقة على أرض شرم الشيخ، بعد أن كان توصية العام الماضي، وبالفعل تمكن عدد منهم من الحضور وعرض إبداعاتهم عليه أمس أمام جمهور قادم من 163دولة.

المكاسب الثقافية

مسرح شباب العالم، مكسب ثقافي، وفكرة مبدعة، انفردت بها مصر، فباتت مقصدًا ووجهة يسعى إليها مبدعو العالم، فعلى مسرحها العالمي في نسخته الأولى أمس، أبدع الدكتور خالد جلال، ونخبة من شباب الأكاديمية الوطنية لتدريب وتأهيل الشباب، بمشاركة ١١ مبدعًا من ١١ دولة؛ في تقديم عمل فني إبداعي، جمع فنانين مع مختلف أنحاء العالم، في قرية صغيرة، في تعبير رمزي عن العالم، يحرسها حارس، وتنعم بالمحبة والتمسك بالتراث والقيم، حتى تعرضت لغزو وسائل التواصل.

الاستخدام الخاطئ للتكنولوجيا، وخطر انتهاك الخصوصية، دمّر المنظومة القيمية، وهدد سلامة أبناء القرية وتماسكهم، تحذير قوي، في عمل مسرحي أبطاله من ١٢ دولة بينها مصر، ينتج في مصر، ويعرض على مسرح شباب العالم في مصر، والجمهور من ١٤٥ دولة، حدثٌ يثبت قدرة مصر على استعادة ريادتها الثقافية، ويشجع على أن تتحول أرضها لساحة للإبداعات والمؤتمرات الثقافية والفنية مستقبلًا، بما لذلك أيضًا من مكاسب معنوية، واقتصادية.

على المسرح ذاته قدمت رسائل، في شكل بيان عملي، لمواجهة اليأس ودعم متحدي الإعاقة، فهناك قدم إيفان روجيرو، شاب أمريكي بترت ساقه، نموذجًا للتحدي، بعد أن استبدل بها ساقًا صناعية، وتحول إلى مطرب وراقص بنقرات القدم.

نموذج للإبداع في خلق فرص بديلة، قدمه حازم عصمت، المحامي المصري، الذي يبدع في تحريك عروسة ماريونت على نغمات الطبلة، فيديو شاهده ٧٠٠ ألف، نقله لتقديم موهبته على مسرح العالم أمام جمهور من ١٤٥ دولة.

بلقيس عازفة العود الإلكتروني، زوبيل أدويل، أصغر صانعة أفلام وثائقية، حاورت رؤساء من مختلف قارات العالم، وهي ما زالت أقل من ١٥ عامًا، افتتحت المسرح بعرض تجربتها، وحاورت الرئيس السيسي، دعت لتبني صوت الحب والسلام.

الفنان داف شارب، بريطاني جاب العالم، يرسم في لحظات لايف، على وقع نغمات الموسيقى، يجمع المال من حفلاته للعمل الخيري، على مسرح شباب العالم في مصر، رسم محمد صلاح في لحظات.

وكانت البسمة مع الكوميدي "ون هو شونغ"، الكوري الجنوبي، الذي يتقن العربية، بفضل مولده في المملكة العربية السعودية لأب كوري وأم فيتنامية.

مصر وجهة لمبدعي العالم، على أرضها، يبعثون برسائل الفن الهادف الإيجابي، بداية لاستعادة الريادة الثقافية، وتصحيح لمسار الرسائل الفنية، بعد سنوات من تشوه المسرح والسينما المصرية، بما يقدم من صورة مشوهة عن مصر.

المكاسب الاقتصادية

قطاع واحد على سبيل المثال، هو قطاع السياحة، كان يدر على مصر ١٢ مليار دولار سنويًا، يخلق مئات الآلاف من فرص العمل، تأثر سلبًا في السنوات الأخيرة، لأسباب كلنا نعلمها، أغلبها مؤشرات، تتعلق باستهداف الطائرة الروسية وما تبعها، من حملة تشويه منظمة.

الترويج للسياحة عبر فعاليات خارجية، وإعلانات بوسائل الإعلام العالمية، يكلف مصر عشرات المليارات، في وقت هي في أمس الحاجة إلى توجيه ذلك للارتقاء بالبنية التحتية، وتعزيز خدمات تثري العدالة الاجتماعية.

ترامب- على سبيل المثال- تحدى الإعلام الأمريكي، ونجح باستخدام "تويتر"، و"فيس بوك" في مخاطبة الملايين، ونحن بهذا المؤتمر الذي ينشر المشاركون به من مختلف دول العالم على صفحاتهم الشخصية، صورهم في شرم الشيخ، وخبراتهم ومشاهداتهم، واستمتاعهم بالسحر والجمال في أمن تام، يبعثون برسائل أكثر مصداقية، وفاعلية في الترويج للسياحة في مصر، يفوق أثرها مليارات كان يمكن إنفاقها للترويج بلا جدوى.

المواطن العربي يثق في شهادة صديقه، وابن جنسيته، وهي دعاية لمصر، تمثل دفاعات شعبية، ضد خطاب الآلة الإعلامية السوداء، التي تضخم من حادث إرهابي في جزء منزوٍ من الصحراء.

مثل هذا المؤتمر، تتحمل كلفته جهات راعية مخلصة لوطنها، ويجني ثماره الشعب كله، بما فيه الرعاة، الذين ستعود عليهم منافع استعادة الاستثمار والسياحة لعافيتها، الجميع رابح.

مكاسب بناء جيل شاب قيادي

تمثل هذه الفعالية العالمية، نموذجًا عمليًا تدريبيًا، لنخبة من شباب مصر يتولون مهمة تنظيم دقيق ومبدع، الجهد المبذول فيه أكبر من الوصف، بداية باستقبال رغبة الضيوف في المشاركة، ومرورًا بالتنظيم المحكم وحفاوة الاستقبال.

الرسالة، مصر بلد الأمن والأمان، تحمل السلام للجميع، تنشد حلولًا عقلانية عادلة للقضايا العالمية، تستثمر في شباب العالم ووعيهم، فهمُ المستقبل، تستثمر في شباب العالم، فمنهم من قد يعتلي القيادة في قادم الأيام في وطنه، فيكون شريكًا في التنمية.

تحيا مصر وعقلها الاستراتيجي المبدع في مواجهة التحديات، بحلول مبتكرة أكبر من تحمل أعداء الوطن، أظنكم الآن تعلمون لماذا سعى المرجفون، وذيولهم من فلول الإرهابيين، للتشويش على هذا الإنجاز، باستهدافهم الإرهابي، أمس، بعض أبناء الوطن العائدين من زيارة لدير عبادة.

خاب مسعى العملاء، ضحايانا شهداء، وإنجازات الوطن لن تتوقف، نودع شهداءنا ونواصل البناء.

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز