عاجل
الخميس 18 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
الذين ذهبوا فداءً للوطن

الذين ذهبوا فداءً للوطن

بقلم : د. شريف درويش اللبان

لقد أدمى ما حدث لإخواننا المصريين بالقرب من دير الأنبا صموئيل بجبل القلمون بمركز العُدوة بمحافظة المنيا عيوننا وقلوبنا، وما يزيد من حزننا أنه حدث يوم جمعة، وهو اليوم الذي اختاروه للقيام بهذه الرحلة الدينية لعدم وجدود إجازات لهم يوم الأحد، ويوم الجمعة هو اليوم الذي شهد صعود عشرات الشهداء من المصريين سواء كانوا مسلمين أو أقباطًا أو قواتٍ مسلحة أو شرطة. لقد أصبح يوم الجمعة يثير فينا ذكرياتٍ أليمة رغم أنه من أفضل أيام الله، إلا أنه أيضا من أيام الدعة والاسترخاء الذي ينتهزه الإرهابيون ليضربوا ضرباتهم الموجعة في قلب الوطن وسويدائه، وهو ما يجب أن نأخذه بمنتهى الحيطة والحذر مقارنةً بأي يوم آخر من أيام الأسبوع.



إن هذا الحادث الإرهابي المجرم ليس له سوى هدفيْن اثنيْن لا ثالثَ لهما، أولهما: محاولة إثارة الفتنة الطائفية بين عنصريْ الأمة اللذين طالما ظلا متآلفيْن منذ فتح عمرو بن العاص لمصر وحتى يومنا هذا، وهي المحاولة التي أقدمت عليها العناصر الإرهابية منذ اليوم الأول لفض اعتصامي رابعة والنهضة، حيث قام هؤلاء الإرهابيون باستهداف الإخوة الأقباط بطول البلاد وعرضها، كما تم حرق عشرات الكنائس عقابًا للأقباط المصريين على تأييد ثورة 30 يونيو، يومها خرج البابا تواضروس وقال كلمته الشهيرة التي لن ينساها له التاريخ ولن ينساها له المصريون جميعًا حيث قال "وطن بلا كنائس خيرٌ من كنائس بلا وطن". هذه العبارة أرقت الإرهابيين وأثارت حفيظتهم، لأنهم فشلوا من حيث أرادوا النجاح، وخاب أملهم من حيث أرادوا أن ينتصروا على المصريين نصرًا مؤزرًا، حيث كانت نتيجة أفعالهم الإرهابية غير متوقعة على الإطلاق لأنها زادت من تماسك السبيكة المصرية العصية على التفكك والذوبان بفعل طلقات خسيسة يطلقونها في صدر أبناء الوطن العزل.

والهدف الثاني لهذا الحدث الإرهابي هو محاولة التشويش على مُنجزات الوطن في اختيار توقيت يتقاطع مع انعقاد المنتدى الدولي الثاني بمدينة شرم الشيخ واستئناف رحلات مسار العائلة المقدسة وعودة الطيران الروسي واستئناف السياحة الروسية التي توقفت أيضا عقب حادثٍ إرهابي خسيس، وهي كلُها أحداثٌ وفعاليات مهمة لكي تنطلق مصر إلى الأمام، وتُعيد وضع نفسها على خريطة العالم سياسيًا واقتصاديًا سياحيًا. ولم يكن من الممكن أو المعقول إلغاء منتدى الشباب وهو على وشك أن يتم افتتاحه، وإلا سيكون الإرهاب قد انتصر علينا جميعًا، وكان الظرف يستدعي أن يُظهر الرئيس والحاضرون في المنتدى والمصريون جميعًا تماسكًا في مواجهة هذا الحادث الأليم، لأن مصر أقوى من الإرهاب، ولأن مصر لا تركع إلا لله سواء في دير الأنبا صموئيل أو في مسجد الروضة وسط سيناء، يكفي أن العالم كله تضامن معنا في إدانة هذا الحادث الأليم وعلى رأسهم خمسة آلاف من زهرة شباب العالم عرفوا أن مصر بلد السلام والأمان، حتى إن حاول فئران الإرهاب أن يضربوا ضربةً حقيرة جبانة هنا أو هناك.

ولأن مصر لا تنسَ دماء أبنائها، بل تحرص على الثأر العاجل غير الآجل لهم، وخاصة أن منا صعايدة لا ينسون ثأر أبناء الوطن الذي هو ثأر الوطن نفسه، فقد تم تعقب الإرهابيين وأماكن اختبائهم ودراسة مدى تسليحهم، وفي أقل من 48 ساعة ثأرنا منهم لشهدائنا الأبرار، فلم تشرق شمسُ الأحد إلا وقد تم قتل 19 إرهابيًا تورطوا في هذه المأساة التي آلمتنا جميعًا.

المجدُ للشهداء.. والموت للإرهابيين الجبناء.. والرحمة للعابدين الأتقياء.. والعزاء لكل أهالينا في الشهداء الأبرار.. والمواساة لكل الجرحى.

 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز