عاجل
السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
ساطع النعماني.. النموذج الذي سيبقى

ساطع النعماني.. النموذج الذي سيبقى

بقلم : محمود حبسة

تتواصل مسيرة الشهداء في مصر دفاعا عن هذا الوطن ليبقى حرا أبيا مهابا مصانا عصيا على السقوط، من هؤلاء الشهداء- وهو بالتأكيد لن يكون آخرهم- الشهيد البطل ساطع النعماني الذي زفته مصر إلى السماء خلال الأيام القليلة الماضية، بعد أن فاضت روحه الطاهرة إلى بارئها أثناء تواجده بلندن لإجراء جراحة تكميلية بالوجه.



بالشهداء تحيا الأوطان ومصر قد تكون خير دليل على ذلك، بل قد تكون أكثر بلد في العالم على مر التاريخ يواصل مسيرته بعدد ما يقدمه من شهداء ضحوا بأرواحهم، دفاعا عن الوطن وعن أرضه ومقدراته ودفاعا عن الدين بل ودفاعا عن الإنسانية.

تاريخ مصر الحديث كله يأتي تأكيدًا لذلك نظرا لحجم ما تعرضت له من مؤامرات وأطماع، فمن مقاومة الاحتلال البريطاني ومن قبله الفرنسي إلى مقاومة الاحتلال الإسرائيلي- الصهيوني لسيناء إلى دحر الإرهاب عن أرض الفيروز وعن كل أرض مصر وإفشال خطط المتربصين من خلال العملية العسكرية الشاملة 2018 تتواصل مسيرة الشهداء لتبقى مصر حرة قوية متمسكة بكل شبر من أرضها.

الشهيد ساطع النعماني واحد من الشهداء الذين قدمتهم مصر، بعدما مرت بواحدة من أصعب الفترات في تاريخها الحديث بعد ثورة 30 يونيو حيث كانت الفوضى العارمة هي وسيلة الإخوان للعودة بالحياة في مصر إلى ما قبل 3 يوليو 2013 عندما انحازت القوات المسلحة المصرية لاختيار وإرادة المصريين الذين خرجوا بالملايين في 30 يونيو يطالبون بإبعاد الإخوان عن السلطة، كان التخريب والقتل وترويع الآمنين والاعتداء على الكنائس والمقار الشرطية والأمنية وإثارة الشغب في كل مكان من أرض المحروسة عناوين لرسالة الرعب التي كانت الجماعة الإرهابية تصدرها للداخل والخارج في محاولة لتأكيد مدى قوتهم وقدرتهم على وقف إرادة المصريين وإرهابهم وتعطيل الحياة في مصر وتشويه المشهد السياسي بأي صورة والعودة إلى السلطة بأي ثمن.

في ظل وضع أمني صعب ومؤسسات شبه معطلة ودولة تعاني من شبه انهيار كان هناك رجال حملوا على عاتقهم مسؤولية الدفاع عن الوطن في هذا الوقت الصعب، كانوا على قدر المسؤولية أقسموا للوطن بأن يكون له فداء ولأمنه راعين ولممتلكاته محافظين وبروا بقسمهم، كان الشهيد الراحل ساطع النعماني واحدا من هؤلاء المدافعين عن هذا الوطن في هذا الوقت الصعب فلم يتوان عن الخروج وتحمل المسؤولية عندما نمى إلى علمه أن الإخوان يعتدون على الأهالي بالأسلحة الآلية في منطقة بين السرايات، التي تتبع قسم بولاق الدكرور، الذي يشغل منصب نائب المأمور به، لم يتوان العقيد ساطع النعماني عن أداء الواجب الذي أقسم عليه، لم يحتم بمكتبه، لم يلذ بجدرانه خوفا من غدر الإخوان مع علمه بحجم غدرهم، ارتدى رداء الوطنية وتحلى بوشاح الشجاعة وخرج يدافع عن أهالي بين السرايات، شاهد أكثر من 50 فردا يعتلون أسطح عدد من المباني بالمنطقة، ومنها مباني جامعة القاهرة، ويقومون بالاعتداء على المواطنين بالأسلحة الآلية، فقام بإبعاد الأهالي حتى لا يصابوا بأذى إلى أن أصيب هو برصاص الغدر في وجهه.

سيبقى ساطع النعماني نموذجا يحتذى به كضابط شرطة محب لعمله، وكمصري عاشق لوطنه مخلص له، فمع بدء رحلة ساطع النعماني مع الألم تدرج في رحلة حبه بل عشقه لمصر إلى أن وصل في منتهاها لأعلى المراتب، النعماني الذي التقاه الرئيس من قبل لم يكتف بتكريم الرئيس له، فكان مطلبه أن يعود إلى عمله الذي يحبه في جهاز الشرطة، رغم أنه كان أعمى عمى كليًا، ووافق الرئيس ليعمل لمدة ثلاث سنوات وهو كفيف في سابقة لم تحدث من قبل، والنعماني الذي دخل في غيبوبة استمرت أكثر من شهرين يعود بعدها للحياة بعد أن كان قد تصور أنه دخل في عداد الشهداء يعود ليقول للمصريين حافظوا على مصر ويؤكد مصر لن تسقط أبدا، والنعماني الذي شعر في سنواته الأخيرة بمعاناة المكفوفين كتب يطالب أجهزة الدولة بالحفاظ على ذوي الاحتياجات الخاصة وتلبية مطالبهم.

قدم النعماني نموذجا للضابط وللمصري العاشق لوطنه، فاستحق أن يبكيه كل المصريين وليس أهله وذويه فقط، واستحق أن يطلق إثمه على واحد من أكبر الميادين في مصر وهو ميدان النهضة، وهو نفس المكان الذي شهد شجاعته وبطولته ودفاعه عن أبناء وطنه، لتبقى ذكراه ما بقيت مصر، كما استحق النعماني أن تقام له جنازة عسكرية يتقدمها الرئيس عبد الفتاح السيسي وكبار رجال الدولة، في مجموعة من الرسائل تؤكدها حكاية البطل ساطع النعماني، وخلاصتها أن الدولة لا تنسى رجالها المخلصين الأوفياء الذين يضحوا من أجلها.

ساطع النعماني كان نموذجا وسيبقى نموذجا لرجال أشداء مخلصين لوطنهم يتواجدون بكثرة في مصانع الرجال في المؤسسة العسكرية المصرية والشرطة المدنية، وهو ما يجعل الرئيس السيسي يفتخر بجيش مصر ورجالها من القوات المسلحة والشرطة، لأن القضية ليست في كم الذخائر والأسلحة وما تمتلكه الدولة من عتاد، ولكن في نوعية المقاتل المصري وإصراره على الدفاع عن وطنه وعرضه وأرضه.

هذا المقاتل الذي يمتلك هذه الروح لا يوجد مثيل له في العالم، وليس أدل على ذلك من قصص العديد من شهداء مصر الأبطال ومنهم العقيد ساطع النعماني، والشهيد البطل ابن الصاعقة المصرية الشهيد أحمد المنسي، وغيرهما كثيرون يمثلون امتدادا لسلسال الشرف والرجولة.

 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز