عاجل
السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
ثلاثية الأحداث والأخلاق

ثلاثية الأحداث والأخلاق

بقلم : د. فاطمة سيد أحمد

على مدار الأسبوعين الماضيين استوقفتنى أحداث ثلاثة تجمعها غياب كلمة (الأخلاق)، الحدث الأول كان فى الجلسة المغلقة بمنتدى شباب العالم بشرم الشيخ فى صباح اليوم الثالث والأخير لهذا التجمع المهم، كانت هناك جلسة خاصة بالمراسلين الأجانب وأسئلتهم للرئيس وتمت دعوة بعض الإعلاميين المصريين للحضور، وكان للرئيس ارتباط فى ظهر نفس اليوم وهو مقابلة الرئيس السودانى (البشير) وحدد لتلك الجلسة من الوقت ساعة وبضعة دقائق، وقام المعنى بالأمر بتكليف أحد المذيعين ليقوم بتقديم المراسلين الذين سيلقون أسئلتهم، ولكن حدث أن عدد المراسلين كان قليلًا للغاية لعدم الإعداد الجيد للمسئول عن المراسلين الذين حضر خمسة منهم فقط وأجابهم الرئيس عن أسئلتهم بأريحية ليس لها مثيل، وبعدها كان الوقت الذى خصصه الرئيس لم ينفد بعد وفى محاولة للمذيع بإعطاء نفسه حق إنهاء الجلسة دون النظر للرئيس الذى كان على المنصة مستغربًا أن الأسئلة التى وجهت له قليلة ( فقال له استنى بس)، والتقطت ما يجول فى عين وعقل الرئيس فرفعت يدى وصوتى فى آن واحد ووجهت حديثى للرئيس طالبة إعطاء الصحفيين المصريين الوقت المتبقى من الجلسة ليسألوا، فقال لى الرئيس بكل احترام (تفضلي) وأثناء إلقاء سؤالى قاطعنى المذيع محاولًا إنهاء كلامى مما جعل سؤالى مبتورًا غير مكتمل فنظر إليه الرئيس وأنا بدورى تشجعت ووجهت كلامى للمذيع (لماذا تقاطعنى الرئيس لم يقل لى كفى ولديه وقت) فرد المذيع (أنا أدير الجلسة) وهذا كان توصيفًا خاطئًا منه لأن إدارة جلسة تكون من عدة متحدثين، أما ما كنا بصدده فكان المتحدث هو شخص الرئيس فقط وبالتالى هو من يملك إنهاء الأسئلة والحديث، وهنا نظر لى الرئيس قائلًا: (أنا عمرى ما حقول لكى كفى، ولا أقول كفى لأى سيدة) وشكرت للرئيس نبل أخلاقه فى حديثه معى، وأعطى الرئيس هذا المذيع درسًا فى أخلاق المهنة وهى ألا يقاطع امرأة حتى تنهى هى حديثها فلا يسبب لها حرجًا، وثانيًا أن الرئيس سمح لثلاثة من الزملاء بالحديث بعدى فى إشارة منه بأن وقته لم ينته بعد وأنه لا يجوز للمذيع أن ينهى من طرفه حديثًا للرئيس، ولذلك فقد ختم الرئيس هو وقته بنفسه دون النظر لهذا المذيع الذى لم يراع (آداب المهنة وآداب الحديث) ومنح نفسه حقوقًا فى غير موضعها ودون استئذان الرئيس الذى يعتلى المنصة.




الحدث الثانى كان فى الاحتفالية بـ(المولد النبوى الشريف) جلس الرئيس على المنصة بشوشًا مبتسمًا وعلى جانبيه شيخ الأزهر ورئيس الوزراء، بدأت الكلمات بوزير الأوقاف ثم شيخ الأزهر كل منهما تحدث عن (سنة الرسول) وأهمية الأخذ بها، وجميعًا كسنة نعلم هذا جيدًا ومن يخرج على هذا قلة لا ترقى إلى حيّز المشكلة، هنا تغير وجه الرئيس وعلم أنه فى واد والمؤسسات الدينية فى واد آخر، كيف والمجتمع يعانى (أزمة أخلاق) تسببت فى انتشار الفساد وتفشى الكذب وارتكاب المكاره بكل أنواعها لا نأخذ من أخلاق رسولنا الكريم قدوة حسنة فى هذه المناسبة الجليلة لمولده فيذكر تعاملات النبى مع مجتمعه وإصلاح حالهم بالدِّين المعاملة، كيف كان هو الصادق النابذ للكذب، الصدوق لأصحابه، عفيف اللسان، عطوف على أهل بيته، رءوف بالضعفاء وغيرها من صفات حميدة تتجلى فى خلقه القويم الذى يجب علينا أن ننهل منه، وعندما قال الرئيس بعد كلمته كلام فى هذا الشأن كان يأمل سماعه من رجال الدين، انقسمت الآراء بين شيخ الأزهر يقول ما يحلو له، ورأى آخر يرى أن الشيخ لم يقم بواجبه هو ومؤسسة الأزهر فى تصحيح أخلاق الأمة التى فسدت من جراء أحداث ومتغيرات عدة، ونسى الفريقان أنه لا خصومة فى إنقاذ أمة، والرئيس لا يضمر شيئًا لشيخ الأزهر فهو الذى وقف بجانبه حاميًا لشخصه وللأزهر فى عهد حكم الإخوان وكان يومها يترأس وزارة الدفاع.


الحدث الثالث كان حفل افتتاح مهرجان القاهرة السينمائى الدولى، عندما اعتلت وزيرة الثقافة المسرح لتلقى كلمة هزيلة ركيكة لا تليق بالأمة المصرية وحضارتها وثقافتها فى محفل دولى على أرضها ولا يليق بالسيدة الوزيرة أن تقحم نفسها إلا بالإعداد الطيب واللائق والاستعانة بمن يساعدها فى ذلك وكفى بِنَا تدهورًا، والأكثر من ذلك المخرج الروسى الذى تم تكريمه فى إطار فعاليات الاحتفالية كون روسيا ضيف شرف المهرجان، فإذا بالمخرج المحتفى به لا يلفت نظره إلا الفساتين الجميلة للنساء الحضور، وهذا دليل على أن تقديم الحفل لم يكن به ما يشد انتباه الضيوف فلا الكلمات بقدر مصر ولا التقديم جذاب حتى أن كل ممثل أفرغ ما فى جعبته من امتعاض على المسرح دون مراعاة أن هناك ضيوفًا.


وفى هذا نردد ما قاله أمير الشعراء أحمد شوقى (إنما الأمم الأخلاق ما بقيت.. فإن هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا) وقول الجاحظ (لا مروءة لكذوب ولا ورع لسيئ الخلق).

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز